وأد السلام في ظل خطاب الكراهية الإسرائيلي!

بقلم: ميساء أبو زيدان

جاءت الشرعة الدولية دستوراً يختص بالقانون العالمي لحقوق الإنسان في تأكيدٍ وترسيخِا لمجموعة الصكوك الحقوقية التي أعدتها الأمم المتحدة، وارتبط كمفهوم بنشأة الدولة والقانون بهدف إرساء معالم المجتمع المدني القائم على الحريات والمساواة والحد من النزاعات ومظاهر التمييز والعنصرية والكراهية التي سادت العالم في بدايات القرن العشرين.

أحد مكونات الشرعة الدولية هو ” العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ” الذي تضمن فقرات واضحة تُجرم كل مَن يُحرض وينشر الأفكار القائمة على التفوق العنصري والكراهية ضد الآخر، وتأتي الحاجة ملحة لتكريس المفهوم واقعاً في كافة المجتمعات خاصة تلك التي تشهد النزاعات والمتعددة الثقافات بظل إساءة استخدامه كمفهوم والتسارع الهائل في عالم الاتصالات والتكنولوجيا.


استندت القوانين التي حظرت خطاب الكراهية على مسوغٍ هام أشار إلى كون هذا الخطاب يتعارض وقيم التعايش المشترك والتسامح مع الآخر وينبذ فكر الأيدلوجيات المتطرفة، ما يتعارض ومنطلقات الأيدولوجية الصهيونية التي أسست فكر التفوق على الآخر ونبذه حسبما أظهر تاريخها.

تباينت آراء الباحثين والمؤرخين بخصوص تصنيف الأيدولوجية الصهيونية وعما إذا كانت قومية علمانية أم دينية تنبع من الفكر اليهودي، بيد أن المد اليميني الذي ساد الأوساط الإسرائيلية مؤخراً جاء ليحسم المسألة بل دلل على أن الحاخامات هي التي تسيطرعلى الفكر الصهيوني وتحظى بالنفوذ. الحال الذي لم يأتِ وليد العقود الأخيرة إذ أن ثيودور هرتزل مؤسس الصهيونية (الأب الروحي للدولة اليهودية) كان قد أدرك خصوصية وطبيعة العلاقة بين الصهيونية والبعد العقائدي لها (الذي لم يتسم بالثبات لاعتبارات استعمارية)، فحرص على استمالة الحاخامات الصهاينة وعمل على تمكين الصهيونية السياسية من خلال المنطلقات الدينية اليهودية حيث وجد في مكوناتها الأداة الفاعلة لشحن وتعبئة فئات وقطاعات هامة من اليهود فسخرها تحقيقاً لأهداف الصهيونية الاستراتيجية.


استثمر زعماء الصهيونية الديني للقومي ووظفوا فكرة «الوعد الإلهي» خدمةً لتبرير سياساتهم التطهيرية ضد الآخر التي استندت على خطاب الكراهية؛ الخطاب الذي شاب لغة القادة الإسرائيلين المعتدلين منهم قبل المتطرفين فمن اسحق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي شرعن بقرار سياسة تكسير العظام (دفع حياته ثمناً لخطاب الكراهية) وصولاً لبنيامين نتنياهو الذي أُتخِمَ خطابه بالكره والعنصريةً.

اتسم الخطاب الإسرائيلي بالمرواغة والإبهام وعدم التجانس لكن معظم ديباجاته البلاغية اعتمدت الصبغة الصهيونية المُهوِّدة، أما نتنياهو رئيس حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف فقد جاء متخلصاً من التكلف اللغوي مصرّحاً بعمق الشعور بالتفوق العرقي واختزان الكره ونبذ الآخر. 
عُرَف بنيامين نتنياهو بحقده وعنصريته وعنجهيته من خلال خطابه التحريضي العنصري وهو الذي دفع وأسس لجريمة حرق الطفل (محمد أبو خضير) كما باقي الجرائم والممارسات التي لا زالت ترتكتب بحق الفلسطينيين، وهو الذي اعتُمِد منهجيةً ثابتة استُخدمت في التحريض ضد العرب داخل المجتمع الإسرائيلي وُثِقت خرقاً لدى إدارة أحد وسائل التواصل الاجتماعي عندما أرسل من صفحته العبارة التالية «العرب يريدون القضاء علينا جميعا نساء، أولااد ورجالا»، بل إن نتنياهو ذهب بأبعد من ذلك ليستخدم لغة التحقير والتشكيك والتشهيبر بحق خصومه السياسيّن.


خطاب الكراهية الذي أُصِل الفكر الأساس للحركة الصهيونية وأزاح الستار عن مضامين التوجهات الإسرائيلية منذ بدايات القرن العشرين وأقحِمَ وعياً لدى مختلف الفئات والمكونات الإسرائيلية، الخطاب الذي وأدَ لغة الاعتدال والعقل وتفاخر به زعيم اليمين الإسرائيلي المتطرف لا يدلل بأي حال من الأحوال على امتلاك ثقافة السلام والعيش المشترك واعتبار الآخر شريكاً له.

عن “الدستور” الأردنية

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …