نجح صائب عريقات، أحد المقربين من الرئيس محمود عباس والذي توفي الثلاثاء عن 65 عاما، في بناء علاقات قوية بين الفلسطينيين والقوى الكبرى، وعُرف لسنوات طويلة على أنه كبير المفاوضين الفلسطينيين وكان أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية.
وشارك في مفاوضات عدة في محاولة لتسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، قبل أن تعلن السلطة الفلسطينية قبل عدة سنوات تجميدها، وقطع العلاقات مع الإدارة الأمريكية أيضا لانحيازها لإسرائيل.
وعليه، أصبح عريقات صوت الفلسطينيين الذين يعبرون من خلاله عن رفضهم لكثير من السياسات المتعلقة بقضيتهم.
وقال يوما في معرض رده على سؤال حول ما إذا كانت هناك ضرورة لإدانة الهجمات الفلسطينية: “أدين من يقضون على الأمل”. وتابع “أدين: أولئك الذين اختاروا المستوطنات والإملاءات بدلا من السلام والمفاوضات. قلت لكم إنني لا أوافق على قتل المدنيين، سواء إسرائيليين أو فلسطينيين”.
وأضاف عريقات حينها: “أنا رجل سلام، أريد السلام، أعترف بحق إسرائيل في الوجود”.
شاهد على انهيار حل الدولتين
وكان صائب عريقات شاهدا على انهيار خيار حل الدولتين، لاسيما أمام التوسع الاستيطاني والعنف المتقطع بين الجانبين، وجهود السلام المتوقفة، وكذلك الانقسام الفلسطيني.
مثل الأستاذ الجامعي المولود في القدس في العام 1955، شخصية محورية في الساحة الفلسطينية ومحاور لا يمكن تجاوزه للمبعوثين الأجانب، يتحدث الإنكليزية بطلاقة، ويتمتع بحس الفكاهة.
كان عريقات عضوا في البرلمان الفلسطيني منذ العام 1996، وشخصية مقربة من الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
مؤخرا، بات من أشد المنتقدين لسياسة إسرائيل في احتجاز جثامين الفلسطينيين الذين قتلوا خلال هجمات نفذت ضد إسرائيليين، خصوصا بعد مقتل شاب من أقاربه عند حاجز عسكري في الضفة الغربية المحتلة في حزيران/يونيو الماضي.
صائب عريقات لفرانس24: “ما يحدث الآن هو نتاج لاستمرار الاحتلال والاستيطان والإملاءات الإسرائيلية”
عانى كبير المفاوضين الفلسطينيين لسنوات من التليف الرئوي، وخضع في العام 2017 لعملية زراعة رئة في مستشفى في الولايات المتحدة. وفي 9 تشرين الأول/اكتوبر، أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية عن إصابته بفيروس كورونا.
نقل عريقات في 18 تشرين الأول/أكتوبر، إلى مستشفى (هداسا عين كارم) الإسرائيلي في القدس، حيث ألحق بقسم العناية المكثفة الخاص بالمصابين بالفيروس.
رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير منذ 2003
قام عريقات المناور الحذق والسلس بدور أساسي في المباحثات الفلسطينية الإسرائيلية السابقة وخصوصا أثناء قمة كامب ديفيد التي فشلت في تموز/يوليو 2000، ثم في الأشهر التالية خلال مفاوضات طابا بمصر التي تقاربت فيها كثيرا مواقف الطرفين لكنها لم تتوج باتفاق.
كذلك انخرط أمين سر منظمة التحرير، في أحدث محاولة لاستئناف جهود السلام الإسرائيلية الفلسطينية والتي بادرت إليها إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، لكنها انهارت في نيسان/أبريل 2014.
يلقب عريقات بكبير المفاوضين الفلسطينيين باعتباره رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية منذ 2003. وقد استقال من هذا المنصب في شباط/فبراير 2011 بسبب كشف وثائق حول مفاوضات السلام مع إسرائيل ما بين 1999 و2010، والتي بثتها قناة الجزيرة الفضائية.
وقال حينذاك إن استقالته “تأتي من منطلق تحملي كامل مسؤوليتي لخرق سرقة الوثائق من مكتبي وما لحقها من تحريف وتزوير”.
ونجح المسؤولون الفلسطينيون في التخفيف من وقع نشر هذه الوثائق التي بدا فيها المفاوضون الفلسطينيون مستعدين لتقديم تنازلات مهمة من دون مقابل من الجانب الإسرائيلي، في ملفات مهمة مثل القدس الشرقية واللاجئين.
ونظرا لعدم تحقيق المفاوضات التي قادها نجاحا، كان لا يحظى بدعم شعبي كاف بين الفلسطينيين.
وفي 2009، انتخب عضوا في اللجنة المركزية لحركة فتح وفي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
خريج جامعة سان فرانسيسكو الأمريكية وبرادفورد البريطانية
حصل عريقات على الشهادة الجامعية الأولى من جامعة سان فرانسيسكو الأمريكية، ثم حصل من جامعة برادفورد البريطانية على شهادة الدكتوراه في دراسات السلام.
وعمل لاحقا محاضرا للعلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية في نابلس التي تعد من أكبر الجامعات الفلسطينية وأعرقها، في الضفة الغربية من 1979 إلى 1991.
وقد عمل صحافيا في جريدة القدس الفلسطينية لمدة 12 عاما. وألف نحو عشرة كتب، اتخذ من مدينة أريحا قرب القدس مسكنا له ولعائلته.
وكان صائب عريقات متزوجا من نعمة عريقات، وله من الأبناء دلال وسلام وعلي ومحمد.