رسالة الى أصحاب القلوب الكبيرة

أقلام وأراء

رسالة الى أصحاب القلوب الكبيرة

بقلم : الدكتور سعيد صبري*

“إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر “، ومن أراد خدمة الوطن فليخدم شعبه، فحب الوطن من حب الإنسان الجاثم على تراب الوطن، فحٌب الخير لأخيه ولجاره ولصديقه ولإبن وطنه سيمثل الدافع الرئيسي للعمل والإنجاز والإبداع، ومن المؤكد ان هذا الشعور سيشكل دافعاَ وطنياً للتضحية بالنفس والمال من اجل الوطن، وهو أسمى أنواع وأشكال الحب وأعلى مظاهرة.
تتمثل الصورة الواقعية لمحبة الوطن وخدمته في خدمة الشعب والسهر على توفير كافة أشكال الراحة لكي يعيش عيشة كريمة، ففي هذة الصورة تمثيل واقعي بين الصدق بالقول والعمل به، وغير ذلك من مشاعر جياشة تتمثل في كلمات لا يلامسها الإنسان ولا يشعر بها ابناء الشعب تبقى فارغة المحتوى لا برهان محسوس عليها.
تستوعب القلوب الكبيرة الكثير وعطاءهم لا حدود له، ولا ينتظرون المقابل، بل يضحون بالغالي والنفيس في سبيل عزة وكرامة وكبرياء الشعب وابنائه، فلا قيمة للحياة والوطن ينزف ألماً وحاجة، ولا قيمة للكرامة بغياب الكبرياء ، فلا كرامة للإنسان إلا بكرامة وطنه ، ولن يجد ذاك القلب الكبير المنشود إلا بوطنه وبين عشيرته وأهله ، وبوجود ذاك القلب الكبير يفتدي الوطن أبناءة بالأرواح.
قفزات إقتصادية نوعية، مبادرات ابداعية خلاقة، مسارات تنموية، انجازات في قطاعات إقتصادية محورية ، تلك ما يبحث عنه المواطن بوطنه ، فهل تم التخطيط الصحيح وبعناية فائقه للنهوض بكافة أركان وقطاعات الإقتصاد وتعزيز ترابطاته العمودية منها والأفقية ، بحيث سيمكنه من مقاومة الصدمات والعواصف المتوقعة منها وغيرها من غير المتوقع ، فأين تلك الخطط الذي نسمع عنها بين الفينة والأخرى ومتى سيشعر المواطن بتلك النقلة بين القول والعمل؟
يجب وضع اُطر للأمن الجماعي والسلم القومي المثمر للوطن ، والإلتزام بتوحيد منهجية العمل والمواقف لمواجهة الصعوبات الآنية منها والقادمة على الصعيدين الإجتماعي والإقتصادي من أجل الوطن والإنسان.
نمر وطنياً بالعديد من التحديات والتطورات بالغة الخطورة ، مما يفرض علينا وطنيناً ان نتدارس أبعادها وتداعياتها الحالية والمستقبلية سياسياً وامنياً واجتماعياً واقتصادياً، فبعد عام ونصف بقينا اسرى للأجندة “الفايروس اللعين” من إغلاقات وحالات متكررة من فرض قانون الطوارىء ، ومنعاً من السفر والحركة التجارية ، وقد افقدنا الكثير من اهلنا واصدقائنا، ودمر المكون والنسيج الإجتماعي والإقتصادي الوطني ، وما زلنا نعاني من آثار ذلك إلإعتقال الجماعي ليومنا الحالي باحثين عن وسائل وطرق للإنقاذ الوطن والمواطن ، ولغاية تاريخة يراوح طُرق الحماية مكانها ، ألا يستحق المواطن من اصحاب القلوب الكبيرة أن يمنحة فسحة من الأمان؟
إن عملية التفكير سهلة ، فهذا ما يميز الإنسان عن باقي الكائنات الحية على الأرض ، فبعضاً منا يُنمي هذه الخاصية ، ونسميه مبدع، والجزء الآخر يسير كما تُسيره الرياح، ونسميه تقليدي، نحن وطنياً بحاجة ماسة الى الفعالية والعمل والإنتاج وفق منهجية الإبداع، لسنا بحاجة الى إتاكلية في رسم خطط المستقبل ـ نحن بحاجة الى ادوات سريعة ومنظمة لكي نغير الواقع الى واقع يتسم في ازدهار إقتصادي وإجتماعي يجعل من الوطن مكاننا يلجأ له القاصى والداني ـ باحثاً عن فرص للإستثمار والإستقرار والإبداع .
قرأت مقولة للكاتب روجر فريتز يقول فيها:- “الحذر المبالغ فيه يكون أسوأ من مغبات المخاطر”، اعجبني بلاغة الكاتب وابداعه، فقد حذر الكاتب من الإطالة بالتفكير بالإمور، كما وصف المخاطرة بالمغبات وهو تخفيف لفظي وعملي عن الحذر ، لكن احسن في التعبير حين اوضح أن البقاء على نهج الحذر المبالغ قد يحرمك من ان تتعلم الجديد ، كما سيعيقك عن المشاركة والاستفادة والإغناء بالتجارب الثرية، ويجعلك في مصاف الأشخاص العاديين المنتشرين في كل زاوية ومكان .
ماذا حضرنا خلال الأعوام الماضيه للقادم من المبدعين من أبناء الوطن؟ ماذا جهزنا لوطننا ان يضاهي أوطانٍ اخرى ، هل أبناء الوطن من المبدعين والمفكرين استطاعوا ان يُستوعبوا في وطنهم ؟ ام يبحثون عن اوطانٍ اخرى اكثر أماناً لأفكارهم المبدعة، هل استطاع الوطن أن يحتضن ذاك المبدع والمفكر والمبتكر، وتبنى ابداعاتهم الشبابية ومرافقتهم ، نحو مستقبل بعزة وكرامة. لا اتنكر لبعض المبادرات من بعض المؤسسات الداعمة والحاضنة ممن احتضنت القليل من تلك الأفكار ، ويبقى الحجم الأكبر باحثاً عن وطن بديل لفكرته.
تمكين الشباب ، قرأت وسمعت خطابات كثيرة تتحدث عن اهمية التمكين للشباب، وايضا عبارة: الشباب اغلى ما نملك، فماذا قد قدمنا وأعددنا لهم، هل الشباب محور رؤيتنا الوطنية للوطن؟ وللعلم فهم الثروة والطاقة التي لا تنضب، والمورد الإستراتيجي للتنمية واسباب النجاح، فأين تلك الإستثمارات التى تعزز ريادة الأعمال للشباب الباحث عن حاضنة له؟ والتي ستشكل الرافد الأساسي لدعم الإقتصاد الوطني خلال المراحل القادمة؟ واين تلك القوانين الجاذبة التي ستعزز التنافسية، بأفكار مبتكرة ورؤية متطورة تلبي احتياجات المستقبل الواعد للإنسان.
ولكي نخلق مستقبلاً واعداً للأبناء الوطن، علينا ان نحول جامعاتنا ومؤسسات التعليم العالي الى مراكز ريادة أعمال، لكي نتمكن ان نحصل على رواد أعمال مؤهلين ، نضمن دخولهم للمنظومة الإقتصادية الوطنية والإقليمية والعالمية، وبذلك نضمن بقاء المُنِتج من شبابنا بالوطن، ونحافظ على نهج التطوير والتعزيز الإقتصادي ، فمنصات الجامعات هي بداية مرحلة التغيير بالقطاعات الإنتاجية وإلاقتصادية. ما ينقصنا منهجية متكاملة عليها وسم وطني شعارة “صنعت بالوطن” نرسم من خلالها ملامح المستقبل.
راهنوا على الشباب لمرة واحدة ستجدون فيهم، العقول، والسواعد لخلق مستقبل الوطن الواعد، ما عليكم إلا ان تهيئوا بيئة مثالية لتلك العقول الإبداعية والمبتكرة، فهم اساس المستقبل ، ففي القدس من صنع المستحيل هم الشباب وهم من يدافعون عن المسجد الأقصى والشيخ جراح وسلوان وهم روح نهضتنا ومستقبلنا فلا تقتلوا العقول.
وفي الختام نقتبس من ديوان ابي فراس الحمداني : إذا صحّ منك الوُدّ فالكلُّ هيّنٌ….. وكل الذي فوق التراب تراب
*مستشار اقتصادي دولي- وشريك بصندوق المبادرات الناشئة- فاستر كابتل /دبي

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …