يصادف، يوم غد الجمعة، الحادي والعشرين من آب، الذكرى الـ51 لإحراق المسجد الأقصى المبارك عام 1969.
في ذلك اليوم، اقتحم اليهودي المتطرف الأسترالي الجنسية الإرهابي مايكل دينيس المسجد الأقصى، وأشعل النار عمدا في الجناح الشرقي للمسجد المبارك، القبلة الأولى للمسلمين ومسرى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
وأتت النيران على واجهات المسجد الأقصى وسقفه وسجاده وزخارفه النادرة وكل محتوياته من المصاحف والأثاث، وتضرر البناء بشكل كبير، ما تطلب سنوات لترميمه وإعادة زخارفه كما كانت.
وبلغت المساحة المحترقة من المسجد الأقصى أكثر من ثلث مساحته الإجمالية، حيث احترق ما يزيد عن 1500 متر مربع من المساحة الأصلية البالغة 4400 متر مربع، وأحدثت النيران ضررا كبيرا في بناء المسجد الأقصى المبارك وأعمدته وأقواسه وزخرفته القديمة، وسقط سقف المسجد على الأرض نتيجة الاحتراق، وسقط عمودان رئيسان مع القوس الحامل للقبة، كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب والجدران الجنوبية، وتحطم 48 شباكا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبس والزجاج الملون، واحترق السجاد وكثير من الزخارف والآيات القرآنية.
وفي الوقت الذي قامت به حكومة الاحتلال بقطع الماء عن المصلى القبلي ومحيطه، وتباطأ في إرسال سيارات الإطفاء، هرع المواطنون ومركبات الإطفاء من مختلف المناطق إلى إخماد النيران وإنقاذ المسجد.
وجاء هذا العمل الإجرامي في إطار سلسلة من الإجراءات التي قام بها الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 1948 بهدف طمس الهوية الحضارية الإسلامية لمدينة القدس.
وألقت إسرائيل القبض على الجاني، ونقلته سلطات الاحتلال إلى مستشفى للأمراض النفسية في المزرعة بالقرب من عكا وبعد فترة ليست طويلة تم ترحيله إلى أستراليا، وروج في حينه خرافة قال فيها: إنه” قام بفعلته بأمر من الله”.
أثار الحريق استنكارا دوليا، واجتمع مجلس الأمن الدولي وأصدر قراره رقم 271 لسنة 1969، بأغلبية 11 صوتا وامتناع أربع دول عن التصويت من بينها الولايات المتحدة الأميركية، حيث جاء في القرار أن “مجلس الأمن يعبر عن حزنه للضرر البالغ الذي ألحقه الحريق بالمسجد الأقصى، ويدرك الخسارة التي لحقت بالثقافة الإنسانية نتيجة لهذا الضرر”.
وعلى صعيد الدول العربية والإسلامية، كانت هناك حالة غضب عارمة، واجتمع قادة هذه الدول في الرباط يوم 25 سبتمبر/أيلول 1969 وقرروا إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي (منظمة التعاون الإسلامي حاليا) التي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية، وكان الملك السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز صاحب الفكرة، إلا أن المنظمة لم تستطع وقف أعمال التخريب وتدنيس الأقصى حتى هذا اليوم، كما أنشأت صندوق القدس عام 1976.
وتولت لجنة إعمار المسجد الأقصى التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية إزالة آثار الحريق وترميمه وإعادة صنع منبر صلاح الدين الأيوبي، من خلال فريقها الفني المتكامل الذي بدأ عمله مطلع 1970.
وقبل حرق الأقصى وحتى يومنا هذا، تحاول السلطات الإسرائيلية بشتى الوسائل والطرق المس بالمسجد من خلال أعمال حفرية تحته، إلى بناء الأنفاق المتواصلة بعضها بعضا التي أدت إلى تقويض أساسات المسجد في الحرم القدسي، وما زالت السلطات الإسرائيلية تعمل جاهدة من أجل تهويد القدس عاصمة فلسطين.