صالونات التجميل المغلقة تحرم كويتيات من منتفسهن الوحيد

12 يونيو 2020آخر تحديث :
صالونات التجميل المغلقة تحرم كويتيات من منتفسهن الوحيد

تسمح عائلة وردة لها بالخروج من المنزل فقط للذهاب إلى مقر عملها أو صالون التجميل الذي لطالما شكّل متنفّسها الاجتماعي الوحيد قبل أن تحرمها منه إجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.

ومنذ أغلقت الصالونات أبوابها بقرار من السلطات قبل ثلاثة أشهر، تشعر وردة (37 عاما) بالاحباط على غرار كثير من الكويتيات اللواتي يفضّلن صالون التجميل على المقهى للالتقاء وتبادل الأحاديث.

وتقول المدرّسة لوكالة فرانس برس “أنا من بيئة محافظة ولا أخرج كثيرا ولكني أذهب الى الصالون للاستمتاع بوقتي. لا يمكن لأحد أن يتخيل كم كنت أتمتّع أثناء وجودي” فيه.

وتضيف وردة التي تجتاز 30 كيلومترا كلما أرادت الذهاب إلى مكانها المفضل “أنتظر بفارغ الصبر عودة الصالونات للعمل. لا يمكن أن أتصور حياتي بدونها”.

ويعتبر المجتمع الكويتي من أكثر المجتمعات انفتاحا في منطقة الخليج خصوصا بالنسبة للمرأة التي تتولّى مناصب حكومية مهمة، لكنّ بعض العائلات التقليدية لا تزال تفرض قيودا مشدّدة على تحرّكات وتصرفات النساء فيها.

ولا تسمح بعض هذه العائلات لهن بالخروج بمفردهن في أي وقت والتردد على المراكز التجارية أو المقاهي أو حتى ممارسة الرياضة، غير انّها لا تمانع في المقابل في تردّدهن على صالونات التجميل النسائية التي أصبحت بمثابة بوابة للهروب من روتين العمل والبيت.

لكن حتى النساء اللواتي ينتمين لعائلات أكثر انفتاحا، يرين في صالونات التجميل المرادف النسائي للديوانيات حيث يتجمّع الرجال بشكل شبه يومي لتبادل الأحاديث وشرب القهوة وتدخين النرجيلة.

نادرا ما يخلو مبنى في المناطق التجارية من صالون تجميل أو اثنين.

وتقول الكويتية أديبة الوادي التي تملك صالوني تجميل في منطقة الفنطاس (26 كيلومترا جنوب العاصمة الكويت)، إن “التردّد على الصالون تحوّل الى أسلوب حياة لدى الكويتيات”.

وتنفق بعض الكويتيات مبالغ كبيرة للحصول على خدمات تجميلية بشكل شبه يومي، في دولة نفطية ثرية يبلغ عدد مواطنيها 1,5 مليون نسمة فقط من بين نحو خمسة ملايين إجمالي سكانها.

ويعيش الكويتيون في العادة حياة رفاهية حيث تبلغ حصة الفرد من إجمالي الناتج المحلي أكثر من 70 ألف دولار سنويا، وهي من بين الأعلى على مستوى العالم. ويعمل أكثر من 80 بالمئة من الكويتيين في وظائف حكومية بمرتبات عالية.

وفي 2019، بلغت نسبة الموظّفات الكويتيات في القطاع الحكومي نحو 45 بالمئة، بينما كانت نسبة الذكور الكويتيين 31,1 بالمئة، بحسب إحصائيات رسمية.

وتقول شابة كويتية مقيمة في الإمارات “بعض الكويتيات يتردّدن على الصالونات مرتين أو ثلاث مرات على الأقل في الاسبوع للتجميل والتحدث وتناول القهوة. أشعر أحيانا أنهنّ زوجات بيفرلي هيلز الخليج”.

وتقدّم الصالونات خدمات خمس نجوم من العناية بالشعر إلى البشرة والأظافر بالإضافة إلى التدليك والحمام المغربي والجاكوزي، في أجواء تطغى عليها الفخامة المفرطة أحيانا.

وغالبية نجمات تطبيقات التواصل الاجتماعي المتخصّصات في التجميل في منطقة الخليج هن من الكويت، وأبرزهن فوز التي تملك علامة تجارية باسمها، ودلال الدوب التي يتابعها على انستغرام 2,7 مليون شخص.

وبانتظار أن تعيد صالونات التجميل فتح أبوابها في أيلول/سبتمبر المقبل، ضمن خطّة لإعادة الحياة إلى طبيعتها على مراحل، تبقى الكويتيات محرومات من “ديوانياتهن”.

وسجّلت الكويت أكثر من 33 ألف إصابة بينها 273 حالة وفاة في مقابل 22 ألف حالة شفاء.

وتسبّب الإغلاق بخسائر للكثير من المؤسسات التجارية، منها صالونات التجميل التي تملكها شابات ونساء كويتيات. واضطر بعضهن إلى تسريح جزء من الموظفين أو التوقف عن دفع الرواتب في انتظار استئناف الأعمال.

وتشعر الوادي بضغوط جراء طلب بعض الزبائن منها توفير خدمات منزلية.

وتقول لوكالة فرانس برس “تلقّيت الكثير من المكالمات الهاتفية والرسائل عبر حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي من زبونات يرغبن في أن نوفّر لهنّ خدمة منزلية، ولكني اعتذرت عن ذلك لأن قوانين الدولة تمنع ذلك”.

وبعد ثلاثة أشهر من الاغلاق، تتوقّع الوادي أن تخسر صالونات التجميل دورها الاجتماعي عندما تعود للعمل بسبب المخاوف من الفيروس وإجراءات الحماية المربكة والتي تشمل وضع الكمامة والقفازات والتباعد لمسافة مترين وأخذ مواعيد مسبقة.

وأوضحت “أعتقد أن الأمور الضرورية فقط ستدفع الكويتية في المستقبل للذهاب إلى صالون التجميل”، مضيفة “الصالون سيعود ليكون حاجة وليس متعة”.