الريادية وتحدي الشباب للمستقبل

11 مايو 2020آخر تحديث :
الريادية وتحدي الشباب للمستقبل
الريادية وتحدي الشباب للمستقبل

بقلم: الدكتور سعيد صبري

ما مدى استعداد الحكومات والقطاع الخاص في منطقه الشرق الاوسط للتجاوب مع حلول “المسار السريع” لمعالجه بطاله الشباب المتصاعده والمقلقة أثناء وبعد “كوفيد-19؟

الشباب يمثل نصف سكان منطقه الشرق الاوسط ويتجاوز معدل البطاله في العديد من هذه الدول منذ بدء مرض “كوفيد 19” 65% فماذا حضرتم لهؤلاء من امكانيات ومناخ وبيئه مناسبه استعدادا لما هو قادم؟

نحن الان بمرحله اعادة صياغة توجهاتنا وجعل “فايروس كورنا” فرصة ودافعية لايجاد حلول بديله لمشاكلنا الحياتية ، واذ نعيش الان بأوقات صعبة والتى اثرت بشكل مباشر وغير مباشر على الكثير من مناحي الحياة ، لكن يبقي الاثر التى احدثته سلوكيا على الافراد والمؤسسات والشركات في خلق تغير بالمزيد من الابتكار الخلاق والابداع التكنولوجي.

هل سنشهد عالما جديدا مبنيا على التكنولوجيا في حياتنا ؟ هل الحقل الطبي سيشهد عالما جديدا من التطورات التكنولوجية ؟ هل سنشهد قريبا ملامسة مباشرة لكل الاعمال المنزلية عن طريق الروبوتات؟هل لقاءات الانترنت ستكون بديلا عن التفاعل الانساني؟ وما هي خيارتنا القادمة والبديلة؟

ما نحن بحاجته هذه الايام، يمثل تحديا حقيقيا للوطن والمواطن، كيف ” نوطن الابداع والمبدعين” ونؤسس لمستقبل الريادين وخلق بيئة حاضنة للمهارات والكفاءات في نظام التربية والتعليم والثقافة والشباب والمجتمع المدني ؟ كيف سنقوم بتحفيز المبدعين والمبتكرين وكيف سنجعل مؤسساتنا ووطننا تربه خصبه لجذب الابداع وليس بيئة طاردة للشباب المبدع والمفكر ومسربة له نحو التصدير وهجرة العقول للعالم الغربي، بكافة المجالات ولا يقتصر على المجالات العلميه، بل مختلف المجالات الاكاديميه والاقتصادية والاجتماعية والترفيهية ؟

المحور المهم هو كيف سنقوم بخلق مناخ جديد يغير المناخ العام الراهن السلبي والضاغط ، وكيف سنستطيع ان نساعد في نقل فايرس العدوى الابداعية في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية المؤثره، وكيف نحول توجهات الشباب وتفكيرهم الى الانتاجيه والابداع والتطور بدلا من الغضب والاحتقان والتشاؤم .

ان تكلفة التغير اصبحت متدنية، اعتمادا على مجموعة من العناصر اهمها العقل وقدراته، ومن الواضح ان اقتصاد المعرفة من اهم عناصر التغير، وهذا قد يعيدنا الى قيمه البحث العلمي المهدورة وضرورة تخصيص جهود اكبر للأبحاث العلميه وربطها بالاقتصاد وتأطيرها بما يتناسب مع الاحتياجات.

ضعف الامكانات المادية المتوفره لدى الحكوم الفلسطيني لتعويض الافراد والعمال والرياديين والمؤسسات والشركات الصغير منها في مجال الصناعه او الزراعة اسوة بباقي الدول القريبة والمحيطة والمتقدمة منها، هذا لا يعفي الحكومة من مسؤولياتها ولا يكفي الحديث عن انشاء صناديق متنوعة تشارك الحكومة و ممثلو القطاع الخاص “القادرين”، وفلسطينو الشتات والمغتربين في تمويلها، في ظل عدم وضوح بالموازنات والكيفيه، ومتى، واين …. وكل الاليات الاجرائيه للبدء بالعمل.

وقد اشارت دراسة حديثة صدرت من اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي أسيا “الاسيكوا” بالاضافة الى وكالات الامم المتحده الشريكة، ان المنطقة العربية ستخسر نتيجه انتشار فيروس كورونا المستجد حوالي 1.7 مليون وظيفه على الاقل من بينها 700 الف وظيفة تشغلها نساء، ومن المتوقع ان يطال الفقر مزيدا من النساء في هذه المنطاق مما سؤثر بشكل واضح على الاسر التى تعيلها نساء ، وستحظى فلسطين على نسبه عالية من النساء التى فقدت او ستفقد وظائفها. والجدير بالذكر ان ما يقارب 98% من المشاريع الريادية تأثرت بشكل كبير بفعل الوباء العالمي، إلا أن مشاريع الكماليات كالأثواب المطرزة توقفت بشكل كامل نتيجة اهتمام الناس بالمواد الأساسية والغذائية فقط، كما تأثرت المطابخ النسائية البيتية نتيجة توقف عمل المؤسسات، وبالتالي توقف الطلب على الغذاء والحلويات .

هل شملت الحكومة النساء الريادات بمبادراتها الهادفة الى دفع عجلة الاقتصاد الى الامام ، وهل ستحصل النساء الرياديات على حقهن ضمن خطة التعافي الحكومية؟ ام سنشهد اذابة لتلك المشاريع الريادية نتيجه ضعف امكانيات الحكومه وتركيزها على “المبادرات الصغيره والمتوسطه” والمبادرات الاجتماعيه لاعاده الحياه لتلك القطاعات المهمشة ؟ كما واود تذكيركم باهمية ذوي الاحتياجات الخاصة الذين قد تضرروا من الجائحه بشكل مباشر ولا ارى اي ذكر او توجه ذو اطار ممنهج يخدم ذوي الاحتياجات الخاصه من ابناء الوطن .

ولا بد في ختام المقال ان اؤكد على ضرورة التركيز على قطاعين رئيسيين: القطاع الزراعي / التصنيع الغذائي و تكنولوجيا المعلومات وذلك لدعم السلسلة الغذائيهة ودعم واستياعب البطالة القادمة وتوطين المبدعين والشباب بفلسطين :

اولا: تشجيع القطاع الخاص واستقطاب مستثمرين للاستثمار في السلسة العنقودية بالقطاع الزراعي والعمل على تجنيد الاسواق العالميه من خلال السفارات الفلسطينية المنتشرة في كل انحاء العالم، والعمل على تشجيع تصدير المنتجات الزراعية والاسمده العضويه منها والمنتجات الزراعيه المصنعة بعد تلبيه حاجة السوق المحلية .

ثانيا: العمل على انشاء مرجعية رسمية لتعزيز المبادرات الريادية بمجال تكنولوجيا المعلومات وتحديديا بصناعه البرمجيات والعمل على التشبيك مع مؤسسات عالمية ودولية لاصدار شهادات جودة تمكنهم من غزو اسواق العالم وابقاء المبادر الفلسطيني محتضنا بوطنه.

فلنبدأ سريعا ، لانه لا احد يدري ماذا يخبيء لنا المستقبل! وكيف سيكون شكل حياتنا ؟ وقد لا يكون لكورونا تأثير مقارنه بشكل الحياه التى تتنظرنا مستقبلا !

*مستشار اقتصادي دولى – شريك إقليمي وممثل لصندوق دعم المبادرات- فاستر كابتل – دبي