التكنولوجيا تخفف من وطأة العزلة الناجمة عن فيروس كورونا المستجد

9 مارس 2020آخر تحديث :
التكنولوجيا تخفف من وطأة العزلة الناجمة عن فيروس كورونا المستجد

عادة ما تتهم التكنولوجيا بالإساءة إلى التآخي والتواصل المباشر، إلا أنها قد تتمكن من تلميع صورتها بفضل أزمة فيروس كورونا المستجد والحجر الصحي، لما توفره من نشاطات و”اجتماعات” عن بعد.

وبفضل التطورات التكنولوجية، باتت اجراءات العزل ولا سيما في المدن الكبيرة والأسر الميسورة امرا سهلا ومريحا مع إمكانية العمل من المنزل والحصول على التشخيص الطبي عن بعد وممارسة الرياضة عبر التطبيقات أو الأجهزة الموصولة ووسائل الترفيه بالبث التدفقي.

ويقول باتريك مورهيد المحلل لدى “مور إنسايتس أند ستراتيجي”، “للمفارقة أصبحت الكثير من التكنولوجيات التي تتعرض عادة للانتقاد الشديد، ملجأ نشعر فيه بالأمان في زمن فيروس كورونا المستجد”.

ففي الصين وكوريا الجنوبية ودول اخرى، تشهد الخدمات المتوافرة عبر الحوسبة السحابية (كلاود) ارتفاعا صاروخيا.

وفي حين تسجل الأسواق المالية تراجعا كبيرا، “ارتفع سعر سهم شركة +زوم+ بنسبة 40% في شباط/فبراير بفضل الطلب الكبير على تكنولوجيا العمل عن بعد” على ما يشير موريس جرارد المحلل لدى “فيوتشرسورس”، مضيفا أن الشركة المتخصصة بالاجتماعات عبر الفيديو شهدت ارتفاعا غير مسبوق في عدد المستخدمين في فترة زمنية قصيرة.

عند الساحل الغربي للولايات المتحدة، أوصت عدة مجموعات كبيرة من أمثال “أمازون” و”مايكروسوفت” و”غوغل”، موظفيها بالعمل من المنزل ولا سيما في منطقة سياتل مركز انتشار فيروس كوفيد-19 في الولايات المتحدة.

وفي هذا الإطار، تظهر أهمية وسائل التواصل المخصصة لموظفي الشركات مثل “سلاك” و”ووركبلايس” (فيسبوك). وكانت الشركات، الناشئة خصوصا، تلجأ إلى العمل من المنزل في بداياتها للاقتصاد في كلفة الإيجارات والتجهيزات.

ويوضح ديفيد بشيري مدير شركة “فابيرنوفل” للاستشارات في الولايات المتحدة، “تسمح هذه الأدوات بالتواصل مع الزملاء والحديث معهم كما يحصل عادة في الشركة عند الموزع الآلي للقهوة وأيضا لتبادل المعلومات حول المشاريع الجاري العمل عليها بما يشمل الزبائن أيضا”.

وبفضل خطوط الانترنت القوية، أزيلت العقبات التقنية التي كانت تشوب عقد اجتماعات عبر الفيديو تضم 10 او 20 شخصا.

في سان فرانسيسكو، أبلغت بعض المدارس ذوي التلاميذ بأنها قد توفر بعض الحصص الدراسية عن بعد في حال اضطرت إلى إغلاق أبوابها.

وأعلنت جامعة ستانفورد أن دروسها لبقية فصل الشتاء ستتم عبر الانترنت من الآن فصاعدا.

وتريد شركات الواقع الافتراضي الذهاب أبعد من ذلك فيما تُلغى المعارض المهنية أو تستبدل بمؤتمرات رقمية.

فقد أعلنت شركة “إتش تي سي” التايوانية الجمعة أن المشاركين في مؤتمرها حول ماركتها للواقع الافتراضي “فايف” سيتمكنون من المشاركة فيه بفضل خوذات من خلال الانغماس الافتراضي.

إلا ان تقنية الواقع الافتراضي المكلفة لن تغزو كل المنازل لكن “الموظفين والمستهلكين سيكونون على تماس أكبر مع هذه التكنولوجيات الناشئة” على ما يشدد موريس جرارد.

وقد تساهم حالات الاستخدام الناجمة عن انتشار كوفيد-19 في زيادة الاستثمارات في هذا القطاع.

ويشهد البث التدفقي من موسيقى وأفلام وألعاب، وشبكات التواصل الاجتماعي إقبالا متجددا أيضا.

وتقول دون روز كيرن وهي مدرسة رقص عزلت نفسها في منزلها في سان فرانسيسكو بسبب إصابتها بأعراض الانفلوانزا “كنت سعيدة اكثر من أي وقت مضى بوجود خيارات الواقع المعزز على هاتفي. وخاصية +القصص+ عبر إنستغرام كانت ممتازة لإبعادي عن التفكير بالحمى التي تصيبني والبقاء على تواصل” مع الآخرين.

في الصين، صور مئات الأشخاص العاجزين عن الخروج من منازلهم أنفسهم بشكل متزامن للمشاركة في سهرات أو في حصص رقص افتراضية.

وتقول لورين راين المحللة لدى “مينتل”، “حصص الرياضة المباشرة من خلال الشاشة قد تصبح شعبية جدا. وقد تلجأ النوادي إلى بث حصصها”.

ويتوقع عدة خبراء اداء جيدا لتجهيزات الرياضة مثل “بولتون” مع دراجاتها للتدريبات الداخلية الموصولة بالانترنت للمساعدة في التمارين بالتزامن او عند الطلب.

وفي مجال التجارة الإلكترونية، يقول جيمس مانينغ سميث من “فيوتشرسورس” إن “الموقع الصيني +جاي دي.كوم+ وظف 20 ألف شخص إضافي. لكن من الصعب القول إن كان هذا القطاع سيستفيد من الوضع الحالي على المدى الطويل. إلا ان الناس قد يعتادون على عمليات التسليم إلى المنزل”.

ويرى ديفيد بشيري أن التكنولوجيات التي تسمح بمواصلة الروابط الاجتماعية ستخرج معززة من هذه الأزمة “لأن الإنسان يبقى كائنا اجتماعيا بامتياز وغير مستعد للعيش منقطعا عن الآخرين”.