ينتشر العمّال بكماماتهم الواقية على امتداد موقع “اكسبو 2020 دبي” الضخم جنوب الإمارة، وهم يعملون على إنهاء أعمال البناء الرئيسية رغم فيروس كورونا المستجد الذي دفع لتأجيل المعرض العالمي لمدة عام وخلق تحدّيا لوجستيا.
وسيُفتتح الحدث الذي خصّصت له الإمارة 8,2 مليارات دولار على أمل تعزيز قوتها الناعمة وإعادة إطلاق اقتصادها، في تشرين الأول/اكتوبر 2021 بحسب الموعد الجديد.
لكن المنظمين الذين يكدّون يوميا لفكفكة تعقيدات إعادة جدولة الحدث الممتد على فترة ستة أشهر، يبدون عازمين على الانتهاء من أعمال البناء الرئيسية بحلول تاريخ الافتتاح الأصلي أي تشرين الأول/اكتوبر المقبل.
وإضافة إلى العمل في ظل طقس حار للغاية، كان عليهم أن يتعاملوا مع إصابات بفيروس كورونا المستجد وتسريح موظفين من بين أفراد القوى العاملة الآتية من أنحاء العالم بسبب تأجيل الافتتاح الرسمي.
وقال أحمد الخطيب الرئيس التنفيذي للتطوير والتسليم لوكالة فرانس برس خلال جولة نادرة في الموقع الشاسع هذا الاسبوع “كان لفيروس كورونا المستجد تأثير على الجانب اللوجستي وتسليم بعض الأعمال المتبقية”.
لكن “العمل مستمر وبعض الأجنحة وصلت بالفعل إلى مرحلة نهائية. عام 2020 هو عام التسليم”، بحسب المسؤول.
وبعدما كان عبارة عن كتل من الحديد والاسمنت والغبار، تحوّل الموقع الممتد على مساحة 4,5 كيلومترات مربّعة إلى ما يشبه المدينة العصرية في صحراء جنوب الإمارة، حيث تم الانتهاء من أعمال البناء الرئيسية في غالبية الأجنحة.
ولا ينقص جناح دولة الإمارات العربية المتحدة المصمّم على شكل صقر في وضع الطيران، سوى بعض قطع الريش الأبيض للاكتمال، بينما بدا جناح المملكة السعودية وهو الثاني من حيث الحجم بعد جاره الإماراتي، كنافذة ضخمة تفتح من الأرض وترتفع إلى السماء.
وتم افتتاح الأنفاق، وتعبيد الشوارع، وتركيب نظام مكبّرات صوت شامل وأبراج شبكات الجيل الخامس لأنظمة الاتصالات، فيما تزدهر أشجار الزيتون والمانغو المزروعة بين الأبنية الفريدة في تصاميمها.
وكان من المتوقع أن يجذب أكبر حدث على الإطلاق في العالم العربي حوالي 25 مليون زيارة، على أن تشارك فيه 192 دولة بما في ذلك إسرائيل على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية مع الدولة الخليجية.
ومنذ تنظيم النسخة الاولى من المعرض العالمي في لندن عام 1851، أصبح هذا الحدث منبرا لعرض الأفكار والتكنولوجيا الحديثة بالإضافة إلى كونه وسيلة للترويج للعلامات التجارية المحلية.
وبفضل حملة دعائية ضخمة تشمل نجوما بارزين مثل ليونيل ميسي، يُنظر إلى إكسبو دبي على أنه شريان حياة لقطاعات العقارات والسياحة والتجارة بعد سنوات من المصاعب الاقتصادية في المنطقة الغنية بالنفط بسبب تراجع أسعار الخام، تفاقمت مؤخرا على خلفية إجراءات الحد من فيروس كورونا المستجد.
وشدّدت منال البيات الرئيس التنفيذي للمشاركة على أنّ التأجيل الذي أقرّه المكتب الدولي للمعارض بعد تصويت الدول الأعضاء في أيار/مايو، لم يؤثر بتاتا على “التزامنا بتنظيم معرض يلهم العالم”.
لكن مع تمدّد الجدول الزمني لعام إضافي، والضغوط المحتملة على الميزانيات المقرّرة مسبقا، جرى تسريح بعض الموظفين.
وقالت البيات “يؤسفنا جدا أنّ عددا من موظفي اكسبو سيغادروننا. بالطبع، كان القرار صعب جدا (…) لانّهم أعضاء في فريقنا”، دون تحديد عدد هؤلاء الموظفين.
في موقع إكسبو، الذي يظهر شعاره على كل شيء تقريبا في دبي من اللوحات الإعلانية إلى الطائرات، يخلق الوباء تحديات يومية خصوصا وأنّ العمّال عادة ما يتبادلون الأحاديث ويتشاركون مصاعد الرافعات في وقت لا تزال تسجّل الإمارات مئات الإصابات الجديدة كل يوم.
وأشارت البيات إلى إن من بين الإجراءات الوقائية العديدة التي تم اتخاذها في الموقع لمكافحة الفيروس، بناء منشأة وتنظيم جلسات توعية للموظفين وتعقيم باصات العمّال قبل وبعد استخدامها.
إلا أنّه على غرار العديد من أماكن البناء في المنطقة والعالم، ظهرت بعض الإصابات.
وأوضحت المسؤولة “كانت لدينا بعض الحالات الإيجابية بين عمّالنا وكذلك بين موظّفينا في إكسبو”، من دون أن تحدّد عدد هذه الحالات.
وتابعت “إذا جاءت نتيجة أي شخص إيجابية، لا يعود إلى العمل حتى يأتي اختباره سلبيًا وبعد موافقة السلطات الصحية على العودة إلى العمل بغض النظر عما إذا كان عاملاً أو موظّفا في إكسبو”.
يذكر أنّ أكثر من نصف حالات الإصابة بالفيروس المسجّلة في دول الخليج الست والتي تتجاوز الآن 355 ألفا، هي من بين العمال الأجانب الذين يعيشون غالبًا في غرف ضيقة قلّما تسمح بالتباعد الاجتماعي.
وأجبرت إجراءات احتواء الفيروس دبي -التي اجتذبت 16,7 مليون زائر العام الماضي- على إغلاق أبوابها في آذار/مارس، على أن تعيد فتحها قبل بداية الموسم السياحي في أيلول/سبتمبر المقبل مع بدء تبدّل حرارة الطقس نحو البرودة.
وقال الخطيب ردا على سؤال عما إذا كانت ستتم مراجعة التوقعات بشأن أعداد الزوار العام المقبل “نعتقد أن عدد زوار دبي سيعود لطبيعته، وسنعمل عن كثب لتحقيق أفضل عدد من الزوار لمعرضنا”.
وأضاف بتفاؤل “عام واحد من التأجيل يعني المزيد … من الوقت للتحسين”.