المخاوف الإسرائيلية من محكمة لاهاي

بقلم:د. أسعد عبد الرحمن

لطالما راود الشعب الفلسطيني حلم اقتياد قادة دولة الاحتلال إلى “المحكمة الجنائية الدولية – لاهاي” ما قد يخفف بعض أوجاع ملايين الفلسطينيين وينصف من استشهدوا أو أصيبوا أو من هجر ذووهم، نتيجة لجرائم الاحتلال المتواصلة على مدى ثلاثة وسبعين عاما. وما يخيف دولة الاحتلال أن رفضها التعاون مع “لاهاي” قد يدفع “المحكمة” إلى إصدار أوامر اعتقال سرية ضد قادة إسرائيليين.

اليوم، هناك فرصة فلسطينية كبيرة تحتاج لتعزيز التحرك الفلسطيني في المحافل الدولية، مدعوما بالأنصار في العالم. فإسرائيل تتخوف من فتح “المحكمة الجنائية” تحقيقا ضدها، بارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين خلال العدوان على غزة عام 2014 والبناء الاستعماري/ “الاستيطاني” في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وذلك في أعقاب بدء ولاية الرئيس الديموقراطي (جو بايدن) إثر انتهاء ولاية (دونالد ترامب) الذي فرض عقوبات على المحكمة. وكان قرار فتح تحقيق ضد إسرائيل مطروحا على أجندة “المحكمة” منذ نهاية 2019، إلا أن المدعية العامة (فاتو بنسودا) طلبت رأي قضاة المحكمة بشأن صلاحياتها بالتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية. وحين فرضت إدارة (ترامب) عقوبات على جهات في “المحكمة” في أعقاب تحقيق بارتكاب القوات الأمريكية جرائم حرب في أفغانستان، صرح (ترامب) بأن العقوبات بسبب تحقيقات المحكمة ضد إسرائيل أيضا.

بحسب الصحافة الإسرائيلية، فإن طلبا إسرائيليا عاجلا من إدارة (بايدن) سيكون التعاون “لمنع الخطوات الخطيرة التي تتخذها المحكمة الجنائية ضدها”. في السياق، أشارت صحيفة “إسرائيل اليوم” أن الحكومة الإسرائيلية “ستطلب من إدارة بايدن تنسيق انتخاب المدعي العام في المحكمة الدولية، خلفا لبنسودا، التي ستنتهي ولايتها في الفترة القريبة المقبلة”، التي تعتبر إسرائيل أنها تعمل ضدها “بطريقة منحازة وغير شرعية”، زاعمة أن “المسألة ليست عدالة، بل هي مسألة ضغط سياسي وأهواء سياسية” ضد إسرائل.

من جانبها، أفادت الإذاعة العامة الإسرائيلية “كان”، بأن “مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية يتخوفون من الاعتقاد المتداول في المحكمة الدولية بأن فتح التحقيق لن يقود إلى مواجهة مع الولايات المتحدة. ولذلك، فإن هذا الأمر سيسمح الآن للقضاة بالإعلان عن فتح تحقيق ضد إسرائيل”. ولفتت الإذاعة إلى أن لتحقيق كهذا عواقب كثيرة على الكثيرين من السياسيين والعسكريين الإسرائيليين في الماضي والحاضر، “وثمة إمكانية لإصدار أوامر اعتقال ضد قسم منهم”. في الأثناء، أجرت الحكومة الإسرائيلية (مجلس الأمن القومي، وزارة القضاء، ووزارة الخارجية) مداولات حول كيفية مواجهة قرار كهذا، أفضت إلى ضغوط سياسية إسرائيلية “دفعت دولا مختلفة إلى تقديم وجهات نظر وبيانات إلى المحكمة بأنها لا تملك صلاحية التحقيق ضد إسرائيل”. وفي السياق، يقول الكاتب الإسرائيلي الجرئ (جدعون ليفي): “إسرائيل التي اعتادت على التذمر من الكيل بمكيالين ومن النفاق ضدها، ناهيك بالعداء للسامية، هي دولة ابرتهايد عزيزة على الغرب، بل هي وليدة دلاله التي لم يطلب منها في أي يوم، تحمل مسؤولية حقيقية عن أفعالها ودفع ثمن جرائمها التي لن تعترف بها، إلا بموقف دولي صريح”.

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …