حديث القدس
البيان الذي اصدرته الدول الاوروبية الكبرى، الذي ادان مصادقة الاحتلال على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة والتأكيد على ان هذه الدول لن تعترف بأية تغييرات على حدود الرابع من حزيران 1967، بالرغم من اهميته كموقف مبدئي معارض للاستيطان، الا انه يثير العديد من التساؤلات وفي مقدمتها الى متى ستكتفي اوروبا ببيانات ادانة للاحتلال الاسرائيلي فيما تواصل اقامة علاقات اكثر من طبيعية مع دولة الاحتلال، وتقدم لها الدعم في العديد من المجالات سواء الاقتصادية او العلمية فيما يكتوي الشعب الفلسطيني بنيران الاحتلال الذي يمارس ابشع الانتهاكات للقانون الدولي واعلانات حقوق الانسان؟!
هذا السؤال موجه بالأساس لزعماء الاتحاد الاوروبي الذي يرفع لواء الحرية والعدالة وحقوق الانسان والذي سارع الى اتخاذ عقوبات وحتى التدخل العسكري ضد دول عربية واسلامية ليس لانها هددت اوروبا وليس لانها احتلت اراضي شعوب بشكل غير شرعي لعقود طويلة كما هو حال فلسطين، بل لأسباب اقل بكثير وتحت نفس الشعارات حود الحرية والديمقراطية واحترام القانون الدولي .. الخ.
وتدرك اوروبا ان اسرائيل لا تعبأ ببيانات الادانة والمواقف النظرية كتلك التي دأبت على اصدارها منذ الاحتلال الاسرائيلي عام 1967 حتى اليوم، بل ان هذا الاحتلال امعن في انتهاك القانون الدولي وداس مبادئ الحرية والعدالة ولا يزال مصرا على التنكر للحقوق المشروعة التي طالما اعلنت اوروبا تأييدها ودعمها لها الى جانب الغالبية الساحقة من دول وشعوب العالم.
صحيح ان اوروبا قدمت لفلسطين الى جانب هذه المواقف دعما ماديا ومولت الكثير من المشاريع التي قام الاحتلال بتدميرها تحت ذرائع واهية، فماذا فعلت اوروبا ازاء كل ذلك؟
ان ما يجب ان يقال هنا ان الشعب الفلسطيني الذي يقدر المساعدات الاوروبية ويثمن المواقف المناهضة للاحتلال ينتظر من اوروبا ما هو اكثر من مجرد اصدار بيانات الادانة لهذا الاحتلال.
والسؤال الآخر الذي يطرح على اوروبا هو: ما الذي يمنع الاتحاد الاوروبي من فرض عقوبات على دولة الاحتلال؟ وما الذي يمنع اوروبا من تفعيل قوانينها الخاصة بحقوق الانسان فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي ومعاقبة اسرائيل على هذه الانتهاكات؟ بل ما الذي يمنع اوروبا على الاقل من التلويح لاسرائيل باستعدادها لتجميد او وقف التعاون الاقتصادي والعلمي معها اذا ما واصلت انتهاكاتها واستمرت بالتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني؟.
اسئلة يجب على زعماء اوروبا الاجابة عنها كي نشعر بمصداقية وجدية الشعارات التي ترفعها، ومصداقية وجدية بيانات الادانة التي تصدرها، فاوروبا شاهدة منذ عقود على معاناة الشعب الفلسطيني وعلى تدمير اسرائيل للكثير من مشاريع المساعدات الاوروبية وعلى العقوبات التي تفرضها اسرائيل على الموظفين الأمميين وحتى على الاوروبيين انفسهم ، فماذا فعلت اوروبا ازاء كل ذلك؟