بدأ الرئيس اللبناني ميشال عون، صباح اليوم الخميس، استشارات نيابية لتسمية رئيس للحكومة يُرجّح أن يكون رئيس تيار المستقبل سعد الحريري.
وأعلنت غالبية من النواب تأييدها لتسمية الحريري الذي قدم استقالة حكومته الأخيرة قبل عام تحت ضغط الشارع، بعد انطلاق تظاهرات حاشدة طالبت برحيل الطبقة السياسية مجتمعة. ويُتوقّع ان تثير تسميته مجدداً غضب المحتجين في وقت تغرق البلاد في أسوأ أزماتها الاقتصادية والسياسية.
وعشية تسميته، حمّل عون الحريري، من دون أن يسميه، مسؤولية معالجة الفساد وإطلاق ورشة الإصلاح. ووضع النواب أمام مسؤولياتهم داعياً اياهم الى التفكير “بآثار التكليف على التأليف وعلى مشاريع الإصلاح ومبادرات الإنقاذ الدوليّة”.
ويعارض التيار الوطني الحر الذي يتزعمه عون تكليف الحريري. ونقلت وسائل اعلام محلية عن عون قوله لصحافيين الأربعاء “خسرتُ سنة و14 يوماً حتى الآن من عهدي بسبب تأليف الحكومات السابقة التي كانت برئاسة الحريري”.
ويحظى الحريري بشكل رئيسي بدعم غالبية نواب الطائفة السنية التي ينتمي إليها، وكتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وحركة أمل التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري. وأعلن رئيس كتلة حزب الله النائب محمّد رعد بعد لقاء عون إن الكتلة “لم تسم أحداً لرئاسة الحكومة”.
وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، انطلقت تظاهرات شعبية غير مسبوقة استمرت أشهرا. وحمّل المتظاهرون القوى السياسية التي تحكم البلاد منذ عقود مسؤولية التدهور الاقتصادي والمعيشي بسبب تفشي الفساد والصفقات والإهمال واستغلال النفوذ.
وبعد اسقاط حكومة الحريري، شكّل حسان دياب مطلع العام حكومة اختصاصيين، تسلّمت السلطة لمدة سبعة أشهر، لكنها لم تنجح في إطلاق أي إصلاح بسبب تحكم القوى السياسية بها.
واثر انفجار المرفأ المروع في 4 آب/أغسطس، استقال دياب. وزار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت للمساعدة في حل الأزمة. ثم عاد مرة ثانية مطلع أيلول/سبتمبر وأعلن عن مبادرة قال إن كل القوى السياسية وافقت عليها، ونصت على تشكيل حكومة تتولى الإصلاح بموجب برنامج محدد، مقابل حصولها على مساعدة مالية من المجتمع الدولي.
لكن القوى السياسية فشلت في ترجمة تعهداتها، ولم يتمكن السفير مصطفى أديب الذي سمي لتشكيل الحكومة بسب الانقسامات السياسية.
بعدها، منح ماكرون في 27 أيلول/سبتمبر مهلة جديدة للقوى السياسية من “أربعة إلى ستة أسابيع” لتشكيل حكومة، متهماً الطبقة السياسية بـ”خيانة جماعية”.
وأعلن الحريري أخيراً أنه مرشّح لرئاسة الحكومة ضمن ثوابت المبادرة الفرنسية، كونها “الفرصة الوحيدة والأخيرة لوقف الانهيار”.
وفي موقف لافت، حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان-ايف لودريان الأربعاء من أنه “إذا لم يقم لبنان بالإصلاحات المطلوبة، فإنّ البلد نفسه معرّض للانهيار”. وانتقد عودة “النزعات القديمة، والمحاصصة حسب الانتماءات، حسب الطوائف” فيما “لا يسمح الوضع” الحالي بذلك.
وتسمية الحريري لا تعني أن مهمته في تأليف الحكومة ستكون سهلة، خصوصاً بعد اعلانه انه يعتزم تشكيل حكومة اختصاصيين من خارج القوى السياسية تضع خلال ستة أشهر الاصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي على سكة التنفيذ.
وأوردت صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله الخميس “ما إن ينتهي عرض الاستشارات، حتى تُطلق صفارة معركة جديدة، هي معركة التأليف، ليتجه المشهد إلى مزيد من الحماوة، إذ تتزايد التوقعات بارتفاع وتيرة التشنجات السياسية”.
ويشهد لبنان منذ عام أزمات متتالية من انهيار اقتصادي متسارع فاقم معدلات الفقر، إلى قيود مصرفية مشدّدة، وتفشّي وباء كوفيد-19 وأخيراً انفجار المرفأ فيما يشترط المجتمع الدولي تقديم أي مساعدة بتنفيذ اصلاحات ملحة.