الاختبار الحقيقي لمصداقية مواقف أوروبا

حديث القدس

خلال زيارته للأراضي الفلسطينية أمس، واجتماعه مع رئيس الوزراء، د. محمد اشتية، ووزير الخارجية، رياض المالكي، قال وزير الخارجية الايطالي، لويجي دي مايو، ان ايطاليا لن تعترف بأي تغيير اسرائيلي على الأرض في الأراضي المحتلة منذ 1976، بما فيها القدس وأنها ثابتة على موقفها بعدم شرعية المستعمرات، وهو موقف ينسجم مع موقف الاتحاد الاوروبي بهذا الشأن، إلا أن هذه التصريحات الصادرة عن وزير الخارجية الأوروبي ونظرائه في الاتحاد، على أهميتها، لا تتجاوز التعبير النظري المبدئي إزاء القضية الفلسطينية، خاصة وأن الشعب الفلسطيني لم يلمس من أوروبا حتى الآن أي تحرك جدي للضغط على اسرائيل للامتثال للقوانين والقرارات الدولية أو الاستجابة للمواقف التي تتبناها أوروبا نفسها، التي تملك الكثير من أوراق الضغط.

وقد يتساءل البعض، لماذا نطالب أوروبا بممارسة ضغوط على الاحتلال؟ ونقول هنا أن أوروبا عموما وعددا من دولها خاصة بريطانيا وفرنسا، تتحمل مسؤولية ازاء المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، منذ اقامة اسرائيل على أنقاض الشعب الفلسطيني عام 1948، كما انها دعمت ولا تزال تدعم اسرائيل حتى اليوم، سواء اقتصاديا او عسكريا او علميا.. الخ.

وغني عن القول هنا، أن أوروبا التي ترفع شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، ولديها قوانين ومحكمة حقوق الانسان، لا تزال حتى اليوم تغض الطرف عن الانتهاكات الاسرائيلية الجسيمة لحقوق الانسان الفلسطيني وعن ما أكدت عدة منظمات حقوقية دولية انه يرتقي الى جرائم حرب في ممارسات اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، بينما رأينا أوروبا تتحرك بشكل فاعل ضد دول عربية أو افريقية تحت نفس الشعارات، وحتى انها تدخلت عسكريا في أكثر من منطقة بالعالم، رافعة هذه الشعارات فيما تقف صامتة ازاء ما تركتبه اسرائيل.

ولهذا نقول، ان هذه الازدواجية الأوروبية، تدفع الى التشكيك بمصداقية أوروبا، الى درجة ان البعض يصف مواقفها بالنفاق، فيما البعض الآخر، يعتبر المواقف النظرية الأوروبية مجرد ذر للرماد في عيون العرب، فيما تنسجم سياساتها العملية مع الولايات المتحدة واسرائيل.

ولكننا نقول ان اوروبا اذا كانت معنية بالحفاظ على مصداقيتها واذا كانت معنية بتجسيد شعاراتها ومبادئها فإن أقل ما هو مطلوب منها، هو ترجمة هذه المواقف الى خطوات على الأرض. فإذا كانت اوروبا لا تعترف بأي تغيير اسرائيلي في الاراضي المحتلة، فلماذا تتلكأ وترفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية، التي اعترفت بها الكثير من دول العالم؟ ولماذا لا تبادر اوروبا باستخدام اوراق الضغط لديها للضغط على اسرائيل للامتثال للقانون الدولي والقرارات الشرعية الدولية.

هذا هو المطلوب من أوروبا… وهذا هو الاختبار الحقيقي لمصداقية مواقفها.

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …