مكانة مجلس النواب

بقلم: حمادة فراعنة

قد يكون رهان الأردنيين على مجلس النواب في مكانه، باعتباره منتخباً من جانبهم، أسهموا في اختياره، ويفترض أنه منهم ولهم، معبراً عن أرادتهم وخيارهم، ولذلك يراهنون عليه، على أعضائه « يتعشمون» به وعليه، لأنه الأقرب لهم، فالنائب يُفترض أن يكون ابن منطقتهم، ساكن عندهم، يتحسس ظروفهم، يتعاطف معهم، يعمل عل تحسين أحوالهم، يُلبي طلباتهم، سواء نحو معالجة المريض، أو توفير منحة دراسية، أو توظيف أحد أولادهم، وقليلاً منهم يتطلع إلى شيوع الديمقراطية، وتحرير فلسطين، وتحقيق الوحدة العربية، وإذا تمادى أحدهم بطلباته يرغب في تأدية فريضة الحج أو أي طلب من هذا القبيل.

دور النائب الأردني خدماتي أكثر من أي طلب آخر حتى ولو كان على حساب التشريع والمراقبة، فالدور التشريعي للنائب ضرورة حيوية وظيفية، استكمال لعمل الحكومة، وتلبية لمطالبها، أما الدور الرقابي فهو إضافي تتحمله الحكومة على مضض، وإذا تمكنت من الرد أو التوضيح فخير وبركة، وإذا لم تتمكن فهو الإهمال، ذان من طين وذان من عجين.

دور مجلس النواب الرسمي استكمال وظيفي، تأدية مهام في نطاق المطلوب، ولذلك يتم التحكم فيه عبر قانون مُقيد غير ديمقراطي، وليس صدفة أن القانون تجريبي، لكل دورة قانونها بهدف عدم مراكمة الخبرات لدى المرشحين أو لدى الناخبين.

لدينا ثلاث محطات انتخابية: مجلس البلدية، مجلس المحافظة، ومجلس النواب، ويفترض أن مجلسي البلدية والمحافظة يقومان بمهام الخدمات، وترك مجلس النواب ليتفرغ للتشريع والمراقبة، ولكن هذا غير متوفر.

شعبنا لا يساعد مجلس النواب للحفاظ على دوره الدستوري، بل يتعرض للمس والنقد أكثر مما تتعرض له مؤسسات رسمية أخرى، لأن مجلس النواب حيطة واطية، وهذا مدروس متعمد حتى لا يحصل النواب على المكانة الدستورية التي تُليق بهم.

مررنا بأزمة الكورونا فتعطل مجلس النواب وكأنه بلا فائدة، وجوده مع غيابه واحد، أو كأن المجلس يقف عائقا أمام قدرة الحكومة على تأدية واجباتها الوظيفية لحماية الأردنيين.

إذا لم نصل إلى قناعة أن مجلس النواب هو حائط الصد لحماية الناس من تغول الحكومة، وأنه حائط الصد لحماية الدولة من كل محاولات التطاول عليها والمس بأمنها مثله مثل الجيش وأجهزة الأمن، لا يقل عنهم دوراً وظيفياً وأهمية، نكون أسرى في عدم إدراك حقوقنا الدستورية.

مثلما اعتمدت الحكومة على القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لفرض إجراءاتها بنجاح، كان يُفترض أن تعتمد على مجلس النواب لتغطية قراراتها وتوفير مظلة حماية لتوجهاتها، لا أن تبقى الحكومة مع مؤسساتها لاعبا وحيدا في إدارة المشهد الوطني برمته.

ثمة خلل يحتاج لتصويب قبل فوات الأوان، بدعوة مجلس النواب للانعقاد والتشغيل، فالدولة لا تُدار فقط بالسلطة التنفيذية، وهذا يعني أنها تقف على رجل واحدة عرجاء، عليها أن تقف على رجلتين براحة وقناعة، وإن لم يكن كذلك، يجب أن تكون المطالبة إجبارية من قبل الأردنيين من طرف، ومن مجلس النواب من طرف إضافي كي تكتمل الدائرة، لا أن يُسجل على الأردن أنه أخل بحقوق الأردنيين بسبب الكورونا، وان لا يكون الكورونا حُجة لخطف حقوق الأردنيين الدستورية.

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …