يصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الإمارات الإثنين في أول زيارة له للبلد الخليجي منذ نحو تسع سنوات، بعد عودة الدفء للعلاقات بين القوتين الإقليميتين اللتين وقفتا على النقيض في العديد من ملفات المنطقة.
وتأتي زيارة أردوغان التي تستمر يومين وهي الأولى له منذ شباط/فبراير 2013 حين كان رئيسا للوزراء، بينما تشهد تركيا مصاعب اقتصادية كبرى وتبحث عن استثمارات أجنبية جديدة، وفيما تواجه الإمارات خطرا أمنيا متزايدا من قبل المتمردين اليمنيين.
وشهدت العلاقات بين البلدين توترا بعد المقاطعة التي فرضتها السعودية ودول أخرى بينها الإمارات على قطر، أقرب حلفاء أنقرة، واستمرت من منتصف 2017 حتى أوائل العام الماضي.
كما دعمت الإمارات وتركيا أطرافا متنازعين في الحرب في ليبيا، واختلفتا في شأن مسألة التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط. وقدّمت تركيا الدعم كذلك لأعضاء في جماعات إسلامية بينها “الإخوان المسلمين” المصنّفة تنظيما “إرهابيا” في الإمارات والخليج.
لكن العلاقات عادت للتحسن مع زيارة قام بها ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، هي الأولى لمسؤول إماراتي بهذا المستوى منذ 2012.
وكتب أردوغان في مقال نشرته صحيفة “خليج تايمز” الإماراتية قبيل وصوله أن “تركيا والإمارات يمكن أن يسهما معًا في السلام والاستقرار والازدهار الإقليمي”، مضيفا “سيكون لهذا التعاون انعكاسات إيجابية ليس فقط في العلاقات الثنائية ولكن أيضًا على المستوى الإقليمي”.
وتجري الزيارة بينما تعمل الإمارات الطامحة للعب دور دبلوماسي كبير، على إصلاح علاقاتها مع جاراتها وخصوصا قطر وإيران.
كما تواجه الإمارات تهديد المتمردين الحوثيين في اليمن الذين شنّوا هجمات صاروخية وطائرات مسيرة غير مسبوقة ضدها، ما دفع بأبو ظبي إلى زيادة تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة وفرنسا لمواجهة هذا التهديد.
وقال أردوغان “نحن لا نفصل بين أمن واستقرار دولة الإمارات وإخواننا الآخرين في منطقة الخليج، وأمن واستقرار بلدنا. نحن نؤمن بشدة بأهمية تعميق تعاوننا في هذا السياق في المستقبل”.
ومن المقرر أن تستقبل الإمارات ضيفها بحفاوة عبر عرض مرئي على واجهة برج خليفة، أطول مباني العالم، وإضاءة أهم المعالم والمؤسسات والمباني الإماراتية بألوان العلمين الإماراتي والتركي.
وكتب المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي أنور قرقاش على تويتر عشية وصول أردوغان، أن الزيارة “تفتح صفحة إيجابية جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين”.
وخلال زيارة ولي عهد أبو ظبي لتركيا، جرى تأسيس صندوق بقيمة عشرة مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا، وذلك غداة تسجيل الليرة التركية انخفاضا كبيرا أمام الدولار.
ويرغب أردوغان في جذب استثمارات جديدة لبلاده التي تعاني من مستوى تضخم قياسي هو الأعلى منذ 2002. ومن المرجح أن يزور السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد عربي، هذا الشهر للمرة الأولى منذ جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في 2018.
وبلغت قيمة التجارة بين تركيا والإمارات في النصف الأول من 2021 أكثر من سبعة مليارات دولار، بنمو بلغ 100 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020، بحسب إحصائيات إماراتية رسمية.
وتأتي تركيا في المرتبة الـ11 بين أكبر الشركاء التجاريين للإمارات، فيما تمثّل الدولة الخليجية الثرية الشريك التجاري الثاني عشر لتركيا عالميا والشريك التجاري الأكبر لتركيا على مستوى منطقة الخليج.
وثمة ما يقارب 400 شركة في تركيا مؤسسة برأس مال إماراتي، ويعتبر قطاع العقارات على رأس قائمة الاستثمارات الإماراتية في هذا البلد، إلى جانب استثمارات كبيرة في قطاع المصارف، وتشغيل الموانئ والقطاع السياحي.
ومن المفترض أن يجري أردوغان محادثات مع المسؤولين الإماراتيين الإثنين قبل أن يزور جناح تركيا في معرض إكسبو دبي الثلاثاء.
وقال في مقاله إنه بالإضافة إلى الطاقة والصحة والزراعة والخدمات اللوجستية والبنية التحتية والتمويل والسياحة، “نهدف إلى تعزيز التعاون بين تركيا والإمارات بشأن تغير المناخ والأمن المائي والغذائي أيضًا”.
وتابع “أعتقد أن كلا الجانبين حريص على تحديد أهداف جديدة لمزيد من الاستثمار والتعاون”.
وبحسب وسائل إعلام تركية، سيجري التوقيع خلال الزيارة على 12 اتفاقية في عدة مجالات بينها الإعلام والاتصالات، والصناعة الدفاعية، والشحن البري والبحري، والزراعة، والتكنولوجيا والصحة وغيرها.