أين هي قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان بشأن القضية الفلسطينية؟

ردا على وزير الخارجية الأميركي…

أين هي قيم الحرية والديمقراطية

وحقوق الإنسان بشأن القضية الفلسطينية؟

بقلم: فيصل أبو خضرا

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

يبدو أن الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن تصر على استمرار تبني السياسة التقليدية الأميركية في التعامل بازدواجية مقيتة مع حقوق الإنسان من جهة واستمرار الانحياز المطلق للاحتلال الإسرائيلي بتجاهل انتهاكاته الجسيمة للقانون الدولي ولحقوق الإنسان وتجاهل ما يرتكبه من عدوان متواصل ضد الشعب الفلسطيني.

ومن المفارقات ان ما ينص عليه الدستور الأميركي وما ترفعه الولايات المتحدة من شعارات حول دعم الديمقراطية وحقوق الانسان وتقرير المصير ومناهضة التمييز العنصري، يتناقض تماما مع ما ينتهجه زعماء أميركا سواء فيما يخص القضية الفلسطينية او غيرها من القضايا العالمية، حيث داس هؤلاء الزعماء على تلك القيم والمبادئ إرضاء لإسرائيل وخدمة لمصالح انتخابية.

لقد صرح وزير الخارجية الأميركي الجديد، طوني بلينكن، مؤخرا بأن الولايات المتحدة تتعامل مع المملكة العربية السعودية كحليف قوي، ولكن عندما يتعلق الأمر بحقوق الانسان والحرية لا يمكن لامريكا ان تتخلى عن مثلها العليا بالنسبة للديمقراطية وحقوق الانسان، فأين هي المثل الأميركية العليا وحقوق الانسان عندما تدعم أميركا حليفتها إسرائيل بالمال والسلاح والحماية الدولية وهي تدرك تماما ان إسرائيل داست حقوق الإنسان منذ زمن طويل وتمارس أبشع احتلال في العصر الحديث وتحرم شعبا بأكمله من حقه في تقرير مصيره ومن الحرية، بل وتعلم ان إسرائيل تمارس العنصرية ليس ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة فقط بل وايضا ضد مواطنيها الفلسطينيين؟

وأين هي المثل والقيم الأميركية عندما تدعم أميركا احتلالا شرد مئات العائلات الآمنة من بيوتها في القدس المحتلة بهدمها ولا يزال يهدد مئات أخرى بالهدم وقتل الآلاف من المدنيين الفلسطينيين بما في ذلك الأطفال والنساء والشيوخ وزج بالآلاف منهم في سجونه لرفضهم الاحتلال بما في ذلك الاطفال والنواب المنتخبين دون محاكمة؟!

وأين هي المثل والقيم الأميركية عندما يرتكب المستعمرون المسلحون، الذين تحميهم حكومات الاحتلال، جرائمهم ضد المدنيين الفلسطينيين قتلا وحرقا وتدميرا للمتلكات والمزروعات؟

كنا نامل من السيد أنطوني بلينكن ان لا يتخلى عن مثل أميركا العليا بشأن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان فيما ترتكبه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وان يواجه عنصرية إسرائيل وجرائمها ولكن يبدو انه لا يجرؤ على اتخاذ موقف منصف وعادل.

ولتذكير السيد بلينكن فقد اتخذ مجلس الأمن الدولي القرار 2334 في 23 كانون الأول 2016،ولم تعارضه الولايات المتحدة برئاسة باراك أوباما، وقد حث القرار على وضع نهاية للمستعمرات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وطالب إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وأكد عدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستعمرات في الأراضي المحتلة منذ عام 1967، وها هي إسرائيل تواصل استيطانها غير الشرعي، في عهد الرئيس جو بايدن فأين هي المثل والقيم الأميركية واين هو الالتزام الأميركي بالشرعية الدولية وبالقرارات التي وافقت عليها اميركا نفسها يا سيد بلينكن؟!

ألا ترى وتسمع يا سيد بلينكن كيف يقوم المستعمرون المسلحون وتحت حماية جيش الاحتلال بقطع اشجار الفلسطينيين وتدمير حقولهم وهي مصدر رزقهم الوحيد؟ ألا ترى وتسمع كيف تقدم إسرائيل على هدم منازل الفلسطينيين بحجج واهية وتلقي بسكانها إلى قارعة الطريق؟ الا ترى وتسمع كيف حول الاحتلال فلسطين إلى جيتوات مغلقة يتحكم بها كيف يشاء ويقيد حرية الحركة ويسيطر على مياه فلسطين ومواردها ويتحكم باقتصادها ويشن يوميا حملات الدهم والاعتقال والقتل؟!

وإنني أتساءل حقا: كيف ترى إدارتكم الجديدة وتسمع كل ذلك فيما تلتزمون الصمت وتواصلون التعهد بضمان أمن إسرائيل وتفوقها العسكري ودعمها فيما لا تطلبون من إسرائيل وقف انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الانسان الفلسطيني وعدوانها السافر على الشعب الفلسطيني وقيادته؟!

وحتى الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية والمسيحية ومنع المؤمنين الفلسطينيين من الوصول إلى أماكنهم المقدسة للعبادة تواصلون السكوت عليه ، وكأنه لا صلة بين ما ترتكبه إسرائيل وما تقولونه من التزامكم بحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية.

طالما تفاخرت أميركا بشعارات الحرية والعدالة، وعندما منعت أميركا تحقيق العدالة في فلسطين ودافعت عن جرائم إسرائيل في المحافل الدولية وتلكأت في الدفع نحو حل عادل للقضية الفلسطينية، وعندما توجهت فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية شاكية كل هذا الظلم أقام الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي الدنيا ولم يقعدها ووقفت أميركا ضد تدخل محكمة لاهاي المعروفة عالميا بنزاهتها وصلاحيتها في ملاحقة مجرمي الحرب. فما الذي تخشاه أميركا؟ هل تخشى ان تدان حليفتها إسرائيل وتحاسب على ما اقترفته بحق الشعب الفلسطيني؟ وإذا كانت إسرائيل كما تزعم بريئة فلماذا تخشى مجرد التحقيق النزيه فيما جرى ولا يزال يجرى على الأراضي الفلسطينية؟

وهنا نسأل بلينكن مجددا كيف تنساق الدولة العظمى الأولى في العالم وراء مزاعم إسرائيل وأكاذيبها وتدافع عن جرائم ادانتها الغالبية الساحقة من دول العالم؟ وما الذي سيعتقده اي شخص درس في الجامعات الامريكية او اي متابع لما يجري عندما يرى قادة امريكا ينقادون وراء اسرائيل، الدولة الوحيدة في العالم التي تتذرع بقوانين عفا عليها الزمن وتمارس العنصرية بأجلى صورها وتتفاخر بما يسمى “التفوق اليهودي” وأقرت لهذا الغرض “قانون القومية” اليهودي، ولا يجروء اي زعيم اميركي على التصدي لهذه السياسات الإسرائيلية استنادا إلى القيم والمثل التي تتحدث عنها يا سيد بلينكن؟

والسؤال الأهم الذي نطرحه على بلينكن هو: هل المطلوب من الشعب الفلسطيني رفع الراية البيضاء والسكوت على كل ما ترتكبه اسرائيل بحق ابنائه وحقوقه ومصيره؟ وإلى من يلجأ الشعب الفلسطيني إذا كنتم ترفضون الشرعية الدولية وترفضون تحقيق الجنائية الدولية وترفضون إلزام إسرائيل بإنهاء احتلالها غير المشروع وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره على تراب وطنه؟

وأخيرا نقول لبلينكن ان التصريحات العامة بشأن التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين والدعوات العامة التي تطالب “جميع الأطراف” بعدم اتخاذ إجراءات من جانب واحد لا تقدم حلا طالما ان الإدارة الأميركية تسكت عن تدمير إسرائيل لحل الدولتين وتسكت عن الخطوات احادية الجانب التي تتخذها إسرائيل وطالما ان اميركا تضع الاحتلال غير المشروع وضحيته الشعب الفلسطيني في سلة واحدة.

الشعب الفلسطيني وقيادته وكل قواه وفصائله لا يطلبون المستحيل بل يريدون الحرية والعدل والسلام وإنهاء هذا الاحتلال البشع وتقرير المصير وممارسة الحقوق المشروعة التي اقرها المجتمع الدولي، وعلى بلينكن وغيره ان يدركوا ان شعبنا سيواصل نضاله المشروع لانتزاع حقوقه ومن الأجدر بأميركا ان تطبق المثل والقيم التي يتحدث عنها بلينكن وتسارع إلى الانضمام إلى إرادة المجتمع الدولي لتطبيق القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية والاستجابة لدعوة الأخ الرئيس محمود عباس بعقد مؤتمر دولي للسلام على هذا الأساس فتستعيد مصداقيتها عند الحديث عن الحرية وحقوق الإنسان حتى يزول هذا الاستعمار الإسرائيلي البغيض ويعم الأمن والسلام والاستقرار في هذه المنطقة من العالم… والله المستعان

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …