أدى الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا الإثنين الماضي، الذي بلغت قوته 7,8 درجات، إلى مقتل أكثر من 33 ألف شخص.
وأعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية ارتفاع عدد قتلى الزلزال إلى 29 ألفا و605، إضافة إلى إجلاء 147 ألفا و934 من مناطق الزلزال إلى ولايات أخرى.
فيما أعلنت السلطات في سوريا أن الحصيلة بلغت 3574 قتيلاً.
وأنقذ أشخاص بأعجوبة، السبت، وسط عمليات البحث المتواصلة، واستحدثت مقابر، في ظل وضع أمني صعب، وطقس شديد البرودة.
وأوقف، السبت، في تركيا ما لا يقل عن 48 شخصاً، للاشتباه بقيامهم بأعمال نهب في ثماني محافظات تضررت جراء الزلزال، وفق ما نقلت وكالة أنباء الأناضول الرسمية.
امرأة ثمانينية انتشلت من الأنقاض في كهرمان مرعش، وسط صيحات “الله أكبر”، سألت عندما خرجت إلى النور: “هل العالم هنا؟”.
ويتوقع حصول مزيد من الاعتقالات، إذ أعلن نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي، السبت، إصدار 113 مذكرة اعتقال.
ويبذل المسعفون جهوداً مضنية لسحب أحياء من تحت أنقاض المباني، وبينهم أطفال، بعد خمسة أيام على الكارثة.
تزامناً، علّق الجيش النمساوي عمليات الإنقاذ في تركيا، صباح السبت، مشيراً إلى “الوضع الأمني” في المكان.
وقال متحدث في فيينا لوكالة فرانس برس: “وقعت هجمات بين مجموعات”، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وأوضح أنّ 82 جندياً نمساوياً احتموا في قاعدة في محافظة هاتاي “مع منظمات دولية أخرى بانتظار توجيهات”.
بعد الظهر، أكد المصدر نفسه أن اثنين من النمساويين تمكّنا من استئناف البحث مع كلاب “بحماية الجيش التركي”.
وقالت السفارة التركية في فيينا إن “الفريق النمساوي لا يعاني حالياً مشاكل أمنية”.
في ألمانيا، قال المتحدث باسم الفرع الألماني لمنظمة I.S.A.R غير الحكومية ستيفان هاين لفرانس برس، السبت، إن المنظمة والهيئة الفدرالية للإغاثة الفنية “أوقفتا عمليات الإنقاذ في تركيا”.
وأضاف: “في الساعات الأخيرة تغير الوضع الأمني على ما يبدو في محافظة هاتاي. يصل مزيد من التقارير عن اشتباكات بين مجموعات مختلفة، إضافة إلى حدوث إطلاق نار”.
يعتصرني الحزن
وصل المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، السبت، إلى مدينة حلب شمالي سوريا، والتي تضرّرت بشدة من الزلزال.
وقال على تويتر: “يعتصرني الحزن لمعاينة ظروف الناجين”، متحدثاً عن طقس بارد، ووصول محدود جداً إلى المأوى والطعام والمياه والرعاية الطبية.
وجال غيبرييسوس، برفقة وزير الصحة، على أحياء متضررة في مدينة حلب. كما زار مستشفى ومركز إيواء، وفق مراسل فرانس برس.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية، السبت، أن عدد المتضررين من جراء الزلزال المدمّر، الذي ضرب تركيا وسوريا هذا الأسبوع، بلغ نحو 26 مليون شخص.
وعبّرت منظمات إنسانية عن قلقها من انتشار وباء الكوليرا الذي ظهر مجددًا في سوريا.
علّق الجيش النمساوي عمليات الإنقاذ في تركيا مشيراً إلى “الوضع الأمني” في المكان.
ووافق النظام السوري، الجمعة، على ايصال مساعدات إنسانية إلى مناطق خارج سيطرته في شمال البلاد، بعد مرور نحو خمسة أيام على الزلزال المدمر، وفق ما نقلت وكالة إعلام النظام.
وشرّد الزلزال ما يصل إلى 5,3 ملايين شخص في سوريا وحدها، على ما حذرت الأمم المتحدة.
وفُتح، السبت، معبر بين أرمينيا وتركيا للمرة الأولى منذ 35 عاماً من أجل السماح بمرور مساعدات إنسانية بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة، على ما أفادت وكالة الأناضول التركية الرسمية، السبت.
وأوضحت الوكالة أن خمس شاحنات محمّلة مساعدات لضحايا الزلزال عبرت معبر أليكان في محافظة إغدير.
هل العالم هنا؟
في تركيا، أُنقِذَت طفلة تبلغ عامين تُدعى آسيا في محافظة هاتاي (جنوب)، حسب وسائل إعلام تركية، لكن لم يعثر على أسرتها.
وسحبت طواقم الإنقاذ امرأة تبلغ 70 عامًا تدعى منيكسي تاباك، من الأنقاض في محافظة كهرمان مرعش التركية وسط صيحات “الله أكبر”، وفق مقطع فيديو بثته محطة “تي آر تي هابر” العامة. وسألت المرأة عندما خرجت إلى النور “هل العالم هنا؟”.
وأكدت وكالة أنباء الأناضول أن فرق الإنقاذ انتشلت أوزلم يلماز (35 عاما) وابنتها خديجة (6 أعوام) وكانتا على قيد الحياة من تحت أنقاض مبنى بعد 117 ساعة على الزلزال في محافظة أدي يامان جنوب شرق البلاد.
وأعلنت منظمة ألمانية غير حكومية وفاة امرأة تبلغ 40 عامًا متأثرة بجروحها، بعدما أنقذها فريق إغاثة ألماني في كيريخان (جنوب تركيا)، الجمعة، إثر قضائها أكثر من 100 ساعة تحت الأنقاض.
في جنوب تركيا، تحولت مواقف سيارات وملاعب وصالات رياضية إلى أماكن لوضع الجثث، حيث توجهت عائلات منكوبة للبحث عن أقاربها المفقودين.
وقالت توبا يولكو بقلق، بينما كانت تبحث عن عمتها المفقودة بين الجثث في مجمع رياضي في كهرمان مرعش: “فليساعدني الله على إيجادها”.
وأكدت الوكالة الحكومية لإدارة الكوارث الطبيعية مشاركة حوالى 32 ألف شخص بعمليات البحث والإنقاذ، إضافة إلى أكثر من ثمانية آلاف مسعف أجنبي. كذلك ينتشر أكثر من 25 ألف جندي تركي في المناطق المتضررة، وفقًا لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار.
توقيفات
وأوقف، السبت، نحو 12 مقاولاً في تركيا، بعد انهيار آلاف المباني جنوب شرق البلاد جراء الزلزال، وبين الموقوفين مقاول في محافظة غازي عنتاب و11 في محافظة شانلي أورفا.
ويثير انهيار المباني، الذي يكشف أنها شيدت بطريقة رديئة، غضباً في البلاد.
وتتدفق المساعدات الإنسانية الدولية إلى تركيا، لكن الوصول إلى سوريا أكثر تعقيدًا، إذ تشهد البلاد حرباً، ويخضع نظامها لعقوبات دولية.
وتُنقل المساعدات الإنسانية المخصّصة لشمال غرب سوريا عادةً من تركيا عبر باب الهوى، نقطة العبور الوحيدة التي يضمنها قرار صادر عن مجلس الأمن بشأن المساعدات العابرة للحدود. لكن الطرق المؤدية إلى المعبر تضررت جراء الزلزال، ما أثر مؤقتاً في قدرة الأمم المتحدة على استخدامه.
وبعدما بقيت مدينة جبلة السورية في محافظة اللاذقية لسنوات بمنأى عن الحرب والمعارك، أعلن النظام المدينة منطقة منكوبة، كحال المناطق الأخرى المتضررة جراء الزلزال.
وقال النجّار عبد الهادي العجي لفرانس برس: “إنها أول مرة تشهد جبلة فاجعة مماثلة، أبلغ 52 عاماً ولم يسبق أن رأيت شيئاً مماثلاً”. وأضاف العجي، وهو أب لأربعة أطفال، ويقطن حالياً في منزل متصدّع: “إنه رعب لا يُمكن وصفه”.
في دمشق، دعت وزارة إعلام النظام، عصر السبت، الصحافيين إلى مواكبة دخول “قافلة مساعدات إنسانية وإغاثية جهّزتها الدولة السورية لدخول محافظة إدلب عبر معبر” مدينة سراقب الواقعة في إدلب (شمال غرب)، والفاصلة بين مناطق سيطرة الفصائل وقوات النظام السوري.
بعدما بقيت مدينة جبلة السورية لسنوات بمنأى عن الحرب والمعارك، أعلن النظام المدينة منطقة منكوبة، كحال المناطق الأخرى المتضررة جراء الزلزال.
ونقلت جريدة “الوطن” القريبة من سلطات النظام عن مصدر “إغاثي” في دمشق قوله: “حصلنا على الموافقة لإدخال قافلة المساعدات إلى إدلب”.
جاء ذلك بعد إعلان زعيم “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) أبو محمّد الجولاني رفضه دخول مساعدات من مناطق النظام السوري.
وقال الجولاني، ليل الجمعة: “ثمة طرح من الأمم المتحدة لإدخال المساعدات من مناطق النظام، وليست لدينا فرق جاهزة لتأمين هذه الشحنات من مناطق النظام”.
وأضاف: “معبر باب الهوى موجود ولا حاجة لأن نوفر فرقاً خاصة لدخول مساعدات مناطق النظام. من يريد أن يساعد، باب الهوى مفتوح”.
إلى ذلك، واصل رأس النظام السوري بشار الأسد، برفقة زوجته أسماء، تفقّد المناطق المتضررة، في جولة بدأها الجمعة في مدينة حلب، وقادته السبت إلى اللاذقية، حيث زار مركز إيواء للمتضررين.
وأثنى الأسد على “التعاطف العربي” مع بلاده إزاء الكارثة، منتقداً في الوقت نفسه موقف الدول الغربية التي اتهمها بـ”تسييس الوضع في سوريا”. كما زار مدينة جبلة.