قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن الولايات المتحدة تراجع تقريرا صادرا عن منظمة العفو الدولية “أمنستي إنترناشيونال” أفاد بأن “ذخائر أميركية تسببت في مقتل مدنيين خلال غارات جوية في غزة”.
وقال ميلر في مؤتمره الصحفي ردا على سؤال بخصوص التقرير “نحن نراجع هذا التقرير، وكما قال الرئيس (جو بايدن) ووزير الخارجية (آنثوني بلينكن) في مناسبات متعددة، إنها مأساة في أي وقت يُقتل فيه مدني. لقد أوضحنا في مناقشاتنا مع القادة الإسرائيليين أننا نشعر بقلق عميق إزاء حماية المدنيين في هذا الصراع. ونتوقع من إسرائيل أن تستهدف فقط الأهداف المشروعة وأن تلتزم بقوانين الصراع المسلح. ويشمل ذلك اتخاذ تدابير للحد من مخاطر إلحاق الأذى بالمدنيين”. لقد تحدثت من قبل عن التحديات الحقيقية التي تواجهها إسرائيل لأن حماس تستخدم البشر – المدنيين كدروع بشرية.
وذكر تقرير المنظمة، الذي صدر الثلاثاء، أن “شظايا من ذخائر الهجوم المباشر المشترك أميركية الصنع” عثر عليها “في أنقاض منازل مدمرة في وسط غزة إثر غارتين أسفرتا عن مقتل 43 مدنيا بالمجمل بينهم 19 طفلا”.
وكانت “منظمة العفو الدولية”، استنادًا إلى تحقيق جديد، قد خلصت إلى أن الجيش الإسرائيلي استخدم ذخائر الهجوم المباشر المشترك أميركية الصنع (JDAM) في غارتين جويتين مميتتين وغير قانونيتين على منازل مليئة بالمدنيين في قطاع غزة المحتل. ووجدت منظمة العفو الدولية أن هاتين الغارتين الجويتين كانتا إما هجمتين مباشرتين على مدنيين أو أعيان مدنية أو هجمتين لا تميزان بين العسكريين والمدنيين، وتدعو إلى التحقيق فيهما باعتبارهما جريمتي حرب”.
عثرت المنظمة على شظايا متميزة من الذخيرة بين أنقاض المنازل المدمرة في وسط غزة إثر غارتين أسفرتا عن مقتل 43 مدنيًا بالمجمل، بينهم 19 طفلًا و14 امرأة و10 رجال. أخبر ناجو كلتا الغارتين منظمة العفو الدولية أنه لم يتلقوا أي تحذير بشأن غارة وشيكة.
أدت غارة شنها الطيران الإسرائيلي في 10 تشرين الأول على منزل عائلة النجار في دير البلح إلى مقتل 24 شخصًا، فيما أسرت غارة أخرى في 22 تشرين الأول على منزل عائلة أبو معيلق في المدينة نفسها عن مقتل 19 شخصًا. ويقع كلا المنزلين جنوب وادي غزة، داخل المنطقة التي أمر الجيش الإسرائيلي سكان شمال غزة بالانتقال إليها في 13 تشرين الأول.
واعتمدت المنظمة على فحوصات خبراء الأسلحة وصور الأقمار الصناعية وصور التقطت للدمار الحاصل في الموقعين وشظايا ذخائر عثر عليها وسط الركام، ويرجح أن “القنبلة التي أصابت منزل عائلة النجار كانت تزن 2000 رطل أي ما يعادل الطن من المتفجرات. أما القنبلة التي أصابت عائلة أبو معيلق ودمرت منزلها، فمن المرجح أنها كانت تزن 1000 رطل، أي نصف الطن، على الأقل”.
وقالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: “أن استخدام الجيش الإسرائيلي ذخائر أمييكية الصنع في هجمات غير قانونية ذات عواقب مميتة على المدنيين يجب أن يدق ناقوس خطر لدى إدارة بايدن. لقد سهلت الأسلحة أميركية الصنع عمليات القتل الجماعي لعائلات ممتدة بأكملها.
وبحسب تقرير المنظمة ، “قُتلت عائلتان في هاتين الهجمتين، ما يشكل دليلًا آخر على أن الجيش الإسرائيلي مسؤول عن قتل وإصابة مدنيين بشكل غير قانوني في قصفه على غزة.
وفي مواجهة العدد غير المسبوق من القتلى المدنيين وحجم الدمار في غزة، “يجب على الولايات المتحدة، والحكومات الأخرى، أن تتوقف فورًا عن نقل الأسلحة إلى إسرائيل، التي من المرجح أن تُستخدم لارتكاب أو زيادة خطر ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي. تعارض المساعدة، عن عمد، في الانتهاكات الالتزام بضمان احترام القانون الدولي الإنساني. يمكن للدولة التي تستمر في توريد الأسلحة المستخدمة في ارتكاب الانتهاكات أن تُشارك في تحمل المسؤولية عن هذه الانتهاكات”.
في ضوء الأدلة على جرائم الحرب والانتهاكات الأخرى، يجب على الولايات المتحدة إتباع قوانينها، والسياسات المتعلقة بنقل الأسلحة وبيعها، بما في ذلك سياسة نقل الأسلحة التقليدية وإرشادات الاستجابة لحوادث الأضرار المدنية، والتي تهدف مجتمعةً إلى منع عمليات نقل الأسلحة التي قد تسهل، أو تساهم بطريقة أخرى، في إلحاق الضرر بالمدنيين وفي انتهاكات حقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني، بحسب التقرير.
لم تجد منظمة العفو الدولية أي مؤشر على وجود أي أهداف عسكرية في موقعي الغارتين أو على أن الأشخاص في المباني كانوا أهدافًا عسكرية مشروعة، مما يثير مخاوف من أن هاتين الغارتين كانتا هجمتين مباشرتين على المدنيين. بالإضافة إلى ذلك، حتى لو استهدفت الغارتان، اللتان لم تقدم إسرائيل أي معلومات عنهما بعد، أهدافًا عسكرية، فإن استخدام أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق في مثل هذه المناطق المكتظة بالسكان يمكن أن يجعل هاتين الهجمتين عشوائيتين لا تميزان بين العسكريين والمدنيين. على هذا النحو، يجب التحقيق في هاتين الهجمتين باعتبارهما جريمتي حرب.
وفي كلا الهجومين، استخدمت القنابل من ذخائر الهجوم المباشر المشترك أميركية الصنع. وتظهر صور الشظايا المعدنية من الأسلحة بوضوح المسامير المتميزة ونظام الحزام الذي يشير إلى أنها كانت جزءًا من الإطار الذي يحيط بجسم القنبلة من ذخائر الهجوم المباشر المشترك. بالإضافة إلى ذلك، فإن الرموز المختومة على اللوحات من مجموعتي الشظايا التي عثر عليها برقم 70P8623527 مرتبطة بذخائر “الهجوم المباشر المشترك” المصنعة من قبل شركة بوينغ Boeing العملاقة ، كما تشير الرموز الإضافية المختومة على اللوحات إلى أن ذخائر الهجوم المباشر المشترك التي قتلت أفرادًا من عائلة النجار صُنعت عام 2017، في حين أن ذخائر الهجوم المباشر المشترك التي قتلت أفراد عائلة أبو معيلق صُنعت عام 2018.
ويقول التقرير “لقد أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع ستة ناجين وأقارب لضحايا الهجومين، كما حللت صور الأقمار الصناعية، التي أظهرت الدمار في المواقع ذات الصلة خلال فترة زمنية تتسق مع روايات الشهود. وأرسلت منظمة العفو الدولية أسئلة بشأن الهجومين إلى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في 21 تشرين الثاني. ولم تتلقَّ أي رد حتى وقت النشر.
وتدعو منظمة العفو الدولية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منذ فترة طويلة إلى فرض حظر شامل على توريد الأسلحة إلى جميع أطراف النزاع في غزة وإسرائيل. كما تحث منظمة العفو الدولية المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية على تسريع التحقيق الذي بدأ عام 2021 في جرائم الحرب، وغيرها من الجرائم بموجب القانون الدولي، التي ارتكبتها جميع الأطراف.