حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من تزايد خطر انتشار الأمراض المعدية والفتاكة في قطاع غزة، خاصة بين الفئات الهشة، حيث يواجه السكان تهديدًا متزايدًا في ظل الكارثة الصحية المتفاقمة بفعل استمرار جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
وأبرز الأورومتوسطي، أنه بموازاة الهجمات العسكرية المتواصلة للجيش الإسرائيلي جوًا وبرًا وبحرًا، يلاحق الموت سكان قطاع غزة بفعل انتشار الأوبئة والأمراض المعدية بسبب المياه الملوثة، والاكتظاظ، وارتفاع درجات الحرارة، وانهيار النظام الصحي ومحدودية خدماته، بما في ذلك عزل المرضى لمنع الانتشار، وشح الأدوية ومستلزمات التعقيم، وانتشار وتراكم النفايات الصلبة في كافة أنحاء قطاع غزة.
ويقابل انتشار الكارثة الصحية العامة وسرعة تفاقمها الناجمة عن حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد سكان القطاع منذ أكثر من ستة أشهر، استمرار الجيش الإسرائيلي بتدمير جميع مقومات الحياة في القطاع، بالهجمات العسكرية والحصار، بما في ذلك تدمير ما تبقى عاملًا من النظام الصحي، وحرمان السكان من تلقي الخدمات الطبية الأساسية والعلاج الضروري، واستمراره بعرقلة دخول المساعدات الإنسانية اللازمة للتصدي للأوبئة والأمراض السارية والحد من آثارها على نحو فعّال وسريع.
ونبه الأورومتوسطي إلى أن كوارث صحية وبيئية آخذة بالتفاقم وبشكل متسارع نتيجة تواصل الهجمات العسكرية الإسرائيلية المدمرة، ولها تداعيات خطيرة وكارثية على صحة السكان والبيئة العامة، محذرًا من أن الأطفال، خاصة المواليد الجدد، وكبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، هم الأكثر تأثرًا بهذه الكارثة الصحية.
ولفت الأورومتوسطي إلى أنه في الوقت الذي تتصاعد فيه تدريجيًا درجات الحرارة في قطاع غزة، وتتعطل غالبية خطوط أنابيب المياه الرئيسية، وتتضرر أنظمة الصرف الصحي على نطاق واسع، يحصل السكان على كميات مياه نظيفة أقل بكثير مما يحتاجون إليه، وغالبيتهم يضطرون إلى استخدام مياه ملوثة غير صالحة للشرب.
ويرتبط الماء الملوث وتردي منظومة الصرف الصحي بانتشار أمراض مثل الكوليرا والإسهال والدوسنتاريا والالتهاب الكبدي الوبائي، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، والتي حذرت منذ أشهر من كارثة صحية وبيئية شاملة يواجهها سكان قطاع غزة.
يأتي ذلك في ظل أزمة نقص حادة في المياه الصالحة للشرب يشهدها قطاع غزة، على إثر توقف غالبية آبار المياه بسبب نفاد كميات الوقود وما لحق بمحطات التحلية من دمار وأضرار جسيمة، في وقت تتصاعد فيه الأزمة مع بدء ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الطلب والاستهلاك.
وأدى نقص الوقود في ظل أزمة انقطاع الكهرباء كليًّا إلى إغلاق محطات تحلية المياه ومحطات الصرف الصحي، ما زاد من خطر انتشار العدوى البكتيرية، إذ أن مياه الشرب الملوثة تنقل أمراض الإسهال والدوسنتاريا والتيفوئيد وشلل الأطفال.
ومنذ بدء هجماتها العسكرية، أغلقت الحكومة الإسرائيلية الأنابيب التي تمد غزة بالمياه وقطعت إمدادات الكهرباء والوقود.
بموازاة ذلك، قال المرصد الأورومتوسطي إن انهيار المنظومة الصحية وعدم توفر مستشفيات متكاملة في مدينة غزة وشمالها، والضغط الهائل على المستشفيات القليلة التي بقيت تعمل جنوب القطاع يهدد بارتفاع أعداد الضحايا بشكل غير مسبوق.
واستعرض الأورومتوسطي جوانب من التأثيرات الصحية والبيئية للحرب، مشيرا إلى تراكم أكثر من 270 ألف طن من النفايات الصلبة في قطاع غزة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، والمنتشرة في التجمعات السكانية والطرقات والساحات والمستشفيات بما في ذلك النفايات الصحية، وذلك بسبب تدمير مرافق إدارة النفايات ونظام جمع ومعالجة النفايات في القطاع، وهو ما يشكل كارثة بيئية وصحية بحد ذاته، ويهدد بأن يكون مصدرًا آخر لانتشار أمراض وأوبئة، الأمر الذي بدأ يظهر بوضوح في مخيمات النزوح المكتظة، لاسيما في ظل تدمير الهياكل الأساسية لخدمات المياه والصرف الصحي.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن وجود آلاف الجثامين في الطرقات وتحت أنقاض المنازل وتحللها، ونهشها من القطط والكلاب يشكل عاملًا إضافيًّا لانتشار الأوبئة والأمراض المعدية وتهديدها الصحة العامة والبيئة في قطاع غزة.
ورصدت الجهات الصحية في قطاع غزة نحو مليون إصابة بأمراض معدية، دون أن تتوفر لديها الإمكانيات الطبية اللازمة لمعالجتها، بينهم آلاف المصابين بالتهاب الكبد الوبائي الفيروسي.
ووفقًا لتحليل جديد شامل أصدرته مجموعة التغذية العالمية، فإن ما لا يقل عن 90% من الأطفال دون سن الخامسة مصابون بمرض معدٍ واحد أو أكثر. وأصيب 70% بالإسهال في الأسبوعين الماضيين، أي بزيادة قدرها 23 ضعفًا مقارنة بخط الأساس لعام 2022.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أن عشرات آلاف الأطنان من المتفجرات والقنابل التي ألقتها الطائرات الإسرائيلية على المنازل وما خلفتها من عوادم ودخان إلى جانب ما ورد عن استخدام قنابل دخانية وفسفورية من شأنه مضاعفة التدمير الصحي والبيئي الخطير الحاصل منذ أشهر.
وتشير المعطيات إلى تسجيل عشرات آلاف الإصابات المتعلقة بالتحسسية التنفسية وأمراض الربو وحساسية الصدر الناجمة عن الأدخنة والغبار الناجم عن القصف والركام والقذائف.
وأفاد الأورومتوسطي بأن عمليات التجريف الممنهج للأراضي الزراعية واقتلاع الأشجار أو قصفها وتحويلها إلى مناطق جرداء من شأنه أن يسهم في تصحير قطاع غزة، وتقليل كميات الأكسجين المنبعثة في وقت تتزايد الأدخنة والغازات السامة الناجمة عن القصف الجوي والمدفعي.
كما أبرز أن غياب برامج المكافحة للأوبئة والقوارض أدى إلى انتشارها بشكل مكثف، بما في ذلك في أماكن النزوح المزدحمة، فيما أن تمركز مئات آلاف النازحين في مناطق جغرافية ضيقة مثل رفح ومواصي خانيونس ودير البلح، وبعض أحياء شمال غزة، بما في ذلك مراكز الإيواء، أدى إلى تراكم أكوام من النفايات وخلق واقع بيئي وصحي أدى إلى انتشار الأمراض المعدية التي أصابت مئات الآلاف.
يضاف إلى ذلك أن النقص الحاد في غاز الطهي بفعل الإغلاق الإسرائيلي المستمر أدى إلى الاعتماد الكبير على مصادر أقل نظافة مثل الحطب وبقايا الخشب والفحم وحرق النفايات، مما يضاعف معدلات خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي.