رمضان وتحديات المحتوى الإعلامي العربي

بقلم: مأمون المسّاد

لم تتح لي فرصة كافية لمتابعة كافة الأعمال العربية عبر الشاشات خلال الأيام الأولى من الشهر الفضيل الا أنني أتحين الفرص لالتقاط تعليقات المتابعين والبحث عن هذه القنوات والمواد المشار اليها، وهنا التقط وبعد تفحص لهذه الأعمال أزمة تدور في أروقة الإعلام العربي عنوانها سيطرة رأس المال على سياسة وسائل الإعلام وخطها التحريري عموما.

في سنوات سابقة انعكست الحالة السياسية السائدة على الأعمال الدرامية، وانعكست المواقف لهذه الدول على هذه الأعمال، وهو ما شكل أزمات تضاف الى الأزمات السياسية، وهو خط يمضي هذا العام أيضا ليفاقم فجوة التباعد ويعزز الانقسام بين الدول العربية.

ما يقدم عبر الشاشات العربية بإسقاطات ورسائل سياسية في الغالب يغيب عنه الحبكة الدرامية والية المعالجة، كما تابعنا في بعض الأعمال، وكأن الرؤية الإبداعية لكاتب او معد العمل او مخرجه مدفوع بسوط المادة الى تقديم رسائل نظر لها الجمهور العربي في مرحلة من المراحل عقيدة لا يمكن التنازل عنها او المساومة عليها، كما الحال بالنسبة للتطبيع مع العدو الإسرائيلي، واليهود في الجزيرة العربية وغيرها.

حالة أخرى سلبية في المحتوى التلفزيوني العربي تمثلت في الابتذال والإسفاف في معالجة مواضيع تطرحها اعمال درامية تحت عنوان الترفيه، فتارة نجد برامج تمارس السادية في مقالب وكوميديا وان كانت بالاتفاق وتمثيلية لا تعكس القيم الإنسانية في احترام مشاعر الإنسان ومواقفه، وتارة نجد اللغة السوقية والركيكة التي لا يعرفها الا قلة قليلة ولا يجب ان تقدم للعائلة العربية، مبتعدة عن منظومة القيم والأخلاق.

ان حجم الإنفاق على خريطة المحتوى التلفزيوني العربي تقارب في رمضان الحالي الربع مليار دولار، يغلب عليه الطابع التجاري دون مراعاة لحاجة المشاهد الى جرعات من الأمل والمعرفة المجتمعية، ولعلي هنا لا اعمم ولكني ايضا استقراء ان مستقبل التلفزيون التقليدي في طريقه الى الانحسار وربما الزوال أمام صعود نجم الإعلام الرقمي «الديجيتال»الإعلام الجديد في مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات ومدونات الإبداع عالميا وعربيا حيث يقصّر مدد المحتوى التي تتسم بالطول والملل تلفزيونيا، في ظل إن المشاهد بات يحتاج إلى محتوى سريع ومفيد، وهذا ما يتميز به محتوى الإعلام الرقمي «الديجيتال»، إضافة إلى ضرورة أن تتوافر الصورة ضمن المحتوى..

وهناك تحد آخر لهذا العام يتمثل بتقلص سوق الاعلان والدعاية لموسم شهر رمضان الحالي للمحتوى التلفزيوني بسبب مفاجأة جائحة كورونا لمعظم الدول العربية، وتوقف حركة الإنتاج والشركات التي اختارت ان تتحول في مخصصات الدعاية والإعلان الى دعم بلدانها في مقاومة ومحاربة الوباء وتقلص أرباحها المتوقعة لتوقف نشاطها التجاري.

اننا في الإعلام العربي مدعون اليوم الى البحث في آليات التكييف الثقافي مع تحديات المرحلة، ورسم مراحل المستقبل بما يتطلبه جمهور المتلقين التواقين الى مراعاة المستوى الفكري والحاجة الى معالجة قضاياهم اليومية بما يتلاءم وهذه الاحتياجات.

عن “الدستور” الأردنية

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …