مزارعون من الأغوار يفتقدون موسمهم الزراعي وأراضيهم جراء التوسع الاستيطاني

15 ديسمبر 2021آخر تحديث :
مزارعون من الأغوار يفتقدون موسمهم الزراعي وأراضيهم جراء التوسع الاستيطاني

يفترش المسن ماجد دراغمة جزء صغيراً مما تبقى من أرضه في منطقة الأغوار قرب الحدود الأردنية أقصى شرق الضفة الغربية بعد قيام مستوطنين بمصادرة غالبيتها وضمها إلى مستوطنة “روعي” القريبة من المنطقة.

وينتاب دراغمة الحزن والبكاء كلما استدار نحو سياج شائك حاصر به المستوطنون الأسبوع الماضي أرضه البالغة مساحتها 40 دونما زراعية وضموها لصالح المستوطنة، في وقت أبقوا له خمسة دونمات فقط ليزرعها ويعتاش منها.

وكان الرجل المسن ذو الثمانين عاما أو كما يطلق عليه سكان المنطقة “حارس الأرض” ينوي حراثة أرضه وزراعتها هذا الموسم ككل عام قبل أن يجد المستوطنين قد صادروها دون سابق إنذار.

ويقول دراغمة ذو البشرة السمراء، وهو يضع الكوفية على رأسه لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن المستوطنين أحاطوا الأرض بسياج شائك وأبلغوه فيما بعد أنها مصادرة لصالح توسيع المستوطنة.

ويؤكد الرجل الذي كست وجهه التجاعيد، امتلاكه أوراق ملكية بالأرض التي ورثها عن والده ويعتاش من زراعتها منذ خمسينيات القرن الماضي، إلا أن المستوطنين صادروا الأرض في لحظات دون رادع لهم.

ودراغمة الذي يعيل عائلة من 11 فردا، واحد من نحو 20 عائلة فلسطينية فقدت أرضها في المنطقة بسبب إقامة المستوطنة أو توسيعها منذ أعوام حتى الآن.

ويأمل الرجل الذي بدا لا حول له ولا قوة بأن يتمكن من استعادة أرضه لزراعتها هذا العام، حيث لم يتبق له سوى عدد قليل من الدونمات لزراعتها.

وتشهد منطقة الأغوار عمليات استيلاء على الأراضي من قبل الجيش الإسرائيلي سواء لأغراض تدريب عسكري من جهة أو إقامة بؤر استيطانية من جهة أخرى، بحسب مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس والأغوار معتز بشارات.

ويقول بشارات ل(شينخوا) إن السيطرة على الأراضي الفلسطينية تتم عبر مسارين ، الأول من قبل الجيش بغرض التدريب العسكري أو مناطق عسكرية مغلقة، لافتا إلى أن المساحة المصادرة لهذا الغرض بلغت نحو 185 ألف دونم.

ويضيف أن المسار الثاني يتم فيه مصادرة الأراضي بحجة أنها مناطق محميات طبيعية، وصودرت لهذه الغاية نحو 76 ألف دونم، متهما السلطات الإسرائيلية باستخدام هذه الحيلة للسيطرة على الأراضي ومن ثم تسليمها للمستوطنين لإقامة بؤر استيطانية.
ويوضح بشارات أن إجراءات المصادرة والسيطرة على أراضي الفلسطينيين تسير بشكل غير مسبوق في الأغوار لصالح المستوطنين وإقامة بؤر استيطانية جديدة أو توسيع القائمة.

ويتابع أن قرارات المصادرة تتم من قبل الحكومة الإسرائيلية التي لم تبقي شيئا في الأغوار من مراعي للمواشي ولا أراضي للزراعة، حتى أن صاحب الأرض أصبح بحاجة لتصريح للدخول إلى أرضه، بينما مستوطن واحد يسيطر على 7000 دونم من الأراضي.

ويشير إلى أن منطقة الأغوار تضم 19 تجمعا سكانيا فلسطينيا جميع مساكنها مخطرة بالهدم والإزالة، مما يعني أن نحو 12 ألف شخص مهدد بالترحيل عن أرضه.

ويعتبر بشارات أن ما يجري في الأغوار عملية “ضم” من قبل إسرائيل، محملا المجتمع الدولي مسؤولية “الجريمة التي يتعرض لها الفلسطينيون كون أن كافة الأطراف على علم بما يجري على الأرض ولكن دون تحريك ساكن”.

وتشكل منطقة الأغوار، التي تبلغ مساحتها قرابة 720 ألف دونم، 30 في المائة من مساحة الضفة الغربية، ويعيش فيها حوالي 50 ألف فلسطيني بما فيها مدينة أريحا، وهو ما نسبته 2 في المائة من مجموع السكان الفلسطينيين في الضفة، بحسب إحصائيات فلسطينية رسمية.

ويعتبر الفلسطينيون أن منطقة الأغوار تمثل جزءً حيويا من الدولة الفلسطينية المستقبلية باعتبارها سلة غذاء الضفة الغربية وحدودها الخارجية مع الأردن.

وتشكل منطقة الأغوار 50 في المائة من إجمالي المساحات الزراعية في الضفة الغربية، وفيها ينتج 60 في المائة من إجمالي الخضروات.
ويقول مدير مديرية الزراعة في طوباس والأغوار الشمالية جعفر صلاحات، لـ(شينخوا) إن نحو 25 ألف دونم من الأراضي الزراعية التي تزرع بمحاصيل حقلية يعاني مالكوها من مضايقات كبيرة، ما يهدد قدرتهم على الاستمرارية.

ويضيف صلاحات أن إسرائيل تحاول الضغط على الفلسطينيين بوسائل مختلفة، منها مصادرة الأراضي أو منع الزراعة، وحتى لو سمح لهم بزراعة أرضهم يتم تدميرها من خلال تدريبات عسكرية أو السماح للمستوطنين برعي مواشيهم فيها.

ويشير صلاحات إلى أن الإجراءات الإسرائيلية تترك أثرا على مستوى المنتج الزراعي بشكل عام في مناطق الأغوار.

وتسيطر إسرائيل على 87 في المائة من أراضي الأغوار الحدودية مع الأردن، وهي تنظر إليها كمحمية أمنية، وتقول إنها تريد أن تحتفظ بالمنطقة ضمن أي حل مع الفلسطينيين الذي يرفضون ذلك مطلقا.

ويقول مدير دائرة العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في السلطة الفلسطينية عبد الله أبو رحمة، إن حجم مصادرة الأراضي وإخطارات هدم المنازل للفلسطينيين يشهد تصعيدا كبيرا خلال الأعوام الأخيرة.

ويضيف أبو رحمة لـ(شينخوا) أن الإخطارات تشمل ترحيل السكان عن أراضيهم ومساكنهم سواء بشكل دائم أو لفترات زمنية مختلفة، وكلها وسائل ضغط على الوجود الفلسطيني في منطقة الأغوار.