قطر وغزة… إعادة إعمار وتعزيز صمود

بقلم: الدكتور أحمد القديدي

قرر حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى – حفظه الله – الأسبوع الماضي إسناد 360 مليون دولار للفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة؛ لدفع رواتب موظفيها وتسديد حاجات عائلاتها المتعففة وإصلاح شبكة الكهرباء المدمرة بالقصف الإسرائيلي المستمر، بالتوازي مع جهود جمعية قطر الخيرية التي مولت مختبرات المؤسسات التربوية ووفرت كل أجهزة التعليم التطبيقي للطلاب في القطاع، مع العلم أن مليار دولار تم منحه للقطاع على الاعوام الثلاثة الاخيرة.

ويأتي هذا بعد تدشين مساكن محترمة للأشقاء الفلسطينيين عددها يصل إلى الألف تؤوي ألف أسرة كريمة في زمن عربي وعالمي وأممي لم تنصف فيه قضية الشعب الفلسطيني بجناحيه الضفة والقطاع إلى درجة أن إدارة الرئيس ترامب قطعت ما تعودت على تسديده من قسط لتمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) منذ إنشاء الوكالة في أواخر الأربعينيات، فهبت قطر بتوجيه من صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أميرها المفدى إلى تعويض الأقساط غير المسددة بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة، وخلال الأشهر الأخيرة تم تدشين وحدة تصفية الدم في غزة، حيث تم إنقاذ الأشقاء المصابين بالفشل الكلوي من الموت إهمالا.

هذه قطر الشهامة والمروءة بلا منة أو دعاية؛ لأن كل قطري يعتبر نصرة فلسطين من واجباته ومن أخلاقه منذ تأسيس دولة قطر إلى اليوم، ثم إن هذه المواقف تعزز الجهود الدبلوماسية القطرية الحثيثة لتأكيد عدالة القضية الفلسطينية، إيمانا من صاحب السمو كما قال في الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة بأن حقوق الشعب الفلسطيني مضمونة من قبل سبعة عشر قرارا من الجمعية العامة ومن مجلس الأمن ومن بنود ميثاق المنظمة الأممية التي تشرع المقاومة لكل شعب تحتل أرضه بما يتاح له من وسائل المقاومة الدبلوماسية والعسكرية من أجل انتزاع حقوقه، ثم إن دولة قطر لم تحد أبدا عن القانون الدولي في الشأن الفلسطيني، لأنه هو الذي دعم وزكى ما اصطلح عليه بحل الدولتين، وهو الحل الذي سعت إليه منظمة التحرير بقيادة المرحوم ياسر عرفات ثم برئاسة أبو مازن وتنازلت عن مطالبها المشروعة الأخرى أملة في أن الراعي الأمريكي منذ عهد كارتر إلى عهد ترامب سيكون منحازا للعدل وللمشروعية وظلت قطر متمسكة بهذا المبدأ الأخلاقي والشرعي ومساندة أولى للشعب الفلسطيني. وبالتوازي مع الدعم الدبلوماسي والسياسي فإن قطر بادرت بتنفيذ مشاريع إعادة إعمار قطاع غزة، حيث تخفف المعاناة وتعزز الصمود.. شريان حياة لقطاع غزة دأبـت قطر على دعـم قطاع غـزة المحاصر عبر تمويل ودعم إنشاء مشاريع اجتماعية وصحية واقتصادية بالقطاع.

وخلال 2020 بلغت منحة حـضـرة صاحب الـسـمـو 150 مـلـيـون دولار، وفــي 2019 كـانـت منحتا صاحب السمو للقطاع بقيمة 150 مليون دولار و180 مليون دولار. وبلغت منحة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني – حفظه الله – 407 ملايين دولار لإعادة إعـمـار غــزة والـتـي اعـلـنـهـا خلال الــزيــارة الـتـاريـخـيـة التي أداهـا سموه إلـى قطاع غـزة عـام 2012، والتي تعد الــزيــارة الأولـــى لـزعـيـم عـربـي لـقـطـاع غــزة منذ فــرض الـحـصـار عـلـى سـكـانـه. ونـفـذت الـلـجـنـة الـقـطـريـة لإعادة إعمار غــزة عـشـرات المشاريع الحيوية لسكان القطاع التي فاقت 115 مشروعا تنوعت ما بين مشاريع أبنية وإسكان ومشاريع طرق وبنية تحتية، بالإضافة إلى مشاريع صحية وزراعية وغيرها من الإنجازات الصحية الكبرى والتربوية ببناء المشافي والمدارس وتجهيزها، وكما جاء في افتتاحية صحيفة الشرق الغراء فإن قـطـر فـي دعـمـهـا للشعـب الفلسطيني الشقيق تنطلق من مبادئ راسخة لا تنازل عنها وقيم وواجب انساني لـتعزيز صموده حتى ينال حقوقـه المـشروعـة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع مـن حزيران 1967، كما تواصل قطـر تقديم المنح لقطاع غـزة المحاصر للحد مـن تفاقم الـوضـع الانساني والــظــروف المعيشية الـصـعـبـة، والشاهد أن قطر تقف إلى الجانب الصحيح من التاريخ في دعم الحقوق الفلسطينية المشروعة، وفي ذات الوقت تـستمر فـي مـساعيها لتحقيق الـمصالحة الـفلـسطينية باعتبارها استحقاقا وواجبا وطنيا، مـن شأنه توحيد الـصف الفلسطني، خاصة في ظل الوضع الـراهن والتحديات.

الكلمة التي حيا بها السيد إسماعيل هنية، حضرة صاحب السمو الأمير المفدى، لخصت الشعور الفلسطيني العام إزاء دولة قطر وأميرها المفدى، وهي: قطر تؤكد الأصالة والمروءة اللتين عرفناهما في الشعب القطري وقيادته.

*كاتب تونسي/ عن “الشرق” القطرية

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …