في الذكرى إل ٤٧ لحرب تشرين ١٩٧٣

6 أكتوبر 2020آخر تحديث :
في الذكرى إل ٤٧ لحرب تشرين ١٩٧٣
في الذكرى إل ٤٧ لحرب تشرين ١٩٧٣

بقلم: محمد النوباني

تحل اليوم الموافق للسادس من تشرين الاول ٢٠٢٠ الذكرى الـ٤٧ لحرب تشرين اول العربية – الاسرائيلية التي وقعت في مثل هذا اليوم من العام ١٩٧٣ و أسست لحالتين متناقضتين في الوضع العربي حالة كامب ديفيد ووقوع المنطقة العربية في أسر الحقبة الاسرائيلية -الامريكية منذ عدة عقود وحالة المقاومة التي تمخض عنها نهاية عصر الهزائم العربية وبداية عصر الإنتصارات.

فتلك الحرب كان الهدف منها كما خطط الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ان تكون حربا لازالة آثار عدوان الخامس من حزيران عام ١٩٦٧ وهذا ما اراده ايضاً الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الذي وصلت قواته الى ضفاف بحيرة طبريا، وكان يمكن لها ان تتقدم اكثر في عمق الاراضي المحتلة لولا سوء إدارة انور السادات للعمليات الحربية على الجبهة المصرية وتدخلاته في مجرياتها العسكرية وإعلانه الذي طمأن الاسرائيليين منذ اليوم الرابع لاندلاعها بان هدفها ليس تحرير الاراضي العربية المحتلة بل تحريك الازمة عبر المفاوضات مما حولها من اول انتصار عربي استراتيجي كبير على اسرائيل ، منذ نكبة فلسطين عام 1948 الى هزيمة استراتيجية و كارثة كبرى حلت بالأمة العربية وبمعسكر اعداء الامبريالية الامريكية على مستوى العالم، لا زلنا نعاني من اثارها المدمرة حتى اليوم.

ولكي نوضح معنى ما نقول فان انور السادات الذي خلف الرئيس جمال عبد الناصر اثر وفاته المفاجئة في 1970/9/28 كان قد وصل الى منصب نائب الرئيس في مصر، كما تشير المصادر التاريخية بفعل كومبرومايس عقده الملك السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز مع جمال عبد الناصر تم بموجبه موافقة عبد الناصر على تعيين السادات نائبا اول له مقابل موافقة الملك فيصل على انهاء التدخل العسكري السعودي في اليمن.

ولا اريد ان اسهب كثيرا لكي لا ابتعد كثيرا عن محور الموضوع الذي انا بصدده ولكن لا بد من التذكير ببعض الحقائق المهمة و التي تساعدنا على مقاربة المسالة بشكل افضل ومن ضمنها ان الملك فيصل طلب من الرئيس الامريكي انذاك، لندن جونسون، عام 1966 في رسالة كشف عن مضمونها الرئيس اليمني الراحل، علي عبد الله صالح، قبل مقتله طالبا فيها من جونسون الايعاز لاسرائيل بشن حرب على مصر لان ذلك هو السبيل الوحيد لانهاء الخطر الذي يشكله عبد الناصر على المصالح الامريكية في الشرق الاوسط والمصالح السعودية وهو الامر الذي تم في حرب حزيران 1967.

واذا ما ربطنا ذلك بما قيل عن ضلوع دولة عربية مع المخابرات المركزية الامريكية بقتل عبد الناصر عن طريق دس السم له في فنجان من القهوة، في الثامن والعشرين من ايلول عام ١٩٧٠ فاننا نستطيع ان نستنتج بسهولة ان هنالك من اراد القضاء على عبد الناصر قبل حرب الثأر التي كان يعد لشنها على اسرائيل ثارا لهزيمة 1967 لكي لا تكون حربا لتحرير الارض المحتلة كما ارادها عبد الناصر والرئيس السوري الراحل حافظ الاسد وانما لكي تكون حرباً لتحريك الازمة والوصول الى اتفاق اذعان مع اسرائيل وهو ما تم في التاسع عشر من تشربن ثاني عام 1977 عندما قام السادات بزيارته للقدس التي ادانها العالم العربي وعندما وقع اتفاقات كامب ديفيد التصفوية عام 1978.

وهنا علني لا ابالغ إن قلت بان تدخل السادات في قرارات القيادة العسكرية المصرية كما كشف عن ذلك اللواء الراحل سعد الدين الشاذلي البطل الحقيقي للحرب ومعارضته لتدمير ثغرة الدفرسوار واصراره على تطوير الهجوم الاستراتيجي في سيناء باتجاه ممري المتلا والجدي بدون حماية من حائط الصواريخ المضادة للطائرات، كل ذلك ادى إلى تفريغ حرب تشرين من نتائجها الايجابية وتحويلها من اول إنتصار عربي على إسرائيل إلى هزيمة وتمكين الولايات المتحدة الامريكية من الاستيلاء على نفط الشرق الاوسط وبالتالي تمكينها من انعاش اقتصادها واعادة الاعتبار للدولار الذي اصبح مدعوما بالنفط العربي بعد الغاء الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون عام 1971 لاتفاقية “بريتون وودس” حينما تبين للعالم ان الدولار غير مغطى بالذهب مما مكنها من التغلب على ازماتها الاقتصادية البنيوية وهزبمة الاتحاد السوفباتي في الحرب الباردة ومن ثم تفككه وإنهياره.

ومع ذلك تبقى حرب تشرين معلماً مهماً في التاربخ العربي حيث اثبت الجيشان العربيان في مصر وسوريا أن باستطاعتهما هزيمة “الجيش الذي لا يقهر”.

تحية لأرواح شهدائهما الابرار الذين ضحوا بحياتهم من اجل تحرير الارض والإنسان العربي،

وتحية خاصة لروح البطل الحقيقي لتلك الحرب اللواء اركان حرب سعد الدين الشاذلي، البطل الحقيقي لتلك الحرب على الجبهة المصرية ولأرواح الشهداء من الجيوش العراقية والاردنية والكويتية والعربية ومن افراد جيش التحرير الفلسطيني الذين سقطوا في تلك الحرب.