عودة السفير المصري… اسرائيل تنتصر دون حروب

pain meds online with no prescription. قررت الحكومة المصرية امس الاول تسمية سفير جديد إلى تل ابيب للمرة الاولى منذ سحب السفير السابق قبل ثلاثة اعوام احتجاجا على العدوان الاسرائيلي على غزة حينئذ.
وبالطبع لقي القرار ترحيبا كبيرا في اسرائيل بالنظر إلى ما تعانيه من شبح عزلة دولية تزداد اتساعا بالتوازي مع سياسات عنصرية تعتمدها ضاربة عرض الحائط بما يسمى بـ «المجتمع الدولي».
وحتى اذا كان القرار متوقعا او طبيعيا في ظل تكريس التعاون الاستخباراتي في سيناء بشكل خاص، وهو ما ساعد الجيش المصري على استعادة زمام المبادرة هناك، فانه يبقى مفاجئا، بل وقاسيا من اي منظور وطني او قومي.
ويبدو ان الحكومة المصرية تعمدت التمهيد النفسي او الإعلامي للقرار بفتح معبر رفح لاسبوع كامل قبل بدء شهر رمضان، ثم اعلان اعادة فتحه مجددا هذا الاسبوع، ما يدعم تكهنات بحدوث نوع من «الانفراج» في العلاقة مع حركة حماس كما قالت بعض التقارير.
لكن الواقع ان المطلوب من مصر يبقى اكبر كثيرا من مجرد فتح معبر، او اغاثة اهالي القطاع الذين يعيشون كارثة انسانية بكل المقاييس، ناهيك عن ان هذا استحقاق قانوني وواجب انساني قبل ان يكون قوميا.
وحاول مراقبون الربط بين القرار والمبادرة الفرنسية لاحياء عملية السلام التي ايدتها القاهرة، باعتبار ان وجود السفير سوف يساعد في الاتصالات الضرورية للضغط على اسرائيل في هذا الشأن. لكن الواقع هو ان مجرم الحرب نتنياهو قد اعلن رفضها فعلا، كما ان الحكومة الفرنسية نفسها قالت انها لن تسعى إلى فرض مبادرتها على احد(…).
كما حاول البعض في الإعلام المصري ان يعزو القرار إلى مزاعم بوجود اتصالات سياسية بين اسرائيل وحركة حماس بهدف التوصل إلى هدنة طويلة الأجل، ناهيك عن وجود « تطبيع مجاني» بين اسرائيل وعدة دول عربية لم تحارب، ولم يسقط لها شهداء، ولم تحتل اراضيها، وبالتالي سيكون الرد على الانتقادات لعودة السفير بالقول «انهم يحرمون علينا ما يحلونه لأنفسهم».
وبغض النظر عن مدى صحة هذه المزاعم، فان متطلبات المصلحة الوطنية المصرية تبقى كافية لضرورة مواجهة توحش اسرائيل واستهزائها بكافة القرارات الدولية والمرجعيات والاتفاقيات الخاصة بتحقيق السلام، وهو ما ادى إلى اغضاب حتى بعض اقرب حلفائها.
الواقع الحزين هو ان عودة السفير المصري إلى اسرائيل بدون مقابل حقيقي على صعيد تحقيق الثوابت والحقوق الوطنية الفلسطينية لا يمكن ان تبدو الا «مكافأة» للتعنت الاسرائيلي بل وتشجيعا له، وهو ما يتطلب تحركا مصريا سريعا في هذا الاتجاه.
ولا يمكن النظر إلى القرار المصري ايضا بمعزل عما تشهده خريطة التحالفات الاستراتيجية وتوازنات القوى في الاقليم من تغييرات اقرب إلى زلزال حقيقي، ما يدفع القوى الاساسية إلى جمع الاوراق للاستقواء في مواجهة مستقبل يكتنفه الغموض.
ومن هذا المنطلق قد يتوجب التوقف عند اسئلة موضوعية ومشروعة، ومنها:
اولا: هل تمثل عودة السفير المصري إلى تل ابيب هذه المرة تمهيدا لتطبيع عربي اسرائيلي يفرضه اقليميا تقاطع مصالح دول اساسية، واعادة تعريف لـ «العدو» الذي اصبح إيران وليست الدولة العبرية بالنسبة للبعض، كما تتطلبه فلسطينيا اي «صفقة سلام» محتملة باعتباره «ثمنا مقدما» تصر عليه اسرائيل بعد ان اصبحت تدرك ان القضية الفلسطينية ربما فقدت «الحاضنة العربية» في ظل الانهيارات والحروب الاهلية والطائفية التي تضرب المنطقة؟
ثانيا: هل تسعى القاهرة، عبر اعادة السفير، إلى الاستقواء باسرائيل والكونغرس الأمريكي ضد ادارة اوباما بالنظر إلى استمرار توتر العلاقات معها، لأسباب عديدة بينها انتقاداتها للاوضاع الحقوقية وخاصة تلك المتعلقة بالاخوان، رغم انها اضطرت مؤخرا إلى استئناف المساعدات العسكرية؟
ثالثا: هل تمثل عودة السفير سعيا إلى «ترضية اسرائيل» مقابل تكريس الواقع العسكري الجديد في سيناء الذي فرضته مواجهة الهجمات الإرهابية، حيث اصبح للقوات المسلحة المصرية تواجد واسع وقوة هجومية كبيرة من مختلف الاسلحة، وقيادة موحدة للجيشين الثاني والثالث، ما ادى عمليا إلى جعل الشق العسكري من معاهدة السلام مع اسرائيل جزءا من الماضي؟
انها اسئلة تكفي لاعادة رسم الخريطة السياسية للاقليم، وتقرير مسارات بعض اهم ازماته، لكنها لا تبدل من حقيقة ان اسرائيل اصبحت لا تكف عن حصد المكاسب والانتصارات، ومن دون حرب، في محيط يتهاوى بل ويتهافت ايضا.

عن admin

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …