أهالي جنين متخوفون من عودة المستوطنين إلى مستوطناتهم المخلاة عام 2005

16 يوليو 2024آخر تحديث :
أهالي جنين متخوفون من عودة المستوطنين إلى مستوطناتهم المخلاة عام 2005

خلال الفترة القليلة الماضية، تكرر اقتحام قوات الاحتلال للمناطق التي كان حولها مستوطنات، وأخليت خلال الانسحاب أحادي الجانب الذي نفذته حكومة شارون في العام 2005، وشمل مستوطنات قطاع غزة ومحافظة جنين، ما أثار قلق وخوف سكان المنطقة، خاصة أصحاب الأراضي الواقعة داخل هذه المناطق ومحيطها، في ظل قرار الحكومة الإسرائيلية إلغاء فك الارتباط، وتشريع عودة المستوطنين.


الانسحاب الاسراىيلي من جنين شمل في حينه مستوطنات: “حومش وترسلة صانور وقديم وجنيم وصانور”، ورغم إزالة كل تواجد إسرائيلي منها، إلا أن الاحتلال منع استخدامها، ورفض السماح لأصحاب الأراضي بالاستفادة منها حتى اليوم.


وذكر شهود لـ”القدس” دوت كوم، ان قوات الاحتلال كررت اقتحام مناطق وأراضي “ترسلة صانور” جنوب جنين ، وشوهد ضباط كبار من الجيش والإدارة المدنية يتجولون في المنطقة، وطردوا المواطنين والرعاة الذين تواجدوا فيها. كما رصد أهالي جنين تكرار جولات الجيش وضباطه والمستوطنين في أراضي مستوطنة “قديم” المطلة على الحي الشرقي من المدينة، ووضعهم إشارات، وإجراء مسح في محيطها، حيث بنى الأهالي مساكن جديدة لهم بعد الانسحاب.

تزايد التهديدات والاعتداءات

في غضون ذلك، وثقت لجان مقاومة الاستيطان، ازدياداً في انتهاكات المستوطنين والجيش والاعتداءات على المواطنين، وتهديدهم ، وسط مخاوف من تصاعدها في ظل تشجيع حكومة الاحتلال عودة المستوطنين وبناء المستوطنات .


وقال الناشط خالد عمر لـ”القدس” دوت كوم، إن اعتداءات المستوطنين أصبحت يومية منذ مطلع العام الجاري، في ظل دعم وحماية الجيش الذي سهل القمع والتنكيل بحق المواطنين، خاصة المزارعين ورعاة الماشية”.

وتابع: “الاحتلال يستغل حرب الإبادة الجماعية في غزة لتشجيع وتعزيز حركة الاستيطان، استعداداً على ما يبدو للمرحلة القادمة، وهي الأخطر ضمن المشروع والمخطط الاسرائيلي لتجسيد جوهر رؤية الاحتلال في اقتلاع شعبنا ومسح وجوده”.

منع المواطنين من استخدام أراضيهم

ميدانيا، يدفع المزارع الفلسطيني ثمن سياسات الاحتلال كما حدث المزارع رياض عبد الرحيم، الذي أوضح لـ”القدس” دوت كوم، أنه عاش حياته يحلم باسترداد الأرض التي ورثها قرب مستوطنة “ترسلة صانور”، وتبلغ مساحتها 20 دونماً، وعندما تحقق له ذلك، لم يتمكن من استثمار الأرض.

وقال: “لم يتغير الوضع بعد الانسحاب، فمنذ 19 عاماً، لم أتمكن من إعمار الأرض والاستفادة منها وزراعتها. الاحتلال يفرض قيوداً مشددة، ويمنعنا من استخدام الأرض”.

وأضاف: “التهديدات الإسرائيلية بعودة المستوطنين لهذه المنطقة، يعني إعادة احتلالها، وتكريس الاستيطان، ونهب أرضنا، وحرماننا منها، بينما نحن بأمس الحاجة لزراعتها والعمل فيها.. ما يجري تهديد خطير!”.

اعتداءات جسدية من المستوطنين

وتكثر صور معاناة المواطنين، كما حدث مع المواطن فادي الصيفي الذي يملك أرضا زراعية قرب مستوطنة “حومش”، حيث قام بزراعتها بالتين واللوزيات. وقال: ” قمت بتسييج الارض وحمايتها، لكن المستوطنين قاموا باقتحامها وتخريبها، وتدمير السياج، وكذلك اقتلاع الأشجار، خسارتي تبلغ نحو عن 40 ألف شيكل، بسبب الاستيطان والمستوطنين”.


ولا ينسى المزارع “أبو وطن “، كيف نجا من الموت بأعجوبة، على أيدي المستوطنين قبل فترة، وقال “هاجمنا أكثر من 20 مستوطناً، عندما كنت متواجداً في أرضي مع خالي بشكل طبيعي. فوجئنا بقطعان المستوطنين يهجمون علينا، واعتدوا علينا بالضرب”. وتابع: “من دون سبب أطلقوا النار نحونا، ونجونا من الموت بأعجوبة، ثم احتجزنا المستوطنون، وقاموا بتصويرنا، وانهالوا علينا بالشتائم والألفاظ النابية، وقد أصبت برضوض كبيرة في جميع أنحاء جسدي”.

لا مجال للاستثمار في ظل اعتداءات المستوطنين
المواطن “أبو وطن” قرر التخلي عن تنفيذ مشروع استثماري كبير في أرضه. وقال: “أمام هذا الانفلات الخطير، قررت التخلي عن حلمي بالاستثمار في مشروع زراعي كبير في المنطقة، فهناك خطر مستمر بسبب اعتداءات المستوطنين وتهديداتهم، وكل يوم نشعر بالخطر الكبير على حياتنا، فكيف يمكن الاستثمار في المنطقة ؟!”.


ويرى المزارع علاء حسين، أن قرار عودة المستوطنين بمثابة دمار وخطر كبير على الأهالي الذين اضطر بعضهم لإخلاء منازلهم القريبة من المستوطنين، والتخلي عن حياتهم الطبيعية لحماية أسرهم. وأضاف “المستوطنون دمروا أرضي واقتعلوا المحاصيل الزراعية. خسائري فادحة ولم يعوضني أحد، رغم أنها خارج حدود المستوطنة.

 إنهم يضغطون علينا للرحيل، وترك الأرض وتسهيل ضمها ونهبها وسرقتها، لكن لم نعد نحتمل الخسائر”.

مهددون حتى داخل منزلهم

المواطن عمار نافع، اضطر لهجر منزله الذي دفع في بنائه “كل شقى عمره”. وقال: “حياتنا تحولت إلى جحيم منذ إعادة بناء مستوطنة “حومش”، فهناك تحركات مريبة كل لحظة تهدد حياتنا، حتى أصبحنا لا ننام ليلا”.

 وأضاف: “المستوطنة تبعد عن منزلي 300 متر، وكلما حل الظلام يهاجمنا المستوطنون بشكل مستمر، ويرشقوننا بالحجارة. لم أعد قادراَ على العيش في المنزل الذي أفنيت عمري في بنائه، وكل يوم نغادره مساءً، إلى منزل أهلي لحماية أطفالي وأسرتي، فالاستيطان سرق حياتنا وأحلامنا وحتى منزلنا”.


بدوره، أكد الناشط فراس وحيد، أهمية التحرك لتسريع تشكيل لجان المقاومة والحماية والدفاع عن الأرض، في ظل تسارع وتيرة الاستيطان وتحركات الاحتلال. 

وقال: “في ضوء الممارسات الخطيرة التي تمارس بحق أبناء شعبنا، باشرنا كنشطاء ومتطوعين الاتصالات والتحركات للإعلان عن تشكيل لجنة وطنية للوقوف في وجه الاحتلال ومستوطنيه”.

 وأضاف: “يجب عدم التراخي والتردد لأن الأوضاع خطيرة جداً في ظل حكومة الاحتلال التي تعمل بكل قوة لدعم هذا الحراك الاستيطاني الخطير والذي يهدد وجودنا وحياتنا ومستقبلنا، ومن الضروري الوقوف في وجه هذه المخططات مهما كان الثمن”.