الاحتلال الإسرائيلي ينهب آثار الضفة ويعيد كتابة تاريخها

12 نوفمبر 2025آخر تحديث :
الاحتلال الإسرائيلي ينهب آثار الضفة ويعيد كتابة تاريخها

منذ أكثر من 5 عقود، تحوّل ملف الآثار في الضفة الغربية من شأنٍ ثقافي تاريخي إلى أداة هندسية تُستخدم لإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية وتثبيت السيطرة على الأرض والذاكرة المكانية والتاريخية الفلسطينية، وذلك عبر الاستيلاء على المواقع الأثرية وتغيير روايتها.

ولم تعد الأوامر العسكرية -التي تُصدرها سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحت عنوان “حماية الآثار”- محصورة في دعوى الحفاظ على التراث، بل تحوّلت إلى آلية مؤسسية لإحكام القبضة على مساحات واسعة من أراضي الفلسطينيين، ولا سيما تلك الواقعة في المناطق المصنفة “ج”.

وتموّل هذه الآلية مؤسسات إنجيلية ويهودية عالمية تتعاون مع كليات الآثار في الجامعات الإسرائيلية لسرقة التراث الفلسطيني، وتزييف السردية التاريخية تحت مزاعم وجود إرث يهودي هنا أو هناك.

في أغسطس/آب 2025 وزّعت الإدارة المدنية التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية كراسة أوامر عسكرية لتصنيف 63 موقعاً في الضفة الغربية “مواقع تاريخية وأثرية إسرائيلية” من بينها 59 موقعاً تقع في محافظة نابلس، و3 مواقع في محافظة رام الله، وموقع واحد في محافظة سلفيت.

ومن أبرز المواقع -المشار اليها في تصنيف الاحتلال الإسرائيلي- تل الراس، وجبل جرزيم، وجبل عيبال، وخان اللبن وغيرها، وتقع هذه المواقع داخل المناطق المصنفة “ب” و “ج” حسب اتفاق أوسلو، إضافة الى العديد من المواقع داخل المستوطنات غير الشرعية أو في محيطها.

وبحسب اتفاقية أوسلو التي وضعت سلطة الآثار بالمناطق “أ” و”ب” تحت صلاحيات السلطة الفلسطينية وهيئة الآثار فيها، إلا أن إسرائيل فتحت الباب على مصراعيه أمام دائرة الآثار والمؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية للتنقيب ومسح المواقع الأثرية بالضفة المحتلة.

وحدث التغير منذ يناير/كانون الثاني 2023، حيث اتخذت إسرائيل قرارات أبرزها القراران 90 و786، اللذان توسعت بموجبهما صلاحيات سلطة الآثار الإسرائيلية وسيطرتها على المواقع الأثرية لتشمل الضفة المحتلة، مما يسهل عملية الاستيلاء وضم الأراضي إلى إسرائيل.

كما أن التحوّل الأبرز جاء مع التعديلات التشريعية التي اقترحها عضو الكنيست عن حزب الليكود أميت هاليفي على قانون سلطة الآثار حيث تم توسيع مسؤولية سلطة الآثار الإسرائيلية لتشمل جميع مناطق الضفة المحتلة.

وفي آخر إحصائيات الإدارة العامة لحماية التراث الثقافي بوزارة السياحة والآثار الفلسطينية، تم إحصاء 48 اعتداء إسرائيليا على المواقع الأثرية عام 2023، و224 اعتداء (عام 2024) أما عام 2025 فقد شهد رصد 184 اعتداء إسرائيليا.

وأكد الوكيل المساعد لوزارة السياحة والآثار الفلسطينية جهاد ياسين -في حديثه- أن ضم هذه المواقع الأثرية يأتي في إطار سياسة الاحتلال لفرض واقع يتمثل في تقسيم جغرافي للمواقع الأثرية تحت مسمى “مواقع ذات بعد قومي للتراث اليهودي” وخدمةً للتوسع الاستيطاني التي تنتهجها سلطات الاحتلال.

ضم هذه المواقع الأثرية يأتي في إطار سياسة الاحتلال لفرض واقع يتمثل في تقسيم جغرافي للمواقع الأثرية.