قرية النعمان في بيت لحم .. حصار مفتوح وضم صامت لأراضيها

5 فبراير 2022آخر تحديث :
قرية النعمان في بيت لحم .. حصار مفتوح وضم صامت لأراضيها

تعتبر قرية النعمان إلى الشرق من بيت ساحور، نموذجًا صارخًا لقيام قوات الاحتلال بإطباق قبضتها عليها، بعد أن أحاطها بجدار الفصل العنصري من مختلف اتجاهاتها.

ولم تبق هذه القوات، إلا بوابة حديدية وسط الجدار، لتكون بمثابة الصلة الوحيدة للسكان للتواصل مع محيطهم في محافظة بيت لحم، ومفتاحها بيد الجنود الذين يتحكمون بإغلاقها وفتحها متى يشاؤون وفي أحسن الأحوال يحددون للأهالي ومنهم الطلبة في المدارس والجامعات، موعد فتحها صباحًا وإغلاقها مساء ومن يتأخر عن ذلك لا يمكنه العبور.

وغالبًا ما يتعمد الجنود المتمركزين عند البوابة، تأخير الطلبة لدى عودتهم الى منازلهم حتى لو جاؤوا قبل موعد الإغلاق.

وفي عديد المرات ولدى خروج الطالبات من مدرستهن في قرية “الخاص” المجاورة وجميعهن قاصرات، يجدن البوابة مغلقة عند الواحدة ظهرًا ويرفض الجنود فتحها دون معرفة الأسباب.

وسائل ضغط عديدة

ولا تترك قوات الاحتلال وسيلة للضغط على السكان إلا وتتبعها، وكان آخر هذه الوسائل توجيه إخطارات للأهالي تطالبهم فيها بلدية الاحتلال بالقدس بدفع ضريبة “الأرنونا”، حيث تسلم معظم أرباب العائلات هذه الإخطارات والتي وفي حال عدم الدفع سيتم تحرير مخالفات بحقهم !!.

ضم الأرض بدون السكان

وقال جمال الدرعاوي رئيس مجلس خدمات الريف الشرقي لـ ”ے”، إن المبالغ كانت تتراوح ما بين سبعة الآف وعشرة الآف شيكل، ووصلت هذه الإخطارات لنحو أربعين عائلة وكان هو بينهم، إذ طالبته البلدية بدفع عشرة آلاف شيكل مقابل هذه الضريبة في العام الواحد، رغم أن البلدية لا تقدم أي خدمات للسكان الذين يتلقون خدماتهم من مؤسسات السلطة الفلسطينية، مع ملاحظة أن الجانب الإسرائيلي يريد ضم الأرض بدون أن يضم السكان.

وقال درعاوي: “إن الحياة الإجتماعية في القرية معدومة، لأنه لا تواصل ما بين الأهالي وأقاربهم وأصدقائهم ومحبيهم في المواقع الأخرى، لا في حالات الفرح ولا في أوقات الحزن، لأن الجنود يمنعون أي زائر من الدخول الى القرية وقتما يشاؤون”، وضرب مثلاً على ذلك أن الأهالي الذين يفقدون أعزائهم يضطرون لفتح بيوت العزاء في القرى المجاورة كي يستطيع المواطنون القيام بواجبهم.

عزل وحصار

وأضاف إن “ذلك دليل آخر على ما يواجهه أهالي القرية من عزل وحصار عن محيطهم منذ إقامة الجدار حولها قبل نحو 15 عامًا على أقل تقدير دون أية بوادر لإيجاد حل لمعاناة الأهالي البالغ عددهم نحو 200 نسمة والذين بالفعل يتعرضون لسياسة تهجير قصرية لضم أراضي القرية الواقعة على تلة مرتفعة دون السكان بل وطردهم خارجها، وقصة “النعمان” إحدى قصص شعبنا الفلسطيني في دفاعهم عن وجودهم وأرضهم وإثبات أن الأرض هي جوهر الصراع مع الاحتلال”.

وكانت مؤسسة “بتسيلم” الحقوقية الإسرائيلية، والتي تابعت موضوع القرية وحصارها، قد أشارت في وقت سابق، الى أنه كان يوجد للسكان صلات متنوعة مع القدس، والقرى المحيطة بهم وبيت لحم والقرى المجاورة لها، وحافظوا على علاقات إجتماعية وإقتصادية واسعة مع سكان هذه المناطق، مشددةً في تقرير لها على أن القيود المفروضة على حرية الحركة لسكان القرية منذ سنوات، ألحقت الضرر البالغ بهذه العلاقات وبقدرة سكان القرية على ممارسة حياتهم بصورة معقولة.

ومن بين ذلك، فقد أدت هذه القيود إلى شل الحياة الإقتصادية في القرية، إذ يعتاش السكان بالدرجة الأولى من المزروعات الحقلية وتربية المواشي، حيث إن منع إدخال هذه الاخيرة بالاضافة إلى الطيور إلى القرية، إلى جانب القيود التعسفية على نقل العلف عبر الحاجز، بما في ذلك تفريغ الأكياس لغرض فحص محتوياتها، أدى إلى المس البالغ بهذه الفروع. كما تحظر إسرائيل إدخال المعدات الزراعية من القرى المجاورة لغرض تلقيح المساحات الزراعية.

قيود على ادخال المواد

بالإضافة إلى ذلك، فقد فرضت إسرائيل القيود على إدخال المواد الإستهلاكية الأساسية إلى القرية، مثل اللحم والطحين، وفي الكثير من الحالات يطلب رجال الشرطة في الحواجز العسكرية، من السكان، تفريغ أكياس الطحين التي يصل وزنها إلى 50 كغم ونقل المحتويات إلى أكياس أصغر، وهذا لغرض التفتيش، ويعطل هذا الاجراء كثيرًا المرور عبر الحاجز ويؤدي إلى فقدان كمية ملحوظة من الطحين، وفي حالات أخرى يُقيّد عناصر حرس الحدود المتواجدين في الحاجز، كمية اللحم التي يحق لكل مواطن إدخالها إلى القرية.

كما شدد التقرير على أن القيود المفروضة على حرية الحركة تؤثر أيضًا على قدرة السكان، على الاستفادة من الخدمات الطبية الأساسية، حيث لا تتوفر هذه الخدمات في القرية، ولغاية إقامة الجدار كانت تزورها كل أسبوع عيادة متنقلة مع أطباء مختصين من قبل “الأونروا”، التي كانت تقدم الخدمات الطبية للسكان. ومنذ العام 2006، يمنع عناصر حرس الحدود المتواجدين في الحاجز مرور العيادة المتنقلة.

وحاليًا يضطر المرضى من سكان القرية للوصول بقواهم الذاتية إلى الحاجز الذي يبعد حوالي كيلومتر ونصف عن بيوتهم والانتقال من هناك بواسطة سيارة أجرة إلى عيادة في قرية مجاورة، أو إلى المستشفى في بيت لحم.