نهاية أوسلو وتغير قواعد اللعبة

23 مايو 2020آخر تحديث :
نهاية أوسلو وتغير قواعد اللعبة
نهاية أوسلو وتغير قواعد اللعبة

بقلم: الدكتور موسى شتيوي

قرار الحكومة الإسرائيلية بقيادة اليمين المتطرف بضم غور الأردن والمستوطنات في الضفة الغربية لإسرائيل بمباركة من ترامب من خلال خطة صفقة القرن هو بمثابة الإعلان الرسمي لموت أوسلو وتفاهماته وحل الدولتين.

نهاية أوسلو لم تبدأ اليوم مع صفقة القرن بل كانت بداياتها مع اغتيال رابين والصعود التاريخي لليمين المتطرف بقيادة شارون ولاحقا نتنياهو وموت “معسكر السلام” الإسرائيلي بانهيار الأحزاب اليسارية كالعمل وميرتس وغيرها.
اليمين الإسرائيلي كان مهتمًا باستمرار عملية المفاوضات من خلال اوسلو ولكنه لم يكن مهتما بالسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل. اتفاقية أوسلو خلصت إسرائيل من عبء الإدارة الأمنية للفلسطينيين خاصة بالضفة الغربي وبعد انسحابها من قطاع غزة وأعطت انطباعا للعالم بأنها مستمرة في عملية السلام واستمرت بإحكام سيطرتها العسكرية والسياسية والاقتصادية على الضفة وغزة، ولكن الأهم من ذلك أنها استمرت في خلق وقائع جديدة على الأرض من خلال عملية الاستيطان ومحاولة تهويد القدس التي لم تتوقف طيلة تلك الفترة وأخيرًا مما فاقم من الاعتماد السياسي والاقتصادي للسلطة وللفلسطينيين على إسرائيل في ظل نظام فصل عنصري.

هذا الوضع أدى إلى عجز السلطة عن إنجاز الاستقلال الفلسطيني وفي الوقت نفسه عدم قدرتها على التنصل من اتفاقية أوسلو لأنها موجودة بسببه. فاقم من العجز الفلسطيني الانقسام الحاد بين السلطة في رام الله وحماس في غزة وفشل كل المحاولات للمصالحة بين الطرفين والذي جاء سلامًا وبردًا على إسرائيل.
إن ضم غور الأردن والمستوطنات لإسرائيل يشكل انقلابًا على الشرعية الدولية وتنصلًا من اتفاقية أوسلو ونقضا لبعض بنود اتفاقية السلام مع الأردن ويشكل تحولًا تاريخيًا في مسيرة القضية الفلسطينية.

إن موقف الأردن الذي عبر عنه جلاله الملك في مقابلته مع صحيفة دير شبيغل الألمانية يدل على فهم عميق لمخاطر المشروع الصهيوني في ضم غور الأردن والمستوطنات ليس فقط على المشروع الوطني الفلسطيني وإنما أيضًا على المصالح الأردنية العليا والتي ترتكز على حل الدولتين. ولكنه في الوقت نفسه يستند على ركائز قوة الموقف الأردني والدور التاريخي للأردن في دعم عملية السلام ودعم القضية الفلسطينية وعلى السمعة والمصداقية التي يتمتع بها الملك والأردن دوليًا والذي يحاول أن يستثمره الملك في التحرك الدولي الذي يقوده لإحباط المخطط الإسرائيلي والعودة للشرعية الدولية في حل القضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين.
إن الصدام الكبير مع الأردن الذي أشار إليه الملك لا يعني إعلان الحرب على إسرائيل ولكن الأردن تملك الأوراق الكافية لرفع الكلفة السياسية على القرارات الإسرائيلية دوليًا وإقليميًا خاصة مع وجود تفهم ودعم كبير للموقف الأردني على المستوى الدولي وخاصة أوروبيًا وحتى أميركيًا والذي سيشكل رافعة مهمة للموقف الفلسطيني.

إن رأس الحربة في مقاومة المشروع الصهيوني تاريخيًا كان الشعب الفلسطيني بنضاله الذي أثار الإعجاب والدعم العالمي على المستوى الرسمي و الشعبي وهو القادر اليوم على إحباط المخطط الصهيوني بدعم وإسناد أردني عربي دولي.

ولكن من غير الواضح مدى قدرة القيادة الفلسطينية في ظل الظروف السياسية والاقتصادية المعقدة إقليميًا ودوليًا على بلورة إستراتيجية فلسطينية جديدة تتجاوز الانقسامات الحالية وتستند على نضال الشعب الفلسطيني المقاوم للاحتلال.

الانتفاضة الفلسطينية الأولى أنهت مرحلة من مراحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وساهمت ببدء مرحلة جديدة اضطرت إسرائيل بسببها إلى الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني وهو القادر اليوم على تغيير قواعد اللعبة التي أفرزتها عملية أوسلو وأن يكون رأس الحربة من خلال المقاومة الشعبية في إفشال المخطط الصهيوني مسندا بالموقف الأردني الرسمي والشعبي حيث ان الدعم الخارجي على أهميته هو مكمل ولكنه ليس بديلا للموقف والفعل الفلسطيني.

عن “الغد” الأردنية