جبل طارق ملاذ للراغبين بالزواج في خضّم الجائحة

30 نوفمبر 2020آخر تحديث :
جبل طارق ملاذ للراغبين بالزواج في خضّم الجائحة

لم تخطر يوما على بال برونو مياني فكرة زيارة جبل طارق، هذا الجيب البريطاني الصغير في أقصى جنوب إسبانيا، إلى أن حلّ الوباء وعرقل مشاريع زواجه.

وقد قرّر هذا المصوّر البرازيلي البالغ 40 عاما الذي يعيش مع شريكته في دبلن اختيار وجهة جديدة للزواج في ظلّ إغلاق المؤسسات الإدارية وصعوبة إيجاد موعد مناسب لعقد القران.

فسافرا على متن رحلة جوّية منخفضة التكلفة إلى ملقة واستقلّا حافلة أخذتهما إلى جبل طارق حيث تزوّجا أمام صورة لملكة إنكلترا.

ويقول برونو مياني الذي لم يكن في وسعه حبس دموعه بعد إتمام قرانه بناتاليا سينا ألفيش دي ليما “أسرع طريقة للزواج راهنا هي الذهاب إلى جبل طارق”.

وكلّ ما يُطلب من الراغبين في الاقتران في هذا الإقليم الذي أبقى حدوده مفتوحة منذ بداية الأزمة الوبائية هو جواز سفر وشهادة ميلاد وإقامة لليلة واحدة على الأقلّ قبل الزواج أو بعده.

وتجعل هذه التسهيلات من الإقليم الملقّب بـ”الصخرة” أرضا مضيافة لمن يصعب عليه الاقتران في أوقات الجائحة هذه. وليس على المتزوّجين فيه سوى أن يسجلّوا زواجهم في بلدهم بعد العودة إليه.

وتكشف ليان هيندل مديرة وكالة تنظيم الزيجات “ماري أبرود سيمبلي” أن “الوضع جنوني بالفعل. ولم يعد لدينا بكلّ بساطة ما يكفي من التواريخ والمواقع” لتلبية الطلب.

وكثيرون من المتزوّجين حديثا في جبل طارق هم أزواج من جنسيات مختلفة يعيش كلّ في بلد ويتعذّر قدومه إلى بلد الحبيب بسبب قيود ناجمة عن الوباء.

وكلّهم على عجلة من أمرهم للزواج، لأسباب تختلف باختلاف الحالات، على حدّ قول هيندل التي تعطي مثل زوجين لم يكن تأمينهما الصحي يقبل بتغطية تكاليف علاج المساعدة على الإنجاب الباهظة جدّا، إلا في حال كانا متزوّجين.

ومن الأمثال الأخرى الشائعة، تلقّي أحد الشريكين عرض عمل في الخارج لا يغطّي تكاليف الحياة الزوجية إلا في حال زواج رسمي، بحسب هيندل.

وتقرّ هذه الأخيرة “إنه أمر محزن بالفعل”، فهؤلاء لا يتزوّجون في جبل طارق “لمجرّد التباهي أمام أحفادهم لاحقا أنهم تزوّجوا خلال وباء كوفيد-19”.

في كانون الثاني/يناير 2020، تعرّف الأميركي سكوت جيرو (41 عاما) الذي يعمل في سان بطرسبورغ على كاتيا (44 عاما). وتوجّب عليه بعد ستة أشهر العودة إلى الولايات المتحدة وبات لقاء الحبيبين مستحيلا بسبب القيود المفروضة في بلديهما من جرّاء الجائحة.

وأنهى زواجهما الذي احتفلا به في تشرين الثاني/نوفمبر في حديقة جبل طارق النباتية الوارفة هذا الفراق المرير على وقع “اتصالات فيديو يومية” وانضمّت كاتيا إلى زوجها في الولايات المتحدة.

وتستقطب المقاطعة بقواعدها الأقلّ صرامة بشأن وضع الكمّامات وعدد الأشخاص المسموح لهم بالتجمّع في مكان ما، أزواجا أيضا من إسبانيا المجاورة. ولم تسجّل فيها أوّل وفاة بكوفيد-19 سوى في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، بحسب ما يؤكّد ريشام مهتاني القيّم على الزيجات في “روك أوكايجنز”.

ويتزوّج أغلبية الشركاء في غياب عائلاتهم، بسبب تكلفة السفر، لكنّ كثيرين منهم يستعينون بالحواسيب والهواتف المحمولة لنقل المراسم مباشرة إلى أقربائهم.

وتقرّ ليزا أورسيني “كنّا وحيدين، بعيدا عن العائلة والأصدقاء. وكان الأمر صعبا بالفعل”. وتزوّجت هذه الممرّضة الكندية البالغة 57 عاما شريكها الإسباني في تشرين الأول/أكتوبر وهو انتقل لاحقا للعيش معها في كيبيك.

وكما لاس فيغاس، استحالت مقاطعة جبل طارق عاصمة للزواج منذ عقد قران جون لينون ويوكو أونو في 1969، في لحظات خلّدت في صورة للزوجين أمام الصخرة الكبيرة وأغنية لفرقة “بيتلز”.

وكلّ يوم، تتوالى الطلبات الجديدة على مكتب الأحوال الشخصية الصغير في جبل طارق، ما يشكّل مصدر فرح لرئيس حكومة هذا الإقليم التابع للتاج البريطاني والذي تطالب إسبانيا ببسط سيادتها عليه، إذ يرى الأخير في هذه المناسبات السعيدة دليلا على أن جبل طارق “مكان يعمّه الحبّ وليس الشقاق”.