لم يخرج اجتماع الأمناء العامّين للفصائل الفلسطينية، الذي عقد برئاسة الرئيس محمود عباس، في مدينة العلمين المصرية، بنتائج عملية لإنهاء الانقسام، في ظل تباين وجهات النظر حول الملف السياسي بين الفصائل، وخاصة حركتي فتح وحماس. وقد ظهر ذلك في كلمات المشاركين، وفي البيان الختامي الذي دعا فيه الرئيس الفلسطيني إلى تشكيل لجنة متابعة من الذين حضروا الاجتماع، لاستكمال الحوار حول القضايا والملفات المختلفة التي جرت مناقشتها.
ووفق المعلومات المتوفرة فإن الخلاف الأساسي انصب حول البرنامج السياسي للمرحلة المقبلة، وخيارات مقاومة الاحتلال، حيث انقسم المشاركون ما بين من يؤيد تبني برنامج منظمة التحرير، وبين من يدعو لبرنامج جديد، ضمن استراتيجية تقود المرحلة المقبلة، كما ظهر الخلاف حول خيار المقاومة، ما بين الشعبية الشاملة التي تطالب بها فتح، والمقاومة بكل أشكالها بما فيها المسلحة التي تدعو لها حركة حماس.
وبدا أن التحضيرات التي سبقت الاجتماع لم يتخللها التوافق على صيغة مشتركة، حتى تلك التي عقدت قبل يوم واحد من الاجتماع، ولذلك طلب الرئيس عباس في البيان الختامي من اللجنة الشروع في العمل فورا لإنجاز مهمتها والعودة بما تصل إليه من اتفاقات أو توصيات.
وفي ختام الاجتماع الذي بدأ ظهر الأحد وانتهى عصرا، شكر الرئيس عباس نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، كما شكر الدول العربية، وخص منها الجزائر، والسعودية، وقطر، والأردن، كما شكر دولا إقليمية ودولية وذكر منها تركيا، وروسيا والصين، على ما بذلوه من جهود في هذا الأمر.
وقال إنه يعتبر الاجتماع خطوة أولى وهامة لاستكمال الحوار، الذي عبر عن أمله بأن يحقق الأهداف المرجوة في أقرب وقت ممكن. وعبر عن أمله أيضا بأن يكون هناك لقاء آخر قريب على أرض مصر “لنعلن إلى شعبنا إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية”.
وكان هذا الاجتماع الذي دعا له الرئيس الفلسطيني قبل عدة أسابيع، يهدف إلى التوصل إلى استراتيجية وطنية جديدة لمواجهة حكومة اليمين الإسرائيلي، كما أعلنت حركة فتح أنها ستطرح فكرة إقامة حكومة وحدة وطنية.
وقد عقد الاجتماع رغم مقاطعة ثلاثة فصائل فلسطينية هي حركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية القيادة العامة، وتنظيم الصاعقة، لاعتراضهم على “الاعتقالات السياسية” في الضفة لعناصر من الجهاد.
كما عقد الاجتماع في وقت كان يشهد فيه مخيم عين الحلوة في لبنان، اشتباكات مسلحة بين عناصر فلسطينية من حركة فتح التي يتزعمها الرئيس عباس، وآخرين موالين لتنظيم إسلامي، أسفرت عن مقتل عدد من الطرفين وإصابة آخرين.
وكان الرئيس عباس قد ندد في كلمته بالعدوان الإسرائيلي على المناطق الفلسطينية، وقال إنه يفرض على الجميع الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية وترتيب البيت الوطني، وقال “الانقلاب (سيطرة حماس على غزة) وما جره علينا من انقسام بغيض نكبة جديدة أصابت شعبنا وقضيتنا ويجب إنهاؤه فوراً”.
وشدد على ضرورة الالتزام بالشرعية الدولية، وقال على أن المقاومة الشعبية السلمية هي “الأسلوب الأمثل لمواصلة نضالنا وتحقيق أهدافنا الوطنية في هذه المرحلة”. وأكد على أهمية إقامة الانتخابات “شريطة أن يتمكن أهلنا في القدس من المشاركة فيها”، وأكد كذلك أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ويجب الالتزام بها وببرنامجها والتزاماتها الدولية.
أما إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، فقد دعا إلى تبني خيار المقاومة الشاملة وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني ونضاله للتصدي لجرائم الاحتلال والمستوطنين. كما شدد على ضرورة إزالة كل العقبات من طريقها وكل الالتزامات التي تتناقض مع حق الشعب في مقاومة الاحتلال. وطالب في كلمته بإعادة بناء وتطوير منظمة التحرير وتشكيل مجلس وطني جديد يضم الجميع على أساس الانتخابات الديمقراطية الحرة.
كما دعا إلى تبني خطة وطنية فاعلة تستجيب للتحديات التي فرضتها الحكومة الإسرائيلية الحالية، تقوم على الإعلان عن ” انتهاء مرحلة أوسلو”، واعتبار المرحلة الحالية “مرحلة تحرير وطني”، وأن تكون الشراكة السياسية على أساس الخيار الديمقراطي الانتخابي، وقال “حركة حماس كانت وما زالت وستظل ركنا فاعلاً وإيجابياً في العمل على توحيد الصف الفلسطيني وستظل تبادر وتستجيب للمبادرات في هذا الإطار”.
والجدير ذكره أن الجمهور الفلسطيني لم يكترث لهذا الاجتماع ولم يعقد عليه آمالا في التوصل إلى إنهاء حقبة الانقسام، على غرار التجارب السابقة.