محمد عساف… سي السيّد

بقلم: سما حسن

كان طفلاً صغيراً، تصحبه أمه إلى حفلات إحدى مدارس “أونروا”، حيث تعمل معلمة هناك، ليقف على استحياء أمام التلميذات والمعلمات وناظرة المدرسة، ويغني بعض ما حفظه من أغانٍ وطنية، وكان التصفيق حوله يدوّي إعجاباً بصوته، وبمجاملةٍ قليلة للأم المعلمة، لكن الطفل كان موهوباً حقاً، ولذلك، ومع موهبته، وبقليل من المصادفة والحظ الحسن، وصل إلى أحد برامج المسابقات التلفزيونية، وأصبح “محبوب العرب”.

ولكن، ليس معنى أن يكون محمد عساف شاباً مكافحاً وموهوباً وفناناً من غزة أن يتخلى عن ما تربى عليه من عاداتٍ، أو ما درج عليه من أفكار راسخة، يعمل بها الكثير من الرجال، الذين مهما حاولوا الادعاء، إلا أن ذكوريةً طاغيةً، تتحكم في اختيارهم شريكة حياتهم، فالرجل الشرقي يعجب بالمرأة المتحرّرة التي تنافسه في مركز مرموق، وذات الشخصية المتحدثة والطاغية الحضور. ولكن، حين يفكّر في الزواج يختار شخصية نمطية تقليدية، تشبه شخصية الأم في رواية “بين القصرين”، فأمينة هي الشخصية النموذج التي ستريح رأسه، ولن تجلب له المتاعب، ولا المشكلات، ولن تزيد من أعبائه، لأنه يريد العودة إلى البيت، لكي يرتاح، وليس لكي يبدأ جولات جديدة من الجدال والمناكفة، على حد تعبيره، فيكفيه ما يرى من ذلك من زميلات العمل اللواتي يمتلكن إصراراً عجيباً على مزاحمته، هو وزملاؤه في المناصب والعلاوات والترقيات.

المرأة التي يأمن الرجل الشرقي جانبها، من حيث المنافسة والمناكفة والمطالبة بحقوقها، والتذمر من تردي وضعها، ليست من أمثال لينا القيشاوي التي خطبها عساف فترة قصيرة، ثم أعلنا انفصالهما، لأسبابٍ، محورها الأول أن الرجل الشرقي مازال طاغياً وحاضراً في شخصية “محبوب العرب” وتكوينه، فالفتاة التي هي من أصل نصف فلسطيني (أمها أوكرانية) متحرّرة، واثقة من نفسها، وتعمل مقدمة برامج، ولديها جمهورها ومتابعوها، وليست أي فتاة عادية، حصلت على وظيفةٍ، بعد جهد جهيد، وتعمل لتعيل نفسها، ولترفع عبء مصاريفها عن عائلتها، وتريد الشاب الذي يتزوجها، ويطلب منها أن تتقدم باستقالتها، فتلاقي طلبه بالقبول السريع، لأنه سوف “يستتها” ويريحها، ولو أنها في أول عراك بينهما، أو مواجهة، سوف تذكّره بأنها تنازلت عن وظيفتها، من أجل البيت والأولاد المستقبليين.

إن كان كثيرون قد عابوا على محمد عساف أنه طلب من لينا القيشاوي أن تترك عملها بعد الزواج، فهذا مطلب طبيعي، وغير صادم بالنسبة لشخصية عساف الذي تلتف آلاف المعجبات حوله، وهن من نموذج الفتاة التي تسهر وحدها حتى وقت متأخر، ولا تتورّع عن الصراخ والتصفيق على المسرح، ولا ملاحقة مطربها المفضل، ولا تتردد في أن تقوم بأي عمل لافت، يراه هو منافياً لأخلاق الفتاة الشرقية وحشمتها.

سيخسر كثيراً هذا الفتى الغارق في الشهرة والنجومية ابن المخيم، والذي لعب في حواريه، وكان يذهب إلى الصيدلية المجاورة لبيته، ليشتري دواء المغص لشقيقه الصغير، وهو يرتدي فانلته الداخلية، بسبب الحر الشديد. سيخسر زواجاً مستقراً هانئاً، لأنه لو أعاد التفكير، وارتبط بفتاة من غزة، فهي التي ستطلب فسخ الخطوبة، لأنها لن تحتمل جيوش المعجبات حوله، وستثور حمية بنت المخيم بداخلها على رجلها، إنْ لم تحصل على دورات متعددة في التكيف مع دور زوجة النجم.

هذا الفتى الأسمر النحيل حائر ما بين بيئة ضيقة نشأ وترعرع فيها، هي بيئة غزة، وبيئة منفتحة إلى أقصى حد، هي بيئة عالم النجومية الذي دخله، ولن يستطيع الخروج منه. ولن يهنأ بزواج ناجح، إن لم يتخل عن الرجل الشرقي الذي يطلب من زوجته أن تترك عملها، لأن لديه من المال ما يزيد ويفيض. وأعتقد أنه ليس من السهل عليه أن يعثر على “أم العيال المستقبلية” التي ترضخ لهذا الواقع، وتنتظر عودة “أبو العيال”، والذي يتحدث عنها بامتنان وتقدير على الهواء مباشرة، ويكنيها باسم أكبر أولاده منها. cb1 weight gain.

عن admin

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …