أطلق سراح الساعدي القذافي، أحد أبناء الزعيم الليبي السابق معمر القذافي والذي كان مسجونا في العاصمة طرابلس منذ العام 2014، تنفيذا لحكم قضائي يعود إلى سنوات، بحسب مصدر من وزارة العدل.
وأوضح المصدر في تصريح لوكالة فرانس برس مساء الأحد، أن “الساعدي معمر القذافي أطلق سراحه رسميا، تنفيذا لقرار قضائي يقضي بالإفراج عنه” من دون إعطاء المزيد من التفاصيل.
وذكرت العديد من وسائل الإعلام المحلية مساء الأحد أن الساعدي القذافي غادر الأراضي الليبية في رحلة متوجهة إلى تركيا.
وأكد مصدر من مكتب النائب العام لوكالة فرانس برس أيضا قرار “الإفراج” عن الساعدي، مشيرا إلى أنه جاء تنفيذا لتوصية سابقة من طرف النائب العام.
وقال في هذا الصدد “أوصى النائب العام قبل أشهر بتنفيذ قرارات قضائية بالإفراج عن الساعدي، بعدما توافرت كل الشروط العدلية لتنفيذها”.
ورفض المصدر التعليق على الأنباء عن مغادرة الساعدي الأراضي الليبية، قائلا “الساعدي مواطن ليبي مثُل أمام القضاء، والأخير أصدر إفراجا بشأن قضيته التي كان موقوفا على ذمتها، وبالتالي هو حر بالبقاء أو مغادرة البلاد”.
ومنذ تسليمه في آذار/مارس 2014 من قبل النيجر التي فرّ إليها عقب سقوط نظام والده عام 2011، تمت ملاحقة الساعدي بتهمة التورط في القمع الدموي للانتفاضة.
وتتمثّل القضية الأبرز التي مثُل أمام القضاء بشأنها، في واقعة مقتل بشير الرياني المدرّب السابق لنادٍ محلي لكرة القدم في طرابلس عام 2005.
وهي القضية التي أصدرت بشأنها محكمة استئناف طرابلس قرار “البراءة” بحقه منها في نيسان/أبريل عام 2018.
وغرقت ليبيا في حالة من الفوضى بعد سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، اتسمت في السنوات الأخيرة بوجود سلطتين متنافستين في شرق البلاد وغربها وتدخلات لقوى أجنبية.
ورغم انهاء القتال عام 2020 وتشكيل حكومة وحدة في آذار/مارس، عادت الانقسامات إلى الظهور بسرعة في حين من المزمع إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في كانون الأول/ديسمبر المقبل.
الساعدي هو الابن الثالث للديكتاتور الليبي الذي تولى السلطة بعد انقلاب دموي في العام 1969.
وخلال 42 عاما، حكم “قائد الثورة” البلاد التي أطلق عليها مصطلح “الجماهيرية”، بقبضة من حديد لكن دون اتساق كبير في قراراته.
شُلّ اقتصاد البلاد بسبب نزوات الحاكم المتقلّب الذي اتهم باستخدام موارد نفطية من أجل تمويل جماعات متمردة في إفريقيا وأماكن أخرى.
ركّز سلطته ضمن دائرة عائلية مصغّرة، ودمر أي مؤسسة، سياسية أو عسكرية، كانت تشكل منافسة له.
في الوقت نفسه، عاشت عائلته حياة باذخة، تسافر في طائرات خاصة وتتنقل في سيارات رياضية وعلى متن يخوت كبيرة.
في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2011، هاجم ثوار مدينة سرت، مسقط رأس معمر القذافي، حيث قتل الزعيم وابنه معتصم.
كما قتل ابنه الثاني سيف العرب في قصف لحلف شمال الأطلسي في نيسان/أبريل 2011 فيما لقي شقيقه خميس حتفه في معركة بعد أربعة أشهر.
ونجا أفراد آخرون من عائلة القذافي، من بينهم زوجته صفية وابنه البكر محمد وابنته عائشة وأبناؤه سيف الإسلام الذي كان مرشحا لخلافته وهانيبال الذي واجه مشكلات عدة مع القضاء والساعدي الذي كان زير نساء.
وعُرف الساعدي الذي كان رئيسا للاتحاد الليبي لكرة القدم، في البداية بمسيرته القصيرة في الدوري الإيطالي قبل أن يصدر الإنتربول مذكرة بتوقيفه وعائلته لدورهم في حملة القمع الدموية لانتفاضة العام 2011.
استقدم نادي بيروجا الساعدي في العام 2003 بناء على طلب رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني الذي كانت تربطه علاقات وثيقة مع ليبيا.
لكن مسيرته لم تستمر طويلا، إذ كان مستواه متواضعا وأوقف ثلاثة أشهر بسبب تعاطي المنشطات، كما أنه لم يلعب كثيرا وكانت ذروة مسيرته الكروية عندما بقي 15 دقيقة على أرض الملعب خلال مباراة ضد نادي يوفنتوس في العام 2004.
وقبل أيام قليلة من مقتل والده، قال الساعدي أمام وسائل الإعلام إن مذكرة الانتربول “لديها دوافع سياسية”.
ورغم اتهامه بإطلاق النار على المتظاهرين وجرائم أخرى خلال الانتفاضة، فإن الساعدي ليس ملاحقا من المحكمة الجنائية الدولية، بخلاف شقيقه سيف الإسلام.
وفي مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” نشرت في تموز/يوليو، أكد سيف الإسلام الذي لم يظهر علنا ولم يتحدث منذ العام 2014، أن عائلة القذافي لم تقل كلمتها الأخيرة بعد، مضيفا أنه أصبح الآن “رجلا حرا” ويخطط لعودة سياسية.