آسيا العربية في خطر

بقلم: حسني عايش

أدت اتفاقية أوسلو إلى إلغاء المقاومة حيث توجد سلطتها. صارت حاجزا بين المغتصِب للوطن والشعب الفلسطيني. صار أي احتجاج شعبي ضد اسرائيل لا يبدو أنه ضد اسرائيل، وإنما ضد السلطة، وكأنه مجرد احتجاج عابر بين السلطة والشعب، فغابت إسرائيل التي تفتك به على نحو آخر عن عيون العالم.

وهو ما يدركه الطفل الفلسطيني فلا يقاوم، لأنه لا فائدة من أي مظاهرة أو صدام يقع بينه وبين السلطة، أي بين فلسطيني وفلسطيني.


لو لم تكن السلطة موجودة وكان حكم اسرائيل التعسفي مباشرا لكان الصدام معها وجها لوجه، ولظهر جيشها وهو يقمع ويكسر أيدي وأرجل الفلسطينيين ويطلق الرصاص على رؤوسهم ويفتك دمويا بهم، وليستفز ذلك العالم، ويدين اسرائيل عليه.
تسيطر إيران «الاسلامية» على أربع عواصم عربية رسميا وميدانيا وتسعى للمزيد. ومع هذا تدعى أنها تدعم المقاومة الفلسطينية السنية ضد اسرائيل.

أزعم أن هذا الدعم تكتكي أكثر منه استراتيجي، وهدفه إظهار الاتساق بين دعم المقاومة الشيعية في لبنان لإسرائيل والمقاومة السنية لإسرائيل في فلسطين وبالتالي كسب الرأي العام الفلسطيني والعربي.
إنا أدعي أنه لولا أن جنوب لبنان شيعي تابع لإيران مذهبيا وإماميا لما دعمت المقاومة اللبنانية لإسرائيل هناك بمثل هذا الزخم. لو كان هدف إيران الإستراتيجي تدمير إسرائيل كما تدعي، لكان الوقت الحالي أفضل ما يكون لذلك، لأن إيران تتظاهر بتطوير اسلحة دمار شامل وبإبرازها في الاستعراضات والمناورات، وتهدد أميركا بها. وبقيامها بذلك ستأسر عقول وقلوب العرب والمسلمين أجمعين.


وفي لبنان الذي أعلن إفلاسه وجاع ناسه يستمر حزب الله في رفع علم المقاومة بعد تحريره الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي، بحجة استمرار احتلال إسرائيل لمزارع شبعا، فكيف تشارك حركة مقاومة في الحكم؟ لو أن التحرير الكامل تم لكان ذلك مقبولا، أما الادعاء باستمرار المقاومة والاحتفاظ بسلاحها، والإصرار على المشاركة في حكم لبنان فغير سليم وبخاصة أن الغرب المؤثر الذي إذا دار ضد كيان عربي دمره، يحاصر لبنان وسورية بهذه الحجة. يا حزب الله ابقَ حركة مقاومة وأرح لبنان من الحصار والكارثة، أو أعلن انتهاء المقاومة وسلّم اسلحتك للحكومة لتشارك فيها، أو انتقل إلى سورية.
أما تركيا فسياستها «العربية» أغرب من الخيال، أو أخطر عربيا من أي مقال.

فمن جهة نراها ترعى الإرهاب في سورية والعراق ثم في ليبيا الآن، وتبتز أوروبا به، وأخرى نراها تتظاهر بعدائها لإسرائيل، مع أنها شريك تجاري كبير لها.
تركيا تلعب بعدة أوراق أو على عدة حبال في الوقت نفسه، فأحدها السعي الاستراتيجي لضم أراض سورية وعراقية، مستغلة حربها ضد «الإرهاب» الكردي، مع أن الأكراد هم أصحاب الأرض الأصليون والأتراك طارئون تاريخيا على آسيا الصغرى.
ومن جهة ثالثة تبدو تركيا حريصة على الإسلام والمسلمين، فتتحالف مع الإخوان المسلمين المصريين والليبيين لإقامة نظام إسلامي في ليبيا، وهدفها الانطلاق منه وعينها على مصر، واستعادة الإخوان لمصر. ومن جهة رابعة السيطرة على موارد النفط والغاز في ليبيا وشرق المتوسط وجنوبه، إضافة إلى شمال سورية والعراق وإسقاط التحالف المصري اليوناني القبرصي ضدها في هذا الموضوع.


أما مصر فتعاني من أزمتين كبيرتين: الأولى التهديد من ليبيا ويتمثل بمحاولة تركيا إقامة نظام حكم إسلاموي معادٍ لها هناك، والثانية تهدد وجود مصر نفسها تتمثل بسد النهضة. وأزعم أن مصر قادرة على مواجهة الأزمتين منفردتين ومجتمعتين ما لم يكن عبدالحكيم عامر خفيا موجودا في القوات المسلحة.
قطر ذات السياسة الرباعية الناجحة، تقيم علاقات حسنة مع إيران جنبا إلى جنب توجد قاعدة أميركية فيها. وهي في الوقت نفسه تمتلك علاقات جيدة مع الجماعات الإسلامية في سورية والعراق التي تحاربها إيران وحزب الله. وتقيم علاقات مع إسرائيل، مع أنها تدعم حماس في غزة بموافقتها، ورأينا كيف أن العلاقات مع أميركا متطورة إلى درجة التوسط بينها وبين طالبان، وتوقيع اتفاقية سلام بينهما.


آسيا العربية في خطر جسيم، لتنافس ثلاث دول إقليمية قوية توسعية اغتصابية عليها وهي إسرائيل، وإيران، وتركيا.

عن “الغد” الأردنية

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …