لمع نجم باسم يوسف خلال مرحلة الثورات و”الربيع العربي”، ولم يوفر بانتقاداته الساخرة التي أضحكت ولا تزال الملايين، المسؤولين المصريين. لكن بعد عقد على ثورة يناير، بات النقد السياسي والسخرية في مصر من الماضي.
لكن باسم يوسف الذي يقيم اليوم في المنفى قال لوكالة فرانس برس من دبي في مقابلة عبر الفيديو، “أعتقد أن الثورة كانت شيئا يجب أن يحدث.. كانت شيئا نقيا”.
وأضاف “ربما اتجهت في طرق لم نكن نأملها، لكن ما حدث قد حدث، وأعتقد أن تأثير الثورة ما زال قائما”.
واقتحم الطبيب الجراح السابق (46 عاما) المشهد العام في مصر بعد أسابيع من الإطاحة بالرئيس الأسبق الراحل حسني مبارك في فبراير/شباط 2011. أما اليوم فيعيش في الولايات المتحدة، ويخشى العودة الى بلاده حيث حرية التعبير مفقودة.
وبدأ يوسف مشواره الإعلامي بعرض متواضع على موقع “يوتيوب” كان يصوره في الغرفة المخصصة لغسيل الثياب في منزله. وتحوّل العرض بعد ذلك إلى برنامج حواري ساخر ضخم يُعرض في وقت متأخر من الليل على التلفزيون. وكان المصريون يلتفون كل يوم جمعة من كل أسبوع حول الشاشات الفضائية المصرية أو الإنترنت لمشاهدة “البرنامج” الذي كان يوسف يسخر فيه من الشخصيات العامة والسياسية بروح دعابة أكسبه ملايين المعجبين في كل العالم العربي.
وعرض آخر برنامج تلفزيوني ضخم قدمّه يوسف في الشرق الأوسط على قناة “إم بي سي مصر” السعودية، قبل أن يصدر قرار بإبعاده فجأة عن البث عام 2014، بسبب بعض مزحات تعرضت للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي كان يشغل منصب قائد الجيش آنذاك.
وبسبب تقلّص مساحة حرية التعبير وشحن وسائل الإعلام الموالية للسيسي، انقلب الملايين من المعجبين بالإعلامي الساخر عليه بين ليلة وضحاها وتعرض للتشهير واضطر إلى إنهاء عروضه، وغادر إلى الولايات المتحدة مع أسرته.
وأطاح الجيش المصري، عندما كان السيسي وزيرا للدفاع، بالرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي في تموز/يوليو 2013 بعد عام واحد من توليه السلطة شهد اضطرابات سياسية واقتصادية كبيرة.
وشنّ نظام السيسي حملة قمع واسعة ضد الإسلاميين توسعت لتشمل سجن آلاف المعارضين بين فنانين وناشطين ومحامين وصحافيين وأكاديميين وحتى برلمانيين وسياسيين سابقين.
رغم ذلك، اعتبر باسم يوسف أن ثورة يناير في 2011 التي خرج خلالها الملايين من المصريين الى الشارع للمطالبة بإسقاط نظام مبارك، “كسرت نوعًا ما طريقة التفكير التقليدية التي عاشت طويلا.. يمكنك رؤية ذلك في الطريقة التي تتعامل بها الأجيال الشابة تجاه السياسة والدين وكل شيء”.
وقال “جزء كبير من نجاح +البرنامج+ كمن في الظروف التي خرج منها. ولا يمكنك تكرار ذلك لأن هذه الظروف لم تعد موجودة”.
وأضاف “في النهاية، لن يأتي عمل أكثر نجاحا من +البرنامج+، مع 40 مليون مشاهد أسبوعيا. علينا جميعًا أن نتعايش مع ذلك”.
ويعيش باسم يوسف اليوم في كاليفورنيا يقدّم عروض “ستاند أب كوميدي” ويكتب ويسجل “بودكاست”.
وعن شعوره إزاء ذلك، قال “لا أريد حتى أن أقول إنني في منفى. لقد تجاوزت ذلك”، مضيفا “عندما تخبر نفسك دائمًا أنك في منفى، قد تشغل بالك بمتى تعود. وأنا لم أعد أفكر في ذلك”.
وفي محاولة للعودة الى مشاهدي المنطقة، يقوم يوسف حاليا بتصوير حلقات برنامجه الجديد “اسأل باسم” في دبي ليُبث على قناة “الشرق” الفضائية السعودية التي أُطلقت مؤخرا.
وينقل يوسف من خلال البرنامج شغفه بتغيير الخيار الغذائي للناس إلى خيارات نباتية بأسلوبه الطريف المميز المعتاد.
وقال “هذا ليس بعيدًا حقًا عما كنت أفعله، فأنا طبيب في نهاية الأمر”.
وتابع “إنها طريقة للعودة إلى العالم العربي دون المخاطر المعتادة التي نعرفها جميعًا (…). أنا أستخدم منصتي وأستخدم شهرتي لإحداث تأثير إيجابي ومساعدة الناس على أن يكونوا أفضل”.
وعن عمله في الولايات المتحدة، قال “في أميركا، يدور عرضي عني كمهاجر… يعيش في هذه الأوقات الغريبة، لأن الأميركي القادم (للمشاهدة) لا يهتم بالحديث عن السيسي أو مرسي”.
لكن رغم كل شيء، لا ينفي يوسف الحنين الى الوطن.
وقال لفرانس برس “لا يمكنك فعلاً أن تنتهي من وطنك لأنك ما زلت مصريًا.. إنه جزء منك. لكنني انتهيت من محاولتي خوض معركة غير مجدية يدفعك الجميع إليها”، في إشارة الى النظرة إليه غالبا كناشط سياسي.
وقال الكوميدي الذي لديه أكثر من 15 مليون متابع على حساباته على منصات التواصل الاجتماعي، “أقول دائمًا إن دور الفنان الساخر أو الممثل أو الممثل الكوميدي يقف عند الشاشة”.