المصالحة الفتحاوية الداخلية.. رافعة وطنية لتعويض النقص واستدراك الفوات

27 أغسطس 2024آخر تحديث :
المصالحة الفتحاوية الداخلية.. رافعة وطنية لتعويض النقص واستدراك الفوات

تشهد الساحة السياسية الفلسطينية تحركاتٍ جادةً لإعادة ترتيب البيت الداخلي لحركة فتح، في محاولةٍ لتجاوز حالة الانقسام التي أضعفت الحركة، وأثرت سلباً على القضية الفلسطينية بشكل عام.

ويرى كتاب ومحللون سياسيون، في أحاديث منفصلة لـ”ے” و”القدس” دوت كوم، أن المصالحة بين تيارات فتح تُعدّ خطوةً حاسمةً وضروريةً لإعادة بناء قوة الحركة، وتعزيز مكانتها كضمانة أساسية للوحدة الوطنية، مؤكدين أن توحيد الصف الفتحاوي أصبح أمراً مُلحاً في ظل التحديات الراهنة، وبات من الضروري إزالة آثار الانقسام والترهل اللذين أصابا الحركة خلال السنوات الأخيرة، إذ إن نجاح هذه المصالحة سينعكس إيجاباً على قطاع غزة، ويعزز جهود إعادة الإعمار، ما يتطلب توحيد جميع التيارات الفتحاوية على برنامج سياسي موحد.

واعتبر الكتاب والمحللون أن تحقيق هذه الوحدة الداخلية لن يعزز فقط من قوة حركة فتح، بل سيساهم أيضاً في ترسيخ مكانة منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني على الصعيدين المحلي والدولي.

المصالحة الفتحاوية استحقاق وطني

وشدد الكاتب والمحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض على أهمية وضرورة المصالحة الداخلية بين تيارات حركة فتح، مشيراً إلى أن هذه المصالحات تمثل عنصراً حاسماً لاستعادة الحركة قوتها وقيادتها المشهد الفلسطيني.

وأوضح عوض أن الخلافات والترهل اللذين شهدتهما الحركة في الفترة الأخيرة يعززان الحاجة إلى المصالحات، التي أصبحت مسألة حتمية في ظل الظروف الوطنية الحالية، مشيراً إلى أن المصالحة الفتحاوية تُعد استحقاقاً وطنياً.

وقال عوض: إن تيار محمد دحلان يمثل جزءاً لا يُستهان به في قطاع غزة، ما يجعل التنسيق معه أمراً ضرورياً لتمكين عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، لافتاً إلى أن بعض الأطراف العربية تلعب دوراً كبيراً في هذا السياق، سواء من خلال الدعم المالي أو تقديم الشرعية، ما قد يعزز من جديّة هذه المصالحة في ظل الظروف الراهنة.

وحسب عوض، فإن نجاح المصالحة الفتحاوية سينعكس بشكل مباشر على قطاع غزة، حيث لا يمكن للسلطة الفلسطينية العودة إلى القطاع عبر تدخل إسرائيلي، بل يجب أن يكون ذلك نتيجة اتفاق فلسطيني داخلي، وهو الشرط الوحيد الذي يمنح السلطة الشرعية للعودة إلى غزة، لافتاً إلى أن تيار دحلان له وجود مؤثر في القطاع، ما يستدعي التنسيق معه لضمان نجاح أي ترتيبات مستقبلية.

المصالحة الفتحاوية وخطة الرئيس للتوجه إلى غزة

ولفت عوض إلى توقيت الحديث عن المصالحة الفتحاوية، مشيراً إلى أنه يرتبط بخطة الرئيس محمود عباس لزيارة قطاع غزة، لأن هذه الزيارة تحمل دلالات رمزية مهمة، مثل توحيد الجغرافيا والتمثيل الفلسطيني.

وأشار عوض إلى أن هذه الخطوة تتطلب مصالحة شاملة وتسهيلات عدة من أجل ترتيب الأوراق الفلسطينية، في ظل فهم حركة حماس أهمية هذه المصالحة ورغبتها في الخروج من عنق الزجاجة والمأزق الذي تواجهه.

وقال: إن هذه الترتيبات قد لا تؤدي بالضرورة إلى عودة قوية لحركة فتح، لكنه يرى أن ذلك مرتبط بالموافقة الإقليمية والدولية والقبول الداخلي الفلسطيني.

وأكد عوض أن إسرائيل لن ترحب بعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، ولن تكون مسرورة بتوحيد الوطن الفلسطيني، إذ إن استراتيجيتها تهدف إلى فصل الشعب الفلسطيني جغرافياً وسياسياً، وكل ما فعلته من حرب يهدف بشكل عملي إلى فصل الشعب الفلسطيني عن بعضه، وفصل الولاية السياسية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وفصل الناس، بعضهم عن بعض، بحيث من يدير قطاع غزة لا علاقة له بمن يدير الضفة الغربية، وهذا ما تريده إسرائيل.

وأوضح عوض أن إسرائيل لن توافق على عودة الرئيس محمود عباس إلى القطاع، لأن نتنياهو يريد احتلال غزة وإيجاد إدارة عربية أو دولية او فلسطينية تأتمر بأمر إسرائيل، لكن عوض أشار إلى إمكانية العودة تحت ضغوط دولية قوية على إسرائيل، وهو أمرٌ ليس بالهيّن.

خطوةٌ حاسمةٌ لإنهاء حقبة سوداء في التاريخ الفلسطيني

من جانبه، قال الكاتب والمؤرخ حسام أبو النصر، وهو رئيس مؤسسة بيت القدس للدراسات والبحوث الفلسطينية، إن المصالحة الفتحاوية الفتحاوية تشكل خطوة حاسمة لا يمكن تجاهلها في الساحة السياسية الفلسطينية، لتنهي حقبة تاريخية سوداء في حياة الشعب الفلسطيني.

وأضاف: “هذه المصالحة ليست مجرد ترتيب داخلي، بل هي الأساس الذي ستُبنى عليه المصالحة الوطنية الشاملة، نظراً لأن قوة حركة فتح تُعد الضمانة الأساسية لوحدة الحركة الوطنية بأكملها”.

وأشار أبو النصر إلى أن الجهود لرأب الصدع داخل حركة فتح قد بدأت منذ فترة طويلة، مع محاولات متكررة للتواصل بين قيادات تيار محمد دحلان وقيادة الحركة، وعلى الرغم من أن بعض هذه المحاولات باءت بالفشل، فإن استمرار الخلافات أثّر بشكل سلبي على الشارع الفلسطيني.

ويرى أن تيار دحلان يمثل المحور الرئيسي للخلاف، وإذا تمت المصالحة معه، فإن باقي القضايا ستكون قابلة للحل.

ويشدد أبو النصر على أن القيادي بحركة فتح الأسير مروان البرغوثي هو الشخصية الفتحاوية الوطنية المتفق عليها من جميع الأطراف، وسيكون له دور محوري في إنهاء هذا الانقسام الفتحاوي الداخلي.

الخلاف مع تيار دحلان

ويرى أبو النصر أن حل الخلاف مع تيار دحلان سيؤدي إلى عودة الشخصيات التي تم فصلها أو استبعادها من المشهد، وحل الخلاف أيضاً مع ناصر القدوة وبعض أعضاء المجلس الثوري، ما سيسهم في توحيد الحركة من جديد.

وشدد على أن المصالحة الفتحاوية الداخلية ستسهم في حل المشاكل المتعلقة بالأجهزة الأمنية، ورواتب الذين قُطعت عنهم، وكل من تضرر بسبب الانقسام الداخلي.

وأكد أبو النصر أن هذه المصالحة يجب أن تتم بأي ثمن، لأنها ستنعكس إيجاباً على حركة فتح وعلى الحالة الوطنية برمتها.

ويرى أنه من الضروري التعلم من أخطاء الماضي، مشيراً إلى أن تيار دحلان الذي انتقد أداء حركة فتح والسلطة كان هو نفسه جزءاً من هذا الأداء.

وقال: “إن استمرار الانقسام الفتحاوي لا يمكن أن يتواصل في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع غزة، من حرب إبادة، ووجود 50 ألف شهيد، وإن المصالحة الفتحاوية هي الخطوة الأولى نحو المصالحة مع حركة حماس وإعادة إعمار غزة”.

المصالحة الفتحاوية ستُعطي زخماً لزيارة الرئيس

وأشار أبو النصر إلى أن الانقسام بين تيارات فتح أضعف الحركة على الساحتين الدولية والعربية، وأن المصالحة الداخلية ستعيد لها قوتها، كما أن توقيت المصالحة الفتحاوية سيُعطي زخماً لزيارة الرئيس محمود عباس المرتقبة إلى قطاع غزة، ما سيعزز من مصداقية السلطة الفلسطينية وجهودها في إعادة الإعمار.

وأكد أبو النصر أن تيار دحلان جزء لا يتجزأ من النسيج الفلسطيني في غزة، وأن المصالحة معه ضرورية لدعم الرئيس وحركة فتح في إدارة شؤون القطاع.

ويرى أبو النصر أن عودة الوحدة الفتحاوية هي الشرط الأول لنجاح أي مصالحة وطنية شاملة، وأن أي تأخير في تحقيق هذه المصالحة سيؤثر سلباً على جهود إعادة الإعمار.

وشدد على أن وجود جهة فلسطينية واحدة تتعامل معها الجهات الدولية هو أمر ضروري، وأن بقاء الانقسام سيجعل الأمور أكثر تعقيداً، خاصة في ظل الحديث عن دولة فلسطينية، ولذا يجب أن تجتمع تحت لواء تلك الدولة جميع القوى الوطنية.

وأضاف أبو النصر: المصالحة الفتحاوية الفتحاوية ستحدث عاجلاً أم آجلاً، وأن التأخير فيها ينعكس سلباً على الجميع.

المصالحة الفتحاوية واستعادة الوحدة الوطنية

وأكد أبو النصر أن المصالحة الفتحاوية الفتحاوية نقطة ارتكاز والحجر الأساس في المصالحة الوطنية، وستنعكس إيجاباً على إعلان الرئيس محمود عباس عزمه القوي على زيارة غزة.

ويرى أبو النصر أن هذه الخطوة ستدفع المجتمع الدولي لدعم السلطة الفلسطينية في غزة، خاصة أن المفاوضات الحالية بين حماس وإسرائيل بوساطة دولية أكدت ضرورة وجود السلطة لإدارة القطاع.

وعن رد الفعل الإسرائيلي المتوقع من إعلان الرئيس محمود عباس عزمه الذهاب إلى قطاع غزة، قال أبو النصر: “إن رفض إسرائيل يجب ألا يثني الفلسطينيين عن ممارسة حقوقهم، حيث إن إسرائيل رفضت ووضعت شروطاً كثيرة أمام أي مطلب فلسطيني”.

وأشار إلى أن المجتمع الدولي سيجد نفسه مضطراً للتعامل مع هذه الخطوة كواقع لا يمكن تجاهله، أو لا معنى لوجود مؤسسات المجتمع الدولي المختلفة، في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني.

الالتقاء على برنامج سياسي واحد وبنى تنظيمية موحدة

بدوره، شدد الكاتب والمحلل السياسي عبد الغني سلامة على أهمية ترتيب البيت الداخلي لحركة فتح، مشيراً إلى أن أي ضعف داخل الحركة ينعكس سلباً على مجمل القضية الفلسطينية.

وأوضح سلامة أن التصدعات التي شهدتها حركة فتح في السنوات الأخيرة أدت إلى انقسامات واستقطابات داخلية، ما تسبب في حالة من الترهل والضعف، لذلك أصبح من الضروري بشكل مُلح إعادة ترتيب البيت الداخلي للحركة، لإزالة آثار ذلك الترهل.

وأشار إلى أن المصالحة مع تيار محمد دحلان يجب أن تكون على مستوى التيار وليس مع الشخص نفسه، داعياً إلى ضرورة التقاء جميع التيارات الفتحاوية على برنامج سياسي واحد وبنى تنظيمية موحدة.

ولفت سلامة إلى أن توحيد التيارات داخل فتح بات مطلباً حتمياً لاستعادة تماسك الحركة وتعزيز خطابها السياسي الثوري والمقاوم، بهدف استعادة هيبتها وقوتها التنظيمية، معتبراً أن هذه الفترة تمثل فرصة مناسبة لتحقيق هذا الهدف.

وتطرق إلى أن التداعيات الجارية في قطاع غزة ستطول كافة المؤسسات الفلسطينية الرسمية والفصائلية، ما يفرض الحاجة إلى تغيير جذري وتكيف مع المرحلة الراهنة، وهنا جاءت الأهمية إلى إجراء عملية إصلاح شامل داخل حركة فتح لتشكيل مرحلة جديدة تنطلق فيها الحركة بمواكبة تطورات القضية الفلسطينية.

الأولوية للمصالحة الوطنية بين كل الفصائل

وفي سياق الحديث عن زيارة الرئيس محمود عباس المرتقبة لقطاع غزة، شدد سلامة على أهمية هذه الزيارة، لكنه أوضح أن الأهم ترتيب البيت الفتحاوي والتصالح مع جميع الفصائل الفلسطينية، ويجب أن يكون في مقدمة الأولويات.

ويرى سلامة أن القاعدة الشعبية الواسعة في قطاع غزة تنتظر زيارة الرئيس محمود عباس، معبرة عن أملها في أن تكون هذه الزيارة بداية لمرحلة جديدة تُخلصهم من آثار الحروب والإبادة والدمار.

وقال: إن السلطة الفلسطينية هي الجهة الوحيدة القادرة على إدارة المرحلة الحالية، حيث تمتلك الولاية الحصرية لتوحيد شطري الوطن.

وشدد سلامة على أن حماية الضفة الغربية تتطلب العودة إلى قطاع غزة ضمن مشروع ورؤية سياسية شاملة، حيث إن حماية غزة تعني حماية الضفة، وتشكل جداراً منيعاً أمام المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تقسيم الشعب الفلسطيني وتهجيره.

مظلة تمثيلية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة

ويرى الكاتب والمحلل السياسي عماد موسى أن المصالحة بين تيارات حركة فتح ليست مجرد خطوة نحو الوحدة الداخلية للحركة فحسب، بل تعد أيضاً ركيزة أساسية لتقوية مكانة منظمة التحرير الفلسطينية.

وقال موسى: إن هذه المصالحة تمثل فرصة استراتيجية لفتح الباب أمام مصالحة أوسع مع حركة حماس، ما يعزز الصفة التمثيلية للشعب الفلسطيني على الساحة الدولية، خاصة بعد اكتمال المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية.

وعن أهمية هذه الخطوة، أوضح موسى أن المصالحة الفتحاوية يمكن أن توفر مظلة تمثيلية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهو ما سيُمكّن من تسهيل دخول المساعدات الإنسانية، وإعادة تأهيل البنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس وآبار المياه والكهرباء، وبهذا الشكل تصبح عملية إعادة الإعمار مسؤولية جماعية يتم دعمها بشكل شامل.

واعتبر موسى أن الحديث عن المصالحة الفتحاوية- الفتحاوية يأتي في توقيت حرج ومرحلة حساسة، خاصة مع تعثر المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي.

وأشار موسى إلى أن هذه المصالحة يمكن أن تُفسَّر كرد قوي على محاولات إفشال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تلك المفاوضات، ما يبعث برسالة واضحة مفادها أن الشعب الفلسطيني متحد، ولا توجد خلافات تُضعف وحدته، وأن السلطة الفلسطينية قائمة وفعالة حتى وإن كانت هناك محاولات لعرقلة وجودها.

ولفت إلى أن القرار في النهاية يعود للولايات المتحدة، بالرغم مما يظهر من سيطرة حكومة نتنياهو.

ويرى موسى أن وجود السلطة في قطاع غزة سيكون له تأثير كبير على وضعها السياسي، حيث ستتمكن من استثمار هذا الوجود لدعم قيام دولة فلسطينية مستقلة وسد الثغرات التي تُروج لفكرة أن السلطة لا تمثل سوى الضفة الغربية.

ولفت إلى أن عملية إعادة إعمار غزة تحتاج إلى تمثيل فلسطيني مقبول دولياً، وهو ما تستطيع السلطة الفلسطينية تحقيقه من خلال أذرع حركة فتح المختلفة، مؤكداً أن الحركة بحاجة إلى تضافر جهود جميع تياراتها في غزة لتحقيق هذا الهدف.

نهج التفرد والشخصنة

وقال الكاتب والمحلل السياسي المقدسي زياد أبو زياد لـ “ے”: “لأول مرة يجري حديث جدي عن مصالحة فتحاوية– فتحاوية، في حين أن الحديث عن المصالحة بين فتح وحماس فقد الأغلبية من أبناء شعبنا الاهتمام بها، ليس لأنهم غير معنيين بهذه المصالحة، بل لأنهم باتوا يعتقدون بعدم جدية حديث الطرفين عن المصالحة، لأن هناك أشحاصاً ومراكز قوى داخل الحركتين مستفيدة من الانقسام، وتخشى أن تؤدي المصالحة إلى فقدانها هذه المكاسب، سواء أكانت امتيازات أم نفوذاً أم مصالح أم مكاسب مادية شخصية”.

وأضاف: “هذه هي أول مرة يدور فيها الحديث عن مصالحة فتحاوية داخلية، لأن النهج الذي يهيمن على الحركة هو نهج التفرد والشخصنة ليس فقط من قبل قيادة الحركة، بل وأيضاً من قبل بعض القيادات التي انشقت عن الحركة، وخرجت عن طوقها، ناهيك عن غياب الديمقراطية والحوار الإيجابي داخل مؤسسات الحركة بسبب تغييبها عن ضبط إيقاع العمل التنظيمي، وعدم الالتزام بنظام الحركة الداخلي ولوائحها وأنظمتها وقراراتها، واعتماد أسلوب الفصل أو الطرد بحق من يخالف أو من تختلف معه.

وأوضح أبو زياد أن “الحديث عن المصالحة بشقيها الفتحاوي الداخلي، والشق الخارجي مع حماس يأتي في سياق الحديث والخطوات العملية التحضيرية التي تقوم بها القيادة لترتيب الوضع الفلسطيني الداخلي، وتحقيق جبهة وطنية عريضة تضم كل مكونات ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، بما في ذلك حركتا حماس والجهاد، لمواجهة التحدي الأكبر، وهو محاولة إسرائيل تكريس احتلال قطاع غزة، واستمرار القتل والتدمير انتظاراً للحظة المناسبة لتهجير جماعي لأهلنا في القطاع إلى خارجه”.

فتح هي العمود الفقري لحركة التحرر الفلسطيني

وأضاف أبو زياد: “أياً كانت الدوافع وراء السعي نحو تحقيق المصالحة الفتحاوية الداخلية فإن أي إنسان وطني فسطيني، سواء أكان فتحاوياً أم لم يكن، يرحب بأيّ خطوة لإعادة الوحدة للحركة، وتفعيل مؤسساتها وأطرها وضخ دماء شابة في عروقها، ونبذ أسلوب التفرد و”التأليه” لأي أحد كان، والاحتكام للنظام الداخلي للحركة واللوائح والقرارات التنظيمية، لأن فتح هي العمود الفقري لحركة التحرر الفلسطيني بشقيها الوطني والإسلامي، ووحدة الحركة وصلابتها، وعودتها إلى اتخاذ دورها الطليعي الريادي هي الضمان الوحيد لتحقيق الهدف الوطني الأسمى، وهو دحر الاحتلال وإقامة الدولة”.

وأكد أن “تحقيق الجبهة الداخلية وتمتينها وتمكينها تتطلب تحقيق المصالحتين (الفتحاوية الداخلية وبين فتح وحماس) اللتين طال انتظارهما، وآن الأوان لأن تكونا من الماضي، فلنأمل أن الحديث عن المصالحتين هو حديث جدي ومسؤول وصادق وأنه سيحقق الهدف منه”.

فتح أكبر الفصائل

من جانبه، قال المحلل السياسي المقدسي عبد اللطيف غيث لـ”ے” و”القدس” دوت كوم: “إن ما يدور من حديث حول وحدة داخل حركة فتح أمر كل الفلسطينيين، سواء أكانوا قوى سياسية أم جمهوراً أم مؤسسات تدفع بهذا الاتجاه، وترى أن سلامة العمل الوطني والمرحلة الصعبة التي يمر بها شعبنا تتطلب وحدة عامة ووحدة داخلية داخل كل فصيل”.

وأضاف: كون فتح هي الفصيل الذي يتسلم السلطة وأكبر الفصائل، فإن شعبنا معني بوحدة أو مصالحة داخلية، لكن برأيي هذه المصالحة ليست هي الأولوية قياساً بالمصالحة الوطنية.

وأضاف غيث: “الأساس هو تحقيق وحدة شاملة، لأن أي وحدة شاملة تضم كل القوى السياسية والفصائل والمكونات الفلسطينية، وأن الوحدة الداخلية لفتح تصبح تحصيل حاصل، أي تأتي ضمن الوحدة الشاملة، لأن الأطراف المتنازعة أو المختلفة في داخل فتح، كل طرف من جانبه يريد الوحدة حتى لو لم ينسجم مع الطرف الآخر، فينسجم مع الوحدة الشاملة”.

تنفيذ مخرجات لقاء بكين

وبرأي غيث، فإن “الأولوية ونقطة البدء في عملية المصالحة الفلسطينية يجب أن تبدأ بقرارات من الاجتماع الأخير الذي جرى في بكين، وهذا يتحقق في خطوتين أساسيتين: الأولى دعوة القيادة الوطنية الموحدة لكل الفصائل والقوى السياسية ومستقلين، لتكون مرجعية للمرحلة الحالية التي تمر بها استعادة الوحدة وإنهاء الانقسام من توحيد للمؤسسات وإعادة تفعيل وتركيب وتجهيز منظمة التحرير، ووضع خطة استراتيجية شاملة لمواجهة المرحلة الراهنة. أما الخطوة الثانية، فهي تشكيل حكومة متفق عليها وطنياً حتى تقوم بتنفيذ الخطوات الوحدوية في توحيد الساحتين التعليم والصحة والقضاء”.

وقال غيث: “هذا ما هو مطلوب حالياً وفي هذا الإطار تصبح عملية الوحدة الداخلية لفتح مطلب وضرورة مهمة”.

وأضاف: إذا كانت فتح السلطة تريد أن تحمي نفسها من الاحتلال من خلال العودة إلى توحيد صفوفها الداخلية، فأعتقد أن فتح تكون مخطئة، لأن الذي يحمي فتح السلطة ليس وحدة فتح الداخلية، وإنما وحدة الشعب الفلسطيني، الوحدة الشاملة هي التي تحمي فتح وليس وحدتها الداخلية فقط”.

استنهاض الحراك الفتحاوي

أما الكاتب والمحلل السياسي د. فوزي علي السمهوري، فقال لـ”ے” و”القدس” دوت كوم: إن الحديث عن الوحدة الداخلية الفتحاوية بالتأكيد أمر مهم جداً، والوحدة ستمنح أداء حركة فتح والاستراتيجية الفلسطينية المقبلة أهمية كبرى في مواجهة المخطط الإسرائيلي الهادف إلى تهجير الشعب الفلسطيني خارج وطنه”.

وأضاف: يبقى السؤال عند الحديث عن الأوضاع الداخلية الفتحاوية: مَن هو المعني بذلك؟ وهل هناك محظورات على طبيعة الشخص؟ أو هناك موانع وفقاً للنظام الداخلي لحركة فتح؟

وتابع السمهوري: إن الحديث عن تعزيز الوحدة الفتحاوية لا يتناقض مع أهداف الحركة ووحدتها وقوتها، هذا جانب، وفي الجانب الآخر من المهم الحديث أيضاً عن ماهية الإضافات المهمة، وهل ستعزز القرار الفلسطيني المستقل الذي طرحته القيادة الفلسطينية والشهيد أبو عمار، ويؤكده دوماً الرئيس محمود عباس، وهل هذه الوحدة الوطنية الفلسطينية تهدف إلى زيادة نفوذ بعض الأقطار، سواء أكانت عربية أم إقليمية أم ستعزز القرار المستقل.

وتابع: نريد الآن استنهاض الحراك الفتحاوي على الصعيد الداخلي، واستنهاض العمل الجماهيري لحشد الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها نحو تعزيز القرار الفلسطيني المستقل، وفي طريق النضال بكافة الوسائل المكفولة دولياً حتى إنجاز الحرية والاستقلال.

تفعيل مؤسسات فتح

وأشار إلى أهمية تفعيل المؤسسات الفتحاوية، مثل المجلس الثوري والمجلس الاستشاري لحركة فتح، وضرورة الدعوة للمؤتمر الثامن للحركة، وأن يكون المشاركون وفقاً للنظام الداخلي، وأن يكون المؤتمر ممثلاً لجميع الشعب الفلسطيني والكوادر الفتحاوية داخل الوطن وخارجه.

واقترح أن “تكون نسبة تمثيل الخارج -الأقاليم الخارجية- بما لا يقل عن 40-50%، وعندئد ستمنح القوة والثقة التي تتمتع بها حركة فتح على مدار تأسيسها منذ 59 عاماً، والتي استطاعت حشد الجماهير حولها وبحكمة قياداتها تجاوزت العقبات”.

وأوضح أن “هذا هو الأساس الذي يجب الاحتكام إليه وماهية الإيجابيات التي ستنعكس على النضال الفلسطيني، وتعزيز القدرات بما يحقق الثوابت الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي هُجروا منها عام 48 تنفيذاً للقرارات الدولية.

وشدد السمهوري على أهمية الاستناد إلى القرارات الدولية، وتحديداً قرار التقسيم 181، فبالرغم من الظلم الذي أحاط بالشعب الفلسطيني، فإنه أبقى له 45% من مساحة فلسطين التاريخية لإقامة الدولة، ويجب حشد الجهود الدولية للضغط على الاحتلال وأمريكا لتنفيذ القرارات الدولية تحت طائلة فرض العقوبات، وتجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة”.