كورونا يرفع وتيرة العنف الأسري.. حالتا وفاة لسيدتين

14 مايو 2020آخر تحديث :
كورونا يرفع وتيرة العنف الأسري.. حالتا وفاة لسيدتين

المتزوجات وربات البيوت الأكثر عرضة للعنف.. وأرقام القدس خادعة

  العنف ضد المرأة لا يراعي الظروف والتحديات التي خلقتها أزمة كورونا منذ مطلع هذا العام، سيدتان لقيتا حتفهما بسبب العنف النفسي والجسدي منذ بداية جائحة كورونا، و21% حاولن الانتحار، والعشرات من النساء تعرضن لأشكال من العنف النفسي والجسدي خلال الشهور الاربعة الماضية، جاء ذلك ضمن تقرير احصائي خاص أصدرته وزارة التنمية الاجتماعية نهاية شهر نيسان المنصرم ، أسئلة كبيرة تضعها بيانات التقرير حول معاناة النساء في زمن كورونا، تهديد من الفيروس والإصابة، وعنف منزلي يتغذى على الضائقة التي أنتجها (كوفيد-19)، واقع يتطلب التحليل والاستقصاء بهدف  تعزيز المعرفة وخلق التكاتف والتعاون الرسمي والمجتمعي لحماية النساء والمجتمع من آفة قديمة جديدة تقوض أمننا وسلامة مجتمعنا.

في هذه الأجواء من تفشي جائحة كورونا منذ مطلع عام 2020، داهم الفيروس حتى أكثر المناطق وأكثر المجتمعات أمنًاً وتقدمًاً على مستوى أنظمتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وكان وقع الأزمة وتداعياتها مختلفًا من دولة الى أخرى، وكان تأثيرها بمستوى مختلف على الفئات الاجتماعية حتى داخل البلد الواحد، فوضع المؤسسات المعنية على محك المتابعة واتخاذ الاجراءات الكفيلة بحماية ومساندة الفئات الاكثر عرضة للمخاطر والأكثر احتمالية للضرر، فباتت وزارة الاقتصاد تتابع الملف الاقتصادي واستراتيجيات حماية المؤسسات والحفاظ على بقاء الاقتصاد على قيد الحياة، وعلى درجة لا تقل أهمية كانت الجهات الطبية والتعليمية والمجتمعية تتابع انعكاسات الأزمة وأضرارها المباشرة وغير المباشرة على حياة السكان بكافة فئاتهم، والمرأة تتواجد في صميم كافة هذه المكونات، فهي موظفة، وهي ربة البيت وهي نصف المجتمع الذي ورث تحديات ما قبل الازمة، لتتعمق اضرار الازمة على المرأة مع تفشي الجائحة منذ مطلع هذا العام.

وفي الواقع الفلسطيني واجهت المرأة واقعاً امتزجت فيه التحديات الاجتماعية وتحديات مواجهة الاحتلال، ولاحقاً تحديات جائحة كورونا على المرأة وعلى أسرتها، لتضاعف من حجم المخاطر التي قد تتعرض لها قضايا المرأة على مستوى العنف والتمييز، سواء في سوق العمل في ظل استمرار التخوف من تعطل الحياة الاقتصادية والاستغناء عن العمال أو وقف رواتبهم بسبب الأزمة، وصولاً الى المنزل وانعكاسات ظروف الضغوط النفسية والاقتصادية وبالتالي تحمل المرأة لهذه الأزمات، حيث أوضحت العديد من الحالات تدفيع المرأة للثمن خارج المنزل وداخل المنزل.

للتوقف على واقع العنف ضد المرأة في زمن كورونا واستنادا الى التقرير الإحصائي الصادر عن وزارة التنمية الاجتماعية ، نقدم من خلال هذه المنصة صورة إحصائية رقمية تحليلية ترصد هذا الجانب من الأزمة في الواقع الفلسطيني منذ بداية كانون الثاني وحتى نهاية نيسان 2020.

 

المتزوجات الاكثر عرضة للعنف المبني على النوع الاجتماعي

شهدت حالات العنف ضد المرأة تذبذباً خلال الأشهر الأربعة الاولى من عام 2020، مع وجود ارتفاع ملحوظ في شهر آذار حيث بلغ عدد الحالات الموثقة خلال هذا الشهر نحو 37.5% مقارنة بنحو 16.6% من إجمالي الحالات وتوزعت باقي النسبة على الاشهر الاخرى، وما يثير القلق في البيانات الواردة في تقرير الوزارة يشير الى تركز نحو 42.4% من الحالات التي رصدتها الوزارة من بين المتزوجات كما يظهر من الشكل التالي حول توزيع النساء المعنفات حسب الحالة الاجتماعية.

 

في هذا الجانب يقول داود الديك/ وكيل وزارة التنمية الاجتماعية: “يعد هذا التقرير الربعي الأول للعام 2020، وهو تقرير منتظم تصدره الوزارة باستمرار بشكل ربعي، ومن الضروري أن نذكر أن الأرقام الواردة في التقرير لا تعكس جميع حالات العنف ضد النساء، وهي فقط تتعلق بعدد الحالات التي تعاملت معها مرشدات المرأة في مديريات وزارات التنمية،وهناك حالات لم تصل الى المديريات للأسف، الى جانب حالات طلبت المساعدة من خلال منظمات المجتمع المدني والخط الساخن، وبالتأكيد هنالك حالات معنفة لكنها صامتة. مع توقعنا بارتفاع نسبة العنف الممارس ضد المرأة في زمن الجائحة، وهو أمر متوقع نتيجة الحجر في المنازل ونتيجة التراجع الاقتصادي للأسر وفقدان الدخل، وحالة اللايقين التي تسود الأسر والمجتمع”.

 

الفئة العمرية 20 -39 سنة الاكثر عرضة للعنف

هذه المؤشرات تضع المرأة في حالة من الضغط والعنف المضاعف، عنف أزمة كورونا وما تخلقه من تهديد على الأفراد ذكوراً أو إناثًا بسبب احتمالية الإصابة وما تخلقه من مضاعفات، وكذلك استمرار تعرضها للعنف الأسري في ظل هذه الجائحة، إضافة لتركز العنف ضد النساء ضمن الفئة العمرية 20 – 39 عاماً، وهي الفئة التي تشكل الحاضنة الأسرية من خلال العمر الزواجي، حيث وصلت نسبة النساء اللواتي تعرضن للعنف وفق بيانات الوزارة لنحو 67.7% من مجموع النساء المعنفات حسب الشكل التالي لتوزيع المعنفات حسب الفئة العمرية:

 

الوعي والمعرفة والمسؤولية تجاه الأسرة تشكل صمام الأمان لاستقرار الأسرة، فالجهل عدو كل نجاح وسبب كل ضعف، وتراجع المستوى التعليمي والمعرفي يشكل عاملاً مؤثرًاً على قدرة الأفراد على ادارة أزماتهم والتحكم بخلافاتهم،  وتشكيل ردود أفعالهم في ظل الأزمات، وهذا ما قد يفسر تركز نحو 58.3% من النساء اللواتي تعرضن للعنف ضمن هذه الفترة ممن لا يتجاوز تحصيلهن العلمي الاعدادية، وهذه من المؤشرات المهمة التي تتطلب من الجهات المعنية تطوير برامج التوعية والتدخل اللازمة لمواجهة هذه الظاهرة على هذا المستوى من المجتمع.

 

ربات البيوت الاكثر عرضة وفق الحالة العملية للمعنفات

كما أشرنا في مقدمة هذا الموضوع فإن المرأة تدفع ثمن الأزمة سواء كانت ربة بيت أو موظفة، فتضحياتها لا ترحمها في ظروف الازمة، والاستقواء على المرأة ما زال حالة صارخة تعانيها المرأة ربة البيت، حيث بلغت نسبة النساء اللواتي تعرضن للعنف خلال هذه الفترة ووفق بيانات الوزارة لنحو 72.9% من مجموع النساء التي تم توثيق حالتهن، وجاء في المرتبة الثانية العاملات في مهن الخدمات وغيرها بواقع 12.5%، دور المرأة كربة منزل ومدبرة لأمور أسرتها، وكذلك كونها عاملة وتوفر مصدر دخل للأسرة لم يشفع لها أمام كورونا العنف، كما يضيف لآثار كورونا آثاراً مضاعفة في وقت حساس، وقت يتطلب تحصين المجتمع وتضافر كافة جهود مكوناته لمواجة التهديد الفيروسي وانقاذ الضحية المصابةأو التي قد تصاب بهذا الوباء، لينتشر بصمت عنف من البعض تجاه المرأة التي هي أساس الأمن والسلام في الأسرة والمجتمع.

 

محافظة القدس الاقل عنفاً ضد المرأة

يتضح من بيانات تقرير الوزارة أن نسبة النساء اللواتي تعرضن للعنف خلال الفترة الماضية بلغت 1% في محافظة القدس، وتوزعت باقي النسبة على باقي المحافظات التي تم تسجيل الحالات ضمنها، كما يتضح من الشكل التالي حول توزيع النساء المعنفات حسب المنطقة:

 

وعن سبب انخفاض العنف ضد المرأة في محافظة القدس في زمن الوباء أكدت ساما عويضة/ مدير عام مركزالدراسات النسوية في فلسطين:”غالباً ما تكون الإحصائيات المتوفرة حول القدس في كافة المجالات، إحصائيات غير دقيقة لأسباب تتعلق بعدم ثقة سكان القدس بأي أحد يجمع معلومات كنتيجة لما تبذله سلطات الاحتلال من جهد في سبيل جمع معلومات تمكن السلطات من سحب هوية القدس وهو هدف تعمل عليه سلطات الاحتلال لتفريغ القدس من سكانها، وكذلك كنتيجة لمعرفة سكان القدس بأن الجهة الوحيدة القادرة على معاقبة المعنّف هي سلطات الاحتلال وهنا تدخل النساء في إشكاليتين تتعلق بعدم الموافقة على معاقبة فلسطيني من قبل سلطات الاحتلال، والثانية بعدم ثقتهم بهذه السلطات من حيث التعامل مع مشاكل الفلسطينيين بشكل صحيح” .

وتضيف عويضة: “كما ان هناك سببا آخر وهو أن أزمة الوباء لم تشكل تأثيرًا اقتصاديًا كبيرًا على سكان القدس كما أثرّت على سكان الضفة وقطاع غزة، حيث إن هناك سياسة الضمان الاجتماعي، كما لم ينقطع العمال عن عملهم كما في المناطق الأخرى، حتى أنه لم تكن هناك إجراءات مشددة كما حصل في الضفة الغربية من حيث الخروج من البيت، والتنقل وغيرها، الأمر الذي جعل مضاعفات هذه الأزمة في القدس أقل من غيرها من المناطق”.

وحول أهم الإجراءات التي يجب أن يتم اتخاذها تجاه ارتفاع حالات العنف ضد المرأة بعد انتهاء أزمة الوباء خاصة بعد وفاة سيدتين أقدمتا على الانتحار نتيجة العنف الممارس عليهما، أكدت عويضة “الإجراءات الهامة تتعلق أولاً بتطوير التشريعات والقوانين، وعلى رأسها إقرار مشروع قانون حماية الأسرة من العنف، وتغيير قانون العقوبات علماً أن هناك مسودة قانون جاهزة منذ سنوات ولكن لم يتم العمل عليها،إضافة إلى ضرورة تطوير خطوط ساخنة لاستقبال شكاو المعنفات في كافة المحافظات، وتطوير خدمات بيوت الإيواء وتمكينها من استقبال الحالات في حالة الطوارئ من خلال تعاون المنظمات النسوية مع شرطة رعاية الأسرة ووزارة الصحة”.

 

تعدد أشكال العنف

تعتبر شدة وحدة العنف من المؤشرات المهمة التي تعكس عمق الظاهرة، فدرجة الخطورة الناجمة عن العنف لا تقل أهمية عن تكرار أو تعدد أشكال العنف الذي تتعرض له المعنفة، وهي الجانب الذي يعكس العدائية التي تتعرض لها المعنفات، وأحياناً قد تكون دلالة على ان الشخص الذي يقوم بهذه الافعال شخصية مؤذية ومريضة مجتمعياً، ففي الوقت الذي تحتاج فيه المرأة المعنفة لبيت وجهة تحميها، فان ذاك الشخص ينبغي أيضاً وضعه في بيت للعلاج وتصويب السلوك وتعديل الشخصية.

ووفق بيانات الوزارة فقد توزعت المعنفات بواقع 54% تعرضن لأكثر من شكل من العنف، مقابل 46% تعرضن لشكل واحد من العنف خلال الفترة التي تغطيها البيانات الصادرة عن الوزارة، كما يتضح من الشكل التالي لتوزيع النساء المعنفات حسب عدد حالات العنف:

وقد مثل العنف النفسي نحو 42% من اشكال العنف الذي تعرضت له المعنفات، مقابل 32% تعرضن للعنف الجسدي، وهي نسب مرتفعة مقارنة بباقي اشكال العنف الاخرى.

 

العنف يضع المعنفة بين مطرقة الانتحار أو الهروب من المنزل

لا شيء يقضي على آثار العنف الا انتهاء العنف، هذا هو الحل الجذري لهذه ظاهرة، حتى وإن كان من الصعب القضاء على ظاهرة العنف لأسباب ليس مكان تحليلها هنا، لكن حينما تتحول الاسرة الى أداة التهديد والتعنيف، وحينما يتحول المنزل من مسكن الأمان والطمأنينة الى مكان للتهديد النفسي والجسدي، فإن الحياة تصبح على بوابة الجحيم، وتبدأ جدران المؤسسة الاسرية بالتصدع  كمقدمة للانهيار، وهذا ثمن تدفعه الأسرة بكافة أفرادها ليمتد أثرها الى المجتمع، فزيادة الحالات على مستوى المجتمع يحول المجتمع الى غابة بكل ما في الكلمة من معنى، غابة لا تصلح لحياة الاطفال ولا للحياة البشرية بشكل عام.

وفق البيانات المتوفرة من ذات المصدر حول الآثار التي نتجت عن العنف الممارس ضد النساء ان نحو 64% منهن قد حاولن الهروب من المنزل للخلاص من العنف، مقابل نحو 21% قد حاولن الانتحار للتخلص من العنف، فيما توزعت باقي النسب على الآثار الاخرى، وهذه خيارات خطيرة تنذر بتفكك الاسرة سواء في حالات الهرب او محاولات الانتحار، خاصة ان بيانات الوزارة تشير الى استقبال نحو 8 حالات من النساء اللواتي حاولن الانتحار وتم تقديم التدخل اللازم لمساعدتهن على تجاوز هذه المرحلة، مع الاشارة الى تقارب عدد المتزوجات وغير المتزوجات اللواتي أقدمن على محاولة الانتحار بواقع 8 متزوجات مقابل 7 عزباواتاضافة الى ان 55% من النساء اللواتي اقدمن على محاولة الانتحار هن ضمن الفئة العمرية 20 – 29 عاما، وهي دلالة مهمة على انهن من فئة الشباب، الامر الذي يتطلب اهتمامًاً خاصًّاً بقطاع الشباب في هذا المجال.

من جانب آخر، أظهرت البيانات الصادرة عن الوزارة أن نحو 60% من الحالات التي حاولت الانتحار من سكان المدن مقابل 40% من  الحالات من سكان الريف، وكذلك يتضح أن نحو 60% من النساء اللواتي حاولن الانتحار قد تعرضن الى أكثر من شكل من العنف ، وهذا من المجالات المهمة التي تتطلب من الجهات المختصة المزيد من التحليل، لأن هذه المعلومات تكشف جانباً آخر من الأسباب التي تدفع المرأة للانتحار، وتفتح بوابة جديدة لفهم هذا السلوك بما يخدم بناء سياسات التدخل والمساعدة في المستقبل.

تعليقا على ما سبق تؤكد رندة سنيورة/ مديرة مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي “بيّن تقرير وزارة التنمية أنه حتى نهاية شهر نيسان المنصرمكان هناك حوالي 90 حالة تلقتها وزارة التنمية الاجتماعية وتعاملت معها خلال الفترة السابقة، بما فيها ارتفاع الحالات خلال شهر آذار مع بدء الجائحة، ارتفاع النسبة وضع طبيعي وفق التوقعات الأممية بهذا الشأن التي أشارت في تقارير صادرة عن الأمين العام للأمم المتحدة والمقررة الخاصة حول العنف ضد المرأة إلى أنه من المتوقع ارتفاع حالات العنف  خلال الجائحة والحجر المنزلي، بسبب اقتحام الفضاء الخاص بالنساء من قبل باقي أفراد الأسرة، ووجود خلافات مسبقة ربما قبل أزمة الوباء، تعمقت بازدياد المسؤوليات في ظل الحجر والوضع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه الكثير من العائلات في زمن الوباء”.

وتضيف سنيورة: “وكون النسبة الأعلىمن العنف تتركز بين المتزوجات لا بد من الإشارة الى جزئيتين مهمتين الاولى أن النساء اللواتي تعرضن للعنف في الفئة العمرية بين 20–39 حدث طبيعي ومنسجم تمامًا مع نتائج مسح العنف الذي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2019، الذي بين أن 1 من كل 4 متزوجات يتعرضن للعنف بأشكاله المختلفة، وخاصة العنف النفسي،كما أن النتائج متسقة مع الرقم الوطني في العينة الممثلة في الضفة الغربية وقطاع غزة”.

وتؤكد سنيورة “الكثير من الحالات التي تصل الى الجهات المختصة ولا يتم تسجيلها، كانت حالات انتحار أو (استنحار) كما نسميها التي تتم بسبب الضغوطات النفسية والاجتماعية التي تمارس على المرأة داخل الأسرة، تدفعها الى إنهاء حياتها، وهنا نود أن نشير إلى أن 96% من الحالات التي وصلت لوزارة التنمية الاجتماعية كان من ضمنها 20 محاولة انتحار، كان من ضمنها حالتا وفاة،إحداهما عزباء من سكان مدينة قلقيلية لم تتجاوز الـ 18 عامًا، تعرضت للعنف النفسي ما دفعها لإلقاء نفسها من علو، والثانية لمتزوجة في بلدة (بديا) محافظة سلفيت عمرها 27 عامًا ولديها 4 أطفال تعرضت للعنف الالكتروني ما دفعها لشرب مادة كيميائية خاصة بالتنظيف،هذه النتائج تنبهنا الى ضرورة الانتباه إلى أن الكثير من الحالات التي تسجل على انها وفاة طبيعية او (استنحار)، قد تكون أسبابها العنف داخل الاسرة والنساء اللواتي لا يجدن بديلا للخلاص يقمن بإنهاء حياتهن، وهناك من يتعرضن للضغط من قبل بعض افراد الاسرة لقتل أنفسهن بشرب السم او السقوط من علو، وهذا مؤشر موجود دائمًا، ونشير له في كل الاحصاءات الخاصة بالعنف ضد المرأة،كما نعتبر الحالات الغامضة في حالة الوفاة أو الحالات التي تم تسجيلها على أنها انتحار هي حالات قتل للنساء، ما يستوجب وضع الخطط التي تأخذ احتياجات النساء وتضعها على سلم اولويات واستراتيجيات صناع القرار، بحيث يتم رسم السياسات الحساسة لقضايا النوع الاجتماعي وأن تتم معالجة الوضع الاقتصادي المتضرر لكثير من النساء خاصة اللواتي يترأسن أسرا، واللواتي يعمل في القطاع غير المنظم، باعتبارهن أولى ضحايا الجائحة بسبب تعرض الكثير منهن لفقدان مصدر رزقهن”.

وأشارت سنيورة الى أن وزارة شؤون المرأة تقوم بعمل استطلاع للرأي حول ارتفاع العنف أو عدم ارتفاعه خلال الجائحة،حيث تبين من المؤشرات الاولية ارتفاع نسبة العنف، وارتفاع حالات سفاح القربى التي تتم عن طريق اعتداءات جنسية من قبل أفراد الاسرة الذكور على النساء داخل الأسرةالتي تدفعهن الى الانتحار، ومن الواضح أن هناك ارتفاعا في نسبة الحالات الجنسية خلال الجائحة والتي يجب أن يتم تجريمها من قبل القانون.

 

الدعم والإرشاد طوق النجاة والمساعدة للمعنفات

القضاء على العنف عملية متواصلة ومتراكمة تتطلب تضافر جهود جميع الشركاء، رحلة مع الزمن  فيها الصعود وفيها الهبوط، فهي ليست حدثا او مناسبة او مجرد نشاط، فالعنف مرض متأصل ويضرب جذوره في موروث الايام ويتغذى بالجهل والاستقواء على الضعيف، انه أشبه بفيروس كورونا، يتسلل من أي نقاط ضعف، ليوهم صاحبه بأنه على حق وأن ما يقوم به علاج لمصلحة الذي يتعرض للعنف، ومع ذلك فإن المؤسسات المعنية لا تعرف الاستسلام، وتصل الليل بالنهاربمبادراتها وجهودها لمواجهة هذه الظاهرة وحماية مجتمعنا، حقوق ومكانة وكرامة نسء فلسطين، ووفق بينات الوزارة فقد تم تقديم واحترام ما نسبته 67% للمعنفات على شكل دعم وتوجيه، وتلقى نحو 16% خدمة الحماية وفق ترتيبات الوزارة في هذا المجال وتوزعت باقي النسبة على باقي أشكال المساعدة، وهذه الإجراءات تتطلب توفير الموارد ودعم جهود ومبادرات الوزارة والجهات المعنية لتوفير الموارد اللازمة لها لتطوير قدراتها لتلبية احتياجات كافة النساء المعنفات وفي كافة المناطق.

وهذا ما أكد عليه دواد الديك على صعيد إجراءات الوزارة قائلا: “إنه وبرغم الجائحة والتحديات التي واجهتها كافة المؤسسات خلالها  إلا انه تم إبقاء مراكز الحماية مفتوحة وتستقبل المعنفات لكن بإجراءات صحية ووقائية، حيث يتم عمل فحص “الكورونا”لأية حالة قبل ادخالها لمراكز الحماية،الى جانب تأمين احتياجات مراكز الحماية سواء المواد الغذائية أوالصحية، كما أولينا اهتمامًا عاليًا بدعم النساء والأسر التي ترأسها نساء في مجال المساعدات النقدية لمتضرري الوباء”.

وفي إطار مأسسة الاجراءات في ظل الجائحة، أوضح الديك أن مجلس الوزراء صادق على اجراءات تحويل المعنفات في ظل حالة الطوارئ، والهدف من هذه الاجراءات ضمان الاستمرار في تقديم خدمات الحماية للنساء من قبل جميع الشركاء الفاعلين في نظام التحويل الوطني،كما استمرت الوزارة بالعمل على قانون حماية الأسرة من العنف، وتم انجازه ورفعه الى مجلس الوزراء للقراءة الأولى في جلسة الاثنين الماضي.

ويضيف الديك: “سنستخلص العبر من الجائحة، وسنقوم بعد انتهاء حالة الطوارئ بمراجعة وتعديل نظام مراكز حماية المعنفات، ونظام التحويل الوطني، ومختلف الاجراءات المتعلقة بالحماية.باختصار شديد، موضوع حماية النساء المعنفات يعتبر أساسيا ضمن أية خطة استجابة لمواجهة الوباء، وليس أمرا ثانويا”.

من جريدة الحياة الجديدة- عبير البرغوثي