بقلم: الدكتور أحمد رفيق عوض
من حقنا كمواطنين ان نطلب نجاح لقاء القاهرة المزمع عقده قريباً بين الفصيلين، الكبيرين، وبعيداً عن الجدل حول أهمية الانتخابات أو دورها أو جدواها أمام احتلال غير مسبوق، فإن معظم الفلسطينيين يرون ان الانتخابات خيار مقبول للخروج من الأزمة، أو لحلحلة الأوضاع أو لإرسال رسالة الى العالم أو للاشتراطات الاقليمية والدولية، أو لأن الأطراف ذات العلاقة تريد النجاة برأسها ومستقبلها. وما دام معظم الفلسطينيين يعتقدون ان الانتخابات ستحسن الصورة وترفع الضغط وتخفف من الحصار وتعيد الحسابات من جديد، فإن النقاش حول جدوى الانتخابات ودورها يصبح غير ذي أهمية في اللحظة الحالية على الأقل.
ولهذا، من حقنا كمواطنين أن نطلب من ممثلينا السياسيين أن ينجحوا هذه المرة في اجراء الانتخابات حتى يتعلم الجميع التواضع، ومن حقنا أن نطلب منهم ان يقدموا رسالة للإقليم كله في الخروج من جدل الهوية والنظام.
من حقنا ان نقول للمجتمعين في القاهرة إنه من الممكن أن نقدم لإخواننا العرب نموذجاً للاتفاق والوفاق من خلال التسويات التي قد تكون مؤلمة لهذا الفصيل او ذاك ولكنها ستكون برداً وسلاماً على الوطن والشعب.
من حقنا كمواطنين ان نطلب من ممثلينا السياسيين أن لا نتحول الى ورقة ضغط، أو بوابة قبول، أو ملف على الطاولة. ومن حقنا ان نطلب من المتحاورين في القاهرة أن لا يتحول الاتفاق الى محاصصة مانوية يتم فيها إقصاء المختلف أو الناقد أو حتى المحب.
ومن حقنا على المتحاورين أن لا يجعلوا من الانتخابات وسيلة أو سبباً آخر للاختلاف أو حتى الانفصال، فالذين يتربصون بنا كثر، والخطط جاهزة، والبدلاء جاهزون والطرق معدة ومعبدة لتحويل الفلسطينيين الى قطع من فسيفساء معتمة بدون تواصل أو بدون تعريف.
من حقنا كمواطنين ان نقول للمتحاورين في القاهرة انكم في نهاية المطاف متشابهون في الاهداف القريبة والبعيدة، وان الفروق بينكم فروق كمية وليست نوعية، من حقنا أن نقول للمتحاورين ان الانتخابات في بلادنا هي انتخابات مجزأة، وانها تجري تحت الاحتلال، وانها طريقة أخرى من طرق المقاومة الشعبية التي تقربنا من فكرة الدولة وإدارتها، هذا يعني ان هذه الانتخابات ليست للمغنم أو تسجيل النقاط أو المماحكة أو حتى المجد، بقدر كونها رسالة أخلاقية ونضالية وسياسية للمحتل ومن يدعمه ان الفلسطينيين قادرون وناضجون ومؤهلون للمشاركة في الجهد الانساني والدولي لصنع السلام مع أنفسهم ومع غيرهم.
ولهذا، من حقنا كمواطنين أن لا نشعر أن ما سيجري في القاهرة مجرد مناورة أو كسب وقت أو لعب بالأوراق أو سبب للخلاف وتفجير الأوضاع.
من حقنا كمواطنين أن تصلنا رسالة انسجام واتفاق بين من يمثلنا سياسياً وفكرياً تقول إن الأمور ستجري بخير، وإن مستقبلنا بخير وإن وطننا بخير.
من حقنا كمواطنين أن نقول بعالي الصوت لكل المتحاورين بلا استثناء، أنتم تمثلون معظم الفلسطينيين، ومستقبلهم بين أيديكم، وأنتم تصنعون تاريخاً لهم ولكم.
من حقنا عليكم أن نقول لكم: إذا كان قد شهدتم انكسار التاريخ، فأنتم اليوم لديكم الفرصة لإصلاحه وتصحيحه.
*رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية- جامعة القدس