كتب وحديقة في خيمة.. نازح سوري يجعل خيمته تشبه منزل طفولته

24 نوفمبر 2020آخر تحديث :
كتب وحديقة في خيمة.. نازح سوري يجعل خيمته تشبه منزل طفولته

بين أشجار زيتون معمّرة في شمال غرب سوريا، يعزف الشاب وسام دياب على العود بينما تحيط به نباتات زرعها واعتنى بها على مدخل خيمته، في محاولة لجعلها تشبه منزله الذي نزح منه على وقع المعارك قبل سنوات.

وداخل الخيمة في منطقة أطمة على الحدود مع تركيا، رتّب وسام (19 عاماً) عشرات الكتب على طاولة زيّنها بغطاء أبيض اللون وبنبتة الصبار مزروعة في أحواض صغيرة.

ويقول الشاب، ذو العينين الخضراوين لوكالة فرانس برس، “نشأت في منزل يشبه ما جعلت الخيمة عليه اليوم، كان لدينا حديقة ومكتبة، لكن منزلنا أجمل بكثير”.

قبل أربع سنوات، نزح وسام وعائلته من قريته كفرزيتا في شمال حماة بعد مقتل شقيقه جراء قصف لقوات النظام. ولجأت العائلة إلى مخيمات النزوح المكتظة في شمال إدلب حيث يعيش نحو مليون ونصف نازح.

وانتقلت العائلة مجدداً قبل ثمانية أشهر إلى حقل زيتون، بعيداً عن اكتظاظ المخيم، وخشية من تفشي فيروس كورونا المستجد. لكنّ وسام اختار هذه المرة أن يخصص لنفسه خيمة محاذية لتلك التي يسكنها والداه وشقيقتيه.

ويقول “حاولت قدر المستطاع ان أجعلها أشبه بمنزلنا القديم.. محاولة مني للاستقرار” بعد أربع سنوات من النزوح، رغم إدراكه أنّ “الخيمة لا تغني أبداً عن المنزل وإن كانت على مستوى من الجمال والترتيب”.

جمع وسام حجارة صغيرة من الحقل وحدّد بها الممرّ المؤدي إلى خيمته. وفي داخلها، وضع فراشاً فوق سجادة حمراء اللون، ووزّع أحواض النباتات في الزوايا، وعلق جانباً معطفه وشهادة مشاركته في دورة تدريب مهني حول مبادئ التمريض.

يستعرض الشاب عبر هاتفه الجوال صوراً لمنزل عائلته المدمّر في كفرزيتا، ويتذكر كيف اكتفت العائلة بإحضار حاجياتها الضرورية، قبل أن تلوذ بالفرار.

ويقول “حين تهجّرنا، تمكّنت من احضار بضعة كتب فقط. هنا، بدأت من الصفر. اشتريت نباتات وكتباً من جديد”.

ويضيف “أصبح لدي مكتبة، وعدت الى القراءة والزراعة وأحضرت الورد أيضاً ونبتة الصبار”.

في مكتبته المتواضعة، يحتفظ وسام بـ85 كتاباً من روايات ومراجع دينية ومدرسية وبينها رواية “كافكا على الشاطئ” لهاروكي موراكامي والمجلّد الأول من الاعمال الروائية المترجمة للروسي فيودور دوستويفسكي.

إلى جانب ذلك، يتعلّم العزف على آلة العود بنفسه عبر متابعة مقاطع مصوّرة على منصة يوتيوب، كما أنه يهوى جمع العملات القديمة.

تفاجأ جيران الشاب من الجهد الذي بذله في ترتيب خيمته، وبات البعض يسأله “هل تعتقد أن إقامتنا ستطول هنا؟”.

وتسبّبت هجمات عدة شنتها قوات النظام بدعم روسي خلال السنوات الأخيرة بنزوح مئات الآلاف من منازلهم واللجوء إلى المخيمات في شمال إدلب. وكان آخرها هجوم استمر ثلاثة أشهر مطلع العام الحالي ودفع بنحو مليون شخص للنزوح، لم يعد منهم سوى نحو 235 ألفاً إلى مناطقهم، غالبيتهم بعد اتفاق لوقف اطلاق النار.

ويقول دياب “أنا أعرف أن إقامتنا ستطول هنا”.

وبانتظار عودته، يقول إنّه سيواضب على شراء الكتب والاهتمام بنباتات الصبار والياسمين.