تصاعدت الاحتجاجات الطلابية في الولايات المتحدة الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، واتسعت رقعتها لتشمل العاصمة واشنطن وولايات أخرى.
ومن لوس أنجلوس إلى نيويورك وواشنطن مرورا بأوستن وبوسطن وشيكاغو وأتلانتا، تتصاعد الاحتجاجات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين، وشملت الاعتصامات والمظاهرات جامعات مرموقة عالميا مثل هارفرد ويال وكولومبيا وبرينستن، وهو ما يعيد للأذهان الاحتجاجات على حرب فيتنتام.
وأثارت هذه الاحتجاجات المستمرة منذ أسابيع ردود أفعال متباينة في الأوساط السياسية الأميركية، وفي حين ندد البعض بحدوث تجاوزات تشمل “معاداة السامية”، حذر البعض الآخر من انتهاك الحريات مع لجوء بعض الجامعات للقوة وفض الاعتصامات واعتقال مئات الطلاب، وفق (الجزيرة نت).
وقد بدأ طلبة مؤيدون للقضية الفلسطينية اعتصاما تضامنيا مفتوحا مع سكان غزة في حرم جامعة جورج واشنطن هو الأول في قلب العاصمة الأميركية.
وأظهرت مقاطع مصورة مجموعة خياما شيدت وسط حرم الجامعة وشعارات مؤيدة للشعب الفلسطيني ومطالبة بإنهاء الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين في غزة.
كما أعلن المعتصمون تضامنهم مع زملائهم الذين اعتقلتهم الشرطة في جامعات كولومبيا وتكساس وجنوب كاليفورنيا.
اعتقالات بالجامعات
وقد أفادت وسائل إعلام أميركية، الجمعة بأن تدخلات الشرطة في عدد من الجامعات لفض الاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين، أسفرت حتى الآن عن اعتقال 500 شخص.
ففي كاليفورنيا، اعتقلت شرطة لوس أنجلوس 93 من مناهضي الحرب على غزة اعتصموا في حديقة الحرم الجامعي لجامعة جنوب الولاية، وقد قررت الجامعة إغلاق أبوابها بسبب الاحتجاجات المستمرة.
ولاحقا، قال أمن جامعة كاليفورنيا إنه سيسمح للطلاب بالبقاء في منطقة الاعتصام حتى إشعار آخر مع تراجع التوترات في حرم الجامعة. وكانت قوات كبيرة من شرطة لوس أنجلوس دخلت الجامعة بطلب من إدارتها لفض اعتصام الطلاب المطالبين بوقف الحرب على غزة وقطع التعاون بين جامعات بلادهم وإسرائيل.
وأعلنت المتحدثة باسم الشرطة نشر أعداد إضافية من القوات في جامعة تكساس بأوامر مباشرة من حاكم الولاية غريغ أبوت، وكانت الشرطة اعتقلت 34 شخصا في حرم الجامعة بمدينة أوستن، بينما تصدت قوات مكافحة الشغب للمتظاهرين الغاضبين، واستخدمت الهراوات لتفريقهم في بعض الحالات.
وفي تغريدة عبر منصة (إكس) (تويتر سابقاً)، قال أبوت إن الاعتقالات ستستمر حتى يتفرق الحشد، مضيفا أنه لن يتم التسامح مع “معاداة السامية” وسيتم طرد الطلاب الذين ينضمون للاحتجاجات “المليئة بالكراهية”.
كما قالت شرطة جامعة إنديانا بالولاية الواقعة في الغرب الأوسط الأميركي إنها اعتقلت 33 شخصا في حرم الجامعة بعد رفض المحتجين إزالة هياكل التخييم، بينما أعلنت شرطة بوسطن في ولاية ماساتشوستس إصابة 4 ضباط أثناء قيامهم باعتقال 108 طلاب أقاموا مخيما مؤيدا لفلسطين في كلية إيمرسون.
كذلك اعتقلت الشرطة متظاهرين رفضوا أوامر فض التجمع وحظر التخييم في جامعة أوهايو، كما اعتُقل أكاديميان في جامعة إيموري بولاية جورجيا، بحسب وسائل إعلام أميركية.
اعتصامات متواصلة
في غضون ذلك، يواصل طلاب من جامعة هارفارد بولاية ماساتشوستس اعتصامهم المفتوح داخل الحرم الجامعي احتجاجا على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وطالب الطلاب المعتصمون داخل الحرم الجامعي بوقف الدعم الأميركي لإسرائيل في هذه الحرب، ونددوا بما وصفوها بحرب الإبادة ضد أهالي غزة.
وقد أغلقت إدارة الجامعة الحرم الجامعي ورفضت دخول وسائل الإعلام إلى ساحة الاعتصام.
وفي جامعة نورث إيسترن بمدينة بوسطن، بدأ طلاب اعتصاما مفتوحا احتجاجا على استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وشهد الاعتصام حضورا أمنيا مكثفا داخل الحرم الجامعي، لكن الطلاب رفضوا فض الاعتصام وأعلنوا مواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق مطالبهم ووقف التعاون بين الجامعة وإسرائيل.
كما يواصل طلاب جامعة كولومبيا في نيويورك اعتصامهم داخل الحرم الجامعي، وذلك بعد أسبوع من فض شرطة نيويورك بطلب من إدارة الجامعة الاعتصام، وهو ما أطلق حركة اعتصامات طلابية عبر جامعات أميركية عدة.
ونفت إدارة جامعة كولومبيا الأقوال التي ترددت عن استدعاء شرطة نيويورك إلى الحرم الجامعي الليلة الماضية.
وفي واشنطن، طلبت كوليت كولمان، نائبة رئيس الجامعة لشؤون الطلاب وعميد الطلاب في جامعة جورج واشنطن مساعدة شرطة العاصمة في نقل مخيم احتجاج غير مصرح به في ساحة الجامعة.
انتهاكات حقوقية
في غضون ذلك، أشارت منظمات أميركية ودولية إلى حدوث انتهاكات ضد المحتجين في الجامعات الأميركية.
فقد نددت منظمة (هيومن رايتس ووتش) واتحاد الحريات المدنية الأميركي باعتقال المتظاهرين وحثا السلطات على احترام حقوقهم في حرية التعبير.
من جهتها، أعلنت منظمة (فلسطين القانونية) أمس أنها قدمت شكوى اتحادية متعلقة بالحقوق المدنية ضد جامعة كولومبيا عقب اعتقال عشرات المحتجين المناهضين للحرب على غزة الأسبوع الماضي بعد أن استدعت الجامعة الشرطة لفض اعتصام.
وفي السياق، عبّر مشرعون ديمقراطيون بولاية جورجيا عن قلقهم البالغ إزاء تقارير عن استخدام الشرطة قوة مفرطة في حرم جامعة إيموري، وقال المشرعون إن استخدام الشرطة أساليب مكافحة شغب متطرفة يعد تصعيداً خطيراً.
وأضافوا أن قيادة الولاية بدأت في التعامل مع الاحتجاجات باعتبارها أعمال عنف أو إرهاب. كما قال اتحاد الحريات المدنية الأميركي بولاية جورجيا إنها حملات قمع غير دستورية.
وفي حين تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن وساسة ديمقراطيون وجمهوريون عن ممارسات “معادية للسامية” خلال الاحتجاجات الطلابية، نفى ناشطون بشدة أن تكون المظاهرات معادية لليهود، مؤكدين أن هدفها هو الضغط على الجامعات حتى تسحب استثماراتها من الشركات التي تساهم في العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
من جانبه، ندّد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أمس بالاحتجاجات المؤيّدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية، وقال إنها “عار على الولايات المتحدة”.
وعبر منصّته (تروث سوشال)، شبّه ترامب هذه الاحتجاجات بمسيرة نظمها اليمين المتطرّف الشهيرة في شارلوتسفيل بولاية فرجينيا عام 2017 وأدت لاندلاع اشتباكات بين مناصري نظرية تفوق العرق الأبيض وبين مناهضي العنصرية.