كتب / عامر حجازي
تعلمنا الموضة والرقص والرسم والموسيقى والمسرح وقصات الشعر والفن والطبخ وبعض من أنماط الحياة في فرنسا التي تعتبر مركزا عالميا بارزا للثقافة وعرفنا عن حضارة فرنسا وتاريخها السياسي القديم ودورها في معاهدة فرساي التي شلحت المانيا وجعلتها تعترف بخطأها في مؤتمر السلام الذي عقد في باريس عام 1919 ، لكننا لم نتعلم أن فرنسا المعاصرة تختلف اختلافا كبيراً عن فرنسا التي كانت في الحرب الباردة وعن دورها السياسي وعلاقتها الخارجية والتي غابت بشكل شبه تام عن الأزمات الدولية وزخم الربيع العربي، وهو بالاساس التقارب الكبير بين تصوري فرنسا وامريكيا والعلاقة القوية بينها .
لم يعد للسلام مؤتمرأ طالما ان المتآمرين لهم القاعدة نفسها ” الإلتزام بأمن إسرائيل “ودور فرنسا الريادي في تمكين اسرائيل من حيازة أسلحة نووية ، وكيف يؤمن في المقلب الآخر سياسيون هنا وهناك أن مؤتمر السلام القادم سيضع قضية فلسطين على الواجهة في ظل هذا التجاهل ، ويتجاهلون الوجه الجديد للعالم الذي يقوده اليمين المتطرف وكيف نؤمن بوجود سلام طالما أن نتنياهو اشترط مقابل لقاء أبو مازن قيام فرنسا بإلغاء مؤتمر السلام الدولي و أنه “لن يساهم في دفع عملية السلام والمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين”.
إن الاشياء تتداعى لإبراز قيم العنصرية التي ستعطى وجها للحضارة الجديدة مع وصول ترامب إلى رئاسة أقوى بلد في العالم وانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومعالم وصول اليمين المتطرف في انتخابات فرنسا القادمة الشبيهة لحالة ترامب كل ذلك يدل على أن العالم بدأ يتهاوى بالفعل وربما كان صعباً جداً الحديث عن السلام “الموضة” التي لاتُفهم حالياً.
يأتي الخلل في الرؤية العربية لهذه الموضة والهروب من أهوال الانحياز الأميركي اللامع المظهر جعلنا نهرول نحو الانحياز الفرنسي الخافت المظهر، بينما التحالف البنيوي هو القاسم المشترك بينهما، والفرق الجوهري يكمن في درجة الانحياز وليس في طبيعة التحالف وقد يكون التحالف الفرنسي الإسرائيلي أكثر متانة لقيامه على قناعة بوجود علاقة وطيدة بين فرنسا والعالم اليهودي الذي تعد إسرائيل امتدادا له، وبالتالي تحكمه قيم وقناعات سياسية وتاريخية (فرنسا هي مهد أول الحركات التنظيمية اليهودية) لا مصالح واعتبارات إستراتيجية أو معتقدات دينية.
سيعطينا المؤتمر القادم للسلام في باريس بوجود الزعماء العرب انه لايوجد سلام أبدي مع اسرائيل طالما أن نتنياهو وحزبه لا يكتفون بإعتراف العرب بإسرائيل كدولة فقط بل ترسيم حدود الدولة من النهر الى البحر ولو كان نتنياهو جدياً لأخرج المبادرة العربية من سلة المهملات التي القاها فيها ويعيد النظر في فحواها،فهي تشمل ما يدعيه بالضبط ، و تحول المستحيل إلى ممكن، لكنها تطلب وقف الاستيطان واعتراف “إسرائيل” بحل الدولتين هل سيوقع نتنياهو او بينيت أو ليبرمان أو أي إسرائيلي ؟.