بقلم: نبيل عمرو
أدى العاهل الاردني عبد الله الثاني دورا مميزا ودؤوباً، في محاولات اقناع الادارة الامريكية وباقي المؤسسات المؤثرة في صناعة قرارات الدولة العظمى بإدامة الملف الفلسطيني الاسرائيلي ضمن اولويات السياسة الامريكية.
لم يكن جهد الملك يسير على طريق ممهدة، ولقد جاء وقت هو الاسوأ في تاريخ العلاقة الاردنية الامريكية وأعني به وقت اعصار ترمب وممالئة نتنياهو واستثماره الفظ له.
في تلك الحقبة التي يؤمل ان تكون قد ذهبت الى غير رجعة، صمد الاردن على موقفه الحازم برفض صفقة القرن وصمد بصلابة أشد على موقفه القابض على الجمر في تبني حقوق الشعب الفلسطيني كما قررها الفلسطينيون والعرب والعالم وعنوانها المتداول حل الدولتين.
بعد الجمود طويل الامد الذي فرض نفسه على العملية السياسية التفاوضية بدأت تداعيات هذا الجمود بالظهور على نحو يهدد الحدود الدنيا من استقرار المنطقة ويفتح ابوابا على حروب مباشرة وبالواسطة .
اذا ما اعتبرنا الساحة الفلسطينية الاسرائيلية جبهة بحد ذاتها فها هي بفعل الجمود وانسداد الافاق تنتج حروبا واضطرابات وتعد بالمزيد منها ما دام الاسرائيليون يتمتعون بحرية حركة خالية من اي ممانعة امريكية ولا حتى من اعتراض مجامل للحلفاء.
ابواب البيت الابيض وباقي المؤسسات الامريكية مفتوحة على الدوام امام الملك عبد الله الثاني، ليس فقط لكون الاردن دولة محورية معتدلة في اسخن واخطر ساحة على وجه الارض وانما لأن ملك الاردن مثل والده الراحل حسين يتمتع بايقاع ايجابي لدى جميع المؤسسسات المؤثرة في الدولة العظمى، وتتوفر فيه مقومات الناصح الموضوعي الذي يجد من يسمعه، وهذا ما ازعج نتنياهو في السابق ولا يعرف حتى الان كيف ستتعامل الحكومة الاسرائيلية الجديدة مع دوره وجهده، ذلك دون اغفال مغزى تجديد فتح القنوات بين الحكومة الاسرائيلية الجديدة والقيادة الاردنية .
الملك لا يذهب الى واشنطن خالي الوفاض بل يحمل ما يمكن اعتباره تفويضا فلسطينيا وحتى عربيا في ما يخص الملف الفلسطيني الاسرائيلي، ذلك بفعل الاندماج الموضوعي في الموقف والهدف والذي تبلور من خلال مشاورات تفصيلية املتها الاحتياجات المشتركة والمتداخلة للمصالح في كل مجالاتها ومستوياتها.
والملك يذهب الى واشنطن ووراءه مستجدات يجدر استخدامها في محاولته تعديل الاولويات الامريكية قدر الامكان ، منها مثلا وجود حكومة اسرائيلية ان كان عنوانها المستوطن بينيت، وهذا ما يستوجب الحذر منها ، الا انها تضم مكونات تمتلك اجتهادات وتوجهات سلمية كانت ممنوعة من التداول زمن هيمنة نتنياهو على السلطة والقرار، صحيح ان حكومة من هذا النوع لا تجسد ارضا صلبة كونها جائت بصوت واحد وذات الصوت يملك الاطاحة بها ، الا ان امكانية الاستثمار الامريكي لها ينبغي ان تظل واردة ، بينما الجولة الحربية القادمة مع غزة واقفة خلف الباب دون تجاهل مؤثراتها المباشرة على الضفة وقدرتها على الاشعال .
والملك يذهب الى واشنطن وبلاده المحورية والهامة المتصلة بمعظم احداث المنطقة كونها على تماس مع ساحاتها، بحاجة الى عناية امريكية اكثر بكثير مما هي عليه الان، وما اقصده ان تكون العناية بحجم المكانة وما تتطلبه قدرات التأثير والامر هنا ليس ماليا على ضرورة ذلك بل سياسيا واستراتيجيا، وهنا تظهر اهمية تفهم قيام الاردن بتنظيم علاقات عملية مع محيطه الملتهب ولدى النظام في الاردن تجربة وفرت له كفاءة في التعامل مع التعقيدات بما في ذلك قدرته على مواصلة دوره في الحرب التي لم تضع اوزارها بعد على الارهاب.
على الرئيس بايدن ان يصغي جيدا للملك عبد الله، واذا كان هنالك ما يحول دون ذلك لأي سبب من الاسباب فلم يعد مستبعدا ان تكون جهود الملك بمثابة فرصة أخيرة.