اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بارتكاب “إبادة جماعية” في دونباس بشرق البلاد حيث تتعرض مدينة سيفيرودونيتسك لسيل من القنابل.
وقصفت القوات الروسية الخميس خاركيف ثاني أكبر مدينة في شمال شرق أوكرانيا كانت عادت إلى ما يشبه الحياة الطبيعية في الأسابيع الأخيرة.
وقال زيلينسكي في خطاب بثه التلفزيون مساء الخميس إن “هجوم المحتلين الحاليين في دونباس قد يجعل المنطقة خالية من السكان” متهما الغزاة الروس بالسعي إلى تحويل سيفيرودونتسك ومدن أخرى في المنطقة “إلى رماد”.
وأضاف زيلينسكي أن القوات الروسية تمارس عمليات “تهجير” و “قتل جماعي لمدنيين” في دونباس، مدينا ما وصفه بأنه “سياسة إبادة جماعية واضحة تنفذها روسيا”.
واتهامات زيلينسكي مماثلة لتلك التي أطلقتها موسكو لتبرير غزوها متحدثة عن “إبادة جماعية” مارسها الأوكرانيون ضد السكان الناطقين بالروسية في دونباس.
وكان البرلمان الأوكراني تبنى في نيسان/ابريل قرارا يصف ب”الإبادة الجماعية” تحركات الجيش الروسي. وقد حث كل الدول الأجنبية والمنظمات الدولية على أن تحذو حذوه.
واستخدم الرئيس الأميركي جو بايدن التعبير بنفسه بينما يرفض نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون فعل ذلك.
بعد فشله في الاستيلاء على كييف وخاركيف، أعاد الجيش الروسي تركيز جهوده على الاستيلاء الكامل على دونباس الحوض الصناعي الذي يسيطر عليه جزئيا انفصاليون موالون لروسيا منذ 2014.
وبمساندة قصف كثيف، يهدد الجيش الروسي سيفيرودونيتسك التي قد تواجه المصير نفسه الذي لقيه ميناء ماريوبول الكبير في جنوب شرق البلاد. وقد دمر إلى حد كبير بعد حصار دام أسابيع.
وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في واشنطن إن الجيش الروسي يحاول تطويق المدينة والمدينة المجاورة ليسيتشانسك. وأضاف “نعتقد أن القوات الروسية تمكنت من السيطرة على الجزء الأكبر من شمال شرق سيفيرودونتسك رغم استمرار القتال”.
وقال رئيس الإدارة المدنية والعسكرية في سيفيرودونيتسك ألكسندر ستريوك إنه ما زال هناك بين 12 ألفا و13 ألف شخص في المدينة التي كان عدد سكانها يبلغ مئة ألف نسمة قبل الحرب.
ونقلت وسائل الإعلام الأوكرانية عنه أن “ستين بالمئة من المساكن في سيفيرودونتسك دمرت وما بين 85 وتسعين بالمئة من مباني المدينة تضررت وستحتاج إلى عملية ترميم كبيرة”.
أطلقت صفارات الإنذار من غارات جوية مجددا فجر الجمعة في خاركيف حيث أدت عمليات قصف في اليوم السابق إلى سقوط تسعة قتلى و19 جريحا، جميعهم من المدنيين حسب زيلينسكي. وقال الرئيس الأوكراني إن رضيعا في شهره الخامس ووالده قتلا بينما أصيبت الأم بجروح خطيرة.
وأصابت الصواريخ منطقة سكنية في منطقة بافلوف بوليه في وسط شمال المدينة كما ذكر صحافي من وكالة فرانس برس في المكان. وقد رأى قتيلا شابا وأربعة جرحى نُقلوا جميعاً إلى المستشفى، بينهم رجل مسن بترت ساقه وذراعه.
وكانت روسيا قد أوقفت هجومها على خاركيف في منتصف أيار/مايو لحشد مزيد من القوات في شرق وجنوب أوكرانيا، وبدأت المدينة عودة صعبة إلى طبيعتها في الأيام الأخيرة تمثلت خصوصا بإستئناف حركة قطارات الأنفاق.
لكن القوات الروسية تحتفظ بمواقع في شرق خاركيف. وحفر الأوكرانيون خنادق جديدة حول المدينة ووضعوا كتلا خرسانية وأكياس رمل ونقاط تفتيش على الطرق استعدادًا لهجوم جديد محتمل.
ورفضت روسيا التي يقول محللون إنها تريد تعزيز مكاسبها في الأراضي في شرق وجنوب أوكرانيا قبل أي حل تفاوضي، الخميس خطة سلام إيطالية.
وتنص هذه لخطة بضمان من الأمم المتحدة، على وقف لإطلاق النار وانسحاب القوات وانضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي ولكن ليس في حلف شمال الأطلسي، ومنح وضع حكم ذاتي لمنطقة دونباس وشبه جزيرة القرم التي ستبقى تحت السيادة الأوكرانية.
بينما تبدو أوكرانيا غير قادرة حاليا على تصدير حبوبها بسبب الحصار المفروض على موانئها، قال الرئيس فلاديمير بوتين إنه مستعد للمساعدة في “التغلب على أزمة الغذاء” الناجمة عن هذا الوضع شرط أن يسبق ذلك رفع للعقوبات المفروضة على موسكو.
وفي محاولة للالتفاف على الحصار، أقامت ألمانيا “جسرًا للسكك الحديد” مع أوكرانيا لمساعدة كييف في تصدير حبوبها، على حد قول القائد المقبل للقوات الأميركية في أوروبا الجنرال كريس كافولي.
على الجبهة الجنوبية، تنشغل روسيا في إحكام قبضتها على المناطق التي احتلتها منذ ثلاثة أشهر.
فقد أعلنت أنها ستسمح لسكان منطقتي زابوريجيا وخرسون بتقديم طلب للحصول على جواز سفر روسي عبر “إجراءات مبسطة”، بينما دانت أوكرانيا منح الجنسية الروسية “قسرا” مما يدل على رغبة موسكو في القيام بضم هذه الأراضي.
وفي ماريوبول، أعلن مسؤول في مجلس المدينة الخميس أن الأطفال سيتبعون بدلا من العطلة الصيفية، برنامجا “لنزع الثقافة الأوكرانية” والإعداد للبرنامج الروسي يشمل خصوصا دروسا في اللغة والأدب والتاريخ.