مزادات التصاريح وشبكات الاستغلال تستنزف جيوب عمال الضفة

تتسع يوما بعد يوم شبكات بيع التصاريح لعمال الضفة الغربية المحتلة، الباحثين عن فرصة للعمل بأراضي48، بالرغم من كل وعودات السلطة الفلسطينية وكذا “إسرائيل” بوضع حد لهذه الدائرة المتسعة من حلقات استغلال العمال.

ونشر بنك “إسرائيل” قبل أيام دراسة أشارت إلى أن ثلث عمال الضفة ممن يحملون تصاريح اشتروها من خلال سماسرة، ودفعوا مبلغ (480) مليون شيقل مقابل ذلك في عام 2018.

ويستعرض المحامي محمد أبو ناصر ماذا يعني شراء تصريح من خلال سماسرة قائلا: “يقسم العمال إلى قسمين، الأول ممنوع أمنيا من الحصول على تصاريح وبالتالي لا إمكانية لاستصدار تصريح له، والثاني تنطبق عليه شروط الحصول على تصاريح، ولكن ليس بالضرورة أن يحصل عليه”.

وأضاف “بالنسبة للفئة الثانية، فإن قسما منهم يحصلون على تصاريح من مكتب العمل ويتمتعون بحقوق عمالية كاملة، كما أن قسم منهم يحمل تصاريح غرف تجارية وفق الكوتة المخصصة لكل محافظة، وقسم يدخل بدون تصاريح وهم من تجاوزت أعمارهم الـ55 سنة”.

واستدرك أن ما يفتح الباب أمام هذا النوع من التصاريح، هو أن عدد التصاريح المخصصة للعمل من قبل سلطات الاحتلال محددة بكوتة معينة لكل قطاع، وبالتالي حين يحتاج قطاع الزراعة أو البناء عمالا خارج الكوتة المحددة يتم العمل من خلال شراء تصاريح بمجالات أخرى.

تجارة رائجة

كذلك يعتبر هذا المجال تجارة مربحة للشركات في الداخل المحتل، فأحيانا يتم تسجيل شركات وهمية من أجل استجلاب تصاريح لعمال عليها، ويأخذ صاحب الشركة مبلغا من العامل وهو لا يعمل لديه، وفي المقابل يسجل لدى الدوائر الإسرائيلية عدد العمال ويدخل ويخرج أموالا ويتهرب ضريبيا بشكل أو بآخر، أو يكون لديه أعمال ويسجل عددا أكبر من العمال الذين يستخدمهم”.

وتنشط في الضفة الغربية شبكات وسماسرة لبيع التصاريح بشكل علني، ويقول ماجد- وهو عامل يمتلك تصريحا لستة أشهر من خلال هؤلاء السماسرة ويعمل في مجال الحدادة في شفا عمرو بأراضي 48- حول كيفية حصوله على التصريح: “أنا أدفع للسمسار مبلغ 2200 شيقل شهريا مقابل التصريح، وبالنسبة لي فهو مُجدٍ لأني أعمل بيومية 500 شيقل، ولكن الأمر غير مجدٍ لمن يعمل عاملا.”

بينما لا تخلو العملية من نصب واحتيال، فأحيانا يتعرض العمال الراغبون في الحصول على هذه التصاريح للنصب، من خلال دفع مبالغ مقدما للسمسار، في حين لا يصدر التصريح، وأشار حسني أبو صالح إلى أنه دفع مبلغ 3000 شيقل لسمسار ولم يحصل على تصريح، فيما اكتشف أن عشرات آخرين دفعوا مبالغ مماثلة لذات الشخص.

جماعات مصالح

وتتضارب آراء الناس حول هذه التصاريح، فبالرغم من أنها استغلال للعامل، إلا أن العمال يقولون إن هذا الشكل من الاستغلال أقل ضررا من اضطرارهم للمخاطرة بحياتهم وسلوك دروب التهريب الوعرة من أجل الدخول لأراضي 48، والعيش بحالة رعب طوال الوقت من ملاحقات شرطة الاحتلال.

ويدافع عن ذلك العامل أبو صالح، مشيرا إلى أن تكلفة التنقل من خلال التهريب بدون تصريح مكلفة أيضا، وتحتاج لنحو 300 شيقل على الأقل في كل مشوار، عدا المخاطرة، وتتطلب المبيت لفترة طويلة في الداخل لأنك لا تستطيع أن تدخل وتعود مهربا كل يوم، عدا عن السجن والغرامات العالية في حالة القبض عليك.

وعلى الرغم من أن ما يُدعى “المنسق” الإسرائيلي أعلن أكثر من مرة سابقا عن محاربة ظاهرة استغلال العمال من خلال السماسرة، إلا أن ذلك لم يكن سوى من باب الدعاية، لأن شيئا لم يتخذ على الأرض لوقفها، كما أن القضاء عليها يتم بسهولة من خلال زيادة أعداد التصاريح الممنوحة من خلال مكتب العمل الإسرائيلي، وهو ما لا يتم.

ومن متابعات مع السماسرة والمجربين قالوا إن شبكة التهريب تضم أطرافا متعددة تتقاسم هذه الأموال الطائلة، فالمشغل الذي تصدر باسم شركته التصاريح مستفيد، وكذلك ضباط في جيش الاحتلال مرتشون، إضافة إلى السماسرة المباشرين الذين يتقاضون نسبا معينة، وبالتالي فإن هذه الشبكات تحافظ على وجودها وتجارتها التي تدر الملايين.

عن Maha Yousef

شاهد أيضاً

“فتح” تفند ما جاء في مواقع إلكترونية حول الأسير مروان البرغوثي

نفت حركة التحرير الوطني الفلسطيني” فتح” ما جاء في بعض المواقع الإلكترونية المشبوهة حول عضو …