هل تنجح الجزائر في تحقيق مصالحة فلسطينية غائبة منذ 15 عامًا؟!

8 ديسمبر 2021آخر تحديث :
هل تنجح الجزائر في تحقيق مصالحة فلسطينية غائبة منذ 15 عامًا؟!

أثار إعلان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اعتزام بلاده استضافة مؤتمر “جامع” لكافة الفصائل الفلسطينية في بلاده، ردود فعل إيجابية لدى مختلف قادة الفصائل الذين رحبوا بالخطوة التي يؤمل منها أن تقرب وجهات النظر على الأقل لإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة التي غاب إمكانية تحقيقها منذ 15 عامًا.

وعلى الرغم من أن الرئيس الجزائري أشار إلى أنه تقرر استضافة الحوار بعد مباحثات مع الرئيس محمود عباس خلال زيارة الأخير للبلاد، الا انه لم يحدد موعدًا لعقد المؤتمر، في حين أن الترحيب من الفصائل بالمبادرة الجزائرية، قد يضفي عليها أجواء إيجابية في حال انعقادها، إلا أن الشكوك حول وجود نوايا حقيقية بإمكانية حدوث تقارب متوقع من قبل الفرقاء، تسيطر على الموقف.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي ناجي شراب، أنه بالرغم من أهمية المكان (الجزائر)، ومواقفها الوطنية ورمزيتها التاريخية بالنسبة للقضية الفلسطينية على مدار سنوات طويلة، إلا أن اللقاء المرتقب لن يكون حاسمًا أو فاصلًا لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين وخاصة (فتح وحماس) لإتمام المصالحة.

وأشار شراب في حديث لـ “القدس”، إلى الاجتماعات الكثيرة التي عقدت في القاهرة ومكة والدوحة واسطنبول سابقًا، والجهود الكبيرة من مصر لمحاولة التوصل لأي تفاهمات، إلا أن كل تلك الجهود لم تنجح، لعدم وجود جدية وإرادة حقيقية من الأطراف لإنهاء هذا الانقسام، مشيرًا إلى أن الأطراف المعنية ليست بحاجة لحوارات واتفاقيات جديدة بقدر ما هي بحاجة إلى قرار قد يكون من الصعب اتخاذه في ظل الفجوات الواضحة في البرامج السياسية ل”فتح” و”حماس”.

وردًا على سؤال حول ضرورة الحاجة لإنهاء الانقسام في المرحلة الحالية التي تمر بها القضية الفلسطينية بوضع سياسي معقد، قال شراب، إن إنهاء الانقسام وإتمام المصالحة في هذه المرحلة خطوة مهمة جدًا في ظل الجهود التي تبذل من أطراف مختلفة للتخلص من القضية الوطنية، ووجود حكومة إسرائيلية يمينية متشددة تعمل على تقليص الصراع وليس حله، ووجود إدارة أميركية ضعيفة.

وأضاف”في حال لم ينته الانقسام في هذه المرحلة، فسوف نذهب إلى حالة سياسية تفضي إلى انفصال كامل ما بين قطاع غزة والضفة الغربية”.

وحذر شراب من عدم إنجاز المصالحة في ظل حياة الرئيس محمود عباس، مشيرًا إلى أن المرحلة التي ما بعده ستدخل القضية الفلسطينية في حالة من الغموض وسيناريوهات متعددة ولا يمكن لأحد أن يعلم ما ستؤول إليه التطورات، ولذلك من المهم إنهاء الانقسام بعد أكثر من 15 عامًا.

من جهته قال المحلل السياسي مصطفى إبراهيم، إن الدعوة الجزائرية على أهميتها إلا أنها لا تعني وجود مبادرة في ظل استمرار الخلاقات بين طرفي الانقسام، وعدم توصلهما لقواسم مشتركة للاتفاق على إنهائه.

وأشار إلى أن الدعوة مهمة جدًا لما تمثله الجزائر بنظر الفلسطينيين من علاقة تاريخية، ودعمها الشامل للقضية الوطنية، مشيرًا إلى أن الشعب الفلسطيني ينظر من الآن إلى اللقاء المرتقب أن تنجح القيادة الجزائرية في تقريب وجهات النظر التي يمكن البناء عليها.

وأكد إبراهيم على ضرورة أن تكون هناك نوايا سياسية وإرادة حقيقية لدى الفرقاء وليس مجرد لقاء للتباحث في الوضع الفلسطيني الداخلي كما جرى سابقًا في عدة عواصم، مشيرًا إلى أن الفجوات كبيرة بين “فتح” و”حماس”، ما جعلها تؤثر فعليًا على واقع القضية.

وقال “موضوع إنهاء الانقسام أعمق وأكبر من أن يحل من خلال ندوة ودعوة جزائرية، خاصة وأن المواقف بين الطرفين “فتح وحماس” لا زالت بعيدة، ولا زالت هناك تصريحات تطلق من قيادات الجانبين يحمل كل طرف الآخر المسؤولية عن الوضع، وهناك اشتراطات من الرئيس محمود عباس فيما يتعلق بتشكيل حكومة وحدة وطنية وضرورة اعتراف “حماس” بشروط الرباعية الدولية”.

وأضاف “المسافة لا زالت بعيدة بين طرفي الانقسام، إلا إذا كانت هناك معجزة واستطاعت الجزائر التوفيق بين الطرفين، لكن الظروف الموضوعية والدولية والاقليمية ليست جاهزة لأن يعقد الفلسطينيون اتفاق مصالحة”.

وأكد إبراهيم، على أن الوضع الفلسطيني صعب جدًا وبحاجة ماسة لإنهاء الانقسام في ظل الأوضاع السياسية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون، مشيرًا إلى مواصلة الاحتلال لجرائمه وتعزيز نظام الفصل العنصري من خلال بناء المستوطنات ومكونات النظام الإسرائيلي بما فيها الأطراف اليسارية الذين يدعمون حكومة بينيت التي تؤكد عدم وجود أي أفق سياسي، وعدم استعدادها للقاء الرئيس عباس وإجراء مفاوضات”.

وقال إبراهيم “الوضع الفلسطيني بحاجة ماسة لإنهاء الانقسام لمواجهة الاحتلال والسياسات الاستعمارية الاستيطانية التي تقوم بها دولة الاحتلال، واعتقد أن هذا بحاجة لأن يكون للفلسطينيين إرادة، وأن يكون إحساس بالمخاطر الجسيمة التي تمس بالقضية الفلسطينية”.

وأشار إلى أن حكومة الاحتلال تعمل على تعزيز الانقسام من خلال اتخاذها لخطوات تعزز من خلالها عدم جدية الفرقاء في إتمام المصالحة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن الإدارة الأميركية الحالية تشجع فقط على تقديم تسهيلات اقتصادية لإنقاذ السلطة من أزماتها الخانقة لخدمة المصالح الأمنية الإسرائيلية على حساب المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، وبما يخدم استمرار الانقسام.