تواصلت عمليات التهجير التي شكلت ركناً أساسياً في حرب الإبادة في قطاع غزة، وألقت قوات الاحتلال أمس منشورات تطالب سكان مدينة غزة بمغادرتها وتنذرهم بمزيد وبمستويات أشد من القتل والتجويع والتدمير، ما دفع أعداداً كبيرة من المواطنين للنزوح مجدداً، في ظل عمليات قصف عنيفة لم تتوقف وتسببت بعشرات الشهداء والجرحى، فيما تواصلت الاخبار المتواترة بشأن تداعيات المجاعة التي تضرب أنحاء القطاع بسبب إغلاق الاحتلال المعابر ومنعه إدخال المساعدات، ما فاقم معاناة الآلاف وخاصة الأطفال من ضحايا المجاعة التي بلغت فصولا مأساوية.
وألقت طائرات الاحتلال، أمس منشورات تطالب سكان مدينة غزة بالنزوح إلى دير البلح والزوايدة وسط قطاع غزة، وتحدد مسارات يزعم جيش الاحتلال أنها “ممرات آمنة” للنزوح.
وشهدت المدينة ثاني أكبر موجة نزوح وفقا لبعض المصادر.
ولم تكن مطالبة الاحتلال أهالي غزة أمراً جديداً، حيث سبق ووجه دعوات ونفذ عمليات تهجير تحت القصف للمواطنين من عشرات المواقع في قطاع غزة، ليعاود مجدداً تهجيرهم في حركة نزوح لم تتوقف منذ تسعة أشهر، وتخللتها مجازر استهدفت النازحين أثناء عبورهم ما حددها لهم الجيش الإسرائيلي كممرات أو مناطق “آمنة”.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن تعليمات إسرائيل لسكان مدينة غزة بالمغادرة ستفاقم المعاناة الجماعية.
وأكد دوجاريك في تصريحات صحفية، على ضرورة حماية المدنيين في غزة، سواء اضطروا للفرار أو بقوا في منازلهم، وفق قوله.
وقالت وزارة الداخلية في قطاع غزة “إن منشورات الاحتلال التي تطالب المواطنين بالنزوح للجنوب تأتي في إطار الضغط والإرهاب النفسي الذي يمارسه تجاههم”.
ودعت سكان مدينة غزة إلى عدم “الاستجابة لوسائل الضغط والإرهاب النفسي الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي عليهم ومطالبتهم بترك منازلهم والتوجه جنوبا”.
وشددت الوزارة، على أن “ما يدعيه الاحتلال من وجود ممرات آمنة للمواطنين، إنما هي ممرات للموت ولقتلهم على قارعة الطريق كما حدث على مدى الشهور السابقة”
وأضافت أن “جيش الاحتلال يحاول نشر بعض الصور لمرور نازحين بهدف خداع المواطنين واستدراجهم”، مؤكدة “أنه لا وجود لأي مكان آمن في محافظات القطاع كافة من شماله إلى جنوبه”.
وجاء فصل التهجير الجديد لأهالي غزة، بعد أن اجتاح جيش الاحتلال مجدداً العديد من أحياء المدينة وما واجهه هناك من مقاومة شرسة أوقعت العشرات من عناصره بين قتل وجريح.
وارتكب الاحتلال مجازر في مدينة غزة ونفذ عمليات تدمير واسعة خلال الايام الماضية.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني، إن طواقمه تتلقى عشرات نداءات الاستغاثة الإنسانية من مدينة غزة، دون أن تتمكن طواقمه الإسعافية من الوصول إليها بسبب خطورة المناطق المستهدفة وكثافة القصف فيها.
وأوضح في بيان أن، أوضاع السكان في مدينة غزة مأساوية للغاية، حيث تواصل قوات الاحتلال استهداف المربعات السكنية وتعمل على تهجير المواطنين من أماكن سكناهم ومن مراكز الإيواء.
وكان الهلال الأحمر أعلن أمس الاول، أن جميع النقاط الطبية والعيادات الطارئة التابعة له في محافظة غزة خرجت عن الخدمة بسبب إجراءات الاحتلال بالإخلاء القسري عن مناطق مختلفة في المحافظة، التي توجد بها النقاط الطبية والعيادات.
ونفذت قوات الاحتلال أمس عمليات تدمير ونسف واسعة للمنازل في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، ونبشت مقابر وجرّفتها قبل انسحابها من تلك المنطقة.
كما ونسفت قوات الاحتلال مباني سكنية في منطقة المغراقة شمال مخيم النصيرات وسط القطاع، بعد عمليات قصف بالمدفعية.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل، إن التقديرات الأولية تشير إلى وجود أكثر من 30 شهيدًا في الشارع الممتد من مفترق الطيران إلى منطقة الصناعة غرب مدينة غزة، إلى جانب عدد من الجرحى في أزقة الشوارع “ينزفون حتى اللحظة”.
وأشار إلى أن عشرات المناشدات وصلت من المواطنين في منطقة تل الهوى والصناعة والطيران للإبلاغ عن وجود شهداء في الشوارع.
وقالت وزارة الصحة في غزة ظهر أمس، إن قوات الاحتلال ارتكبت 4 مجازر في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 52 شهيدا و 208 جرحى خلال 24 ساعة.
وأشارت الوزارة إلى أن حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع ارتفعت إلى 38 ألفا و295 شهيداً و 88 ألفاً و 241 مصابا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
واستشهد 4 أطفال في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في مخيم النصيرات، فيما توفي 3 نازحين إثر حريق اندلع داخل خيمة في بلدة عبسان شرقي خان يونس.
وواصل جيش الاحتلال استهداف مراكز الايواء وقصف مدرسة في خان يونس ما أوقع عشرات الضحايا.
وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل تعليقا على ذلك، إنه يدين أي انتهاك للقانون الدولي، مطالبا بوجوب محاسبة المسؤولين.
وأضاف بوريل “يجب التوصل إلى وقف لإطلاق النار فوراً لراحة مئات المدنيين وتحرير جميع الرهائن وتقديم المساعدات الإنسانية”.
وأشار المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى أن “الاحتلال يواصل لليوم الـ65 جريمته بمنع إدخال المساعدات والمواد الطبية” مطالبا المجتمع الدولي بوضع حد لسياسة التجويع وتعميق المجاعة في قطاع غزة، مشيرا إلى أن “تصعيد سياسة التجويع في قطاع غزة سيكون له أثر كارثي على المنطقة برمتها”.
وأدى منع إدخال المساعدات الى تفاقم المجاعة ووفاة عشرات المواطنين- سيما من الاطفال- فيما يواجه الآلاف الموت جوعا.
الإندونيسي ومجمع ناصر على حافة الانهيار
وقالت منظمة “أطباء بلا حدود” في بيان بأن نقص الإمدادات وتدفقات المرضى يدفعان بمجمع ناصر بخان يونس لحافة الانهيار
وكان تم إغلاق مستشفى غزة الأوروبي عقب أوامر الإخلاء الإسرائيلية، ما تسبب في اكتظاظ مستشفى ناصر بالإصابات الجماعية والجرحى، في ظل نقص حاد في الإمدادات الطبية يواجهه مستشفى ناصر ما يهدد بتوقف الرعاية الصحية الأساسية.
وحذر مدير المستشفى الإندونيسي من خروج المستشفى عن الخدمة بسبب نقص الوقود وقال “ساعات قليلة ويتوقف المستشفى عن العمل بسبب نقص الوقود” وفقا لما نقلته قناة “الجزيرة”.
وأضاف “نحذر من أن حياة المرضى أصبحت في خطر، ونطالب المنظمات الدولية بالتدخل لمنع كارثة”.
ويفاقم خروج المستشفيات عن الخدمة، وانهيار الخدمات الصحية من معاناة المرضى والجرحى وأوساط واسعة من المواطنين، سيما النساء الحوامل والاطفال الجدد نظرا لعدم توفر اي خدمات او رعاية لهاتين الفئتين أيضا، فضلا عن عدم توفر أي مقومات حياة ورعاية صحية للمواليد الجدد.
وقال الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان، إن أعداداً كبيرة من الاطفال في مستشفى كمال عدوان يعانون من سوء التغذية، وان 26 مواطنا استشهدوا جراء سوء التغذية في شمال القطاع خلال الاشهر الماضية، بينهم 6 أطفال.
وأشار إلى أن 400 طفل يعانون من اعراض سوء التغذية بسبب منع ادخال المواد الغذائية، وان تدهورا كبيراً سجل في صحة المواليد الجدد في ظل غياب المدعمات والمواد الضرورية لانقاذ الحياة.
وميدانيا، اعترف جيش الاحتلال بمقتل أحد جنوده (من وحدة ماجلان) خلال معارك في وسط قطاع غزة، فيما أكدت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إصابة جنديين إسرائيليين من لواء ألكسندروني بجروح خطيرة بانفجار عبوة ناسفة خلال معارك في حي الصبرة بمدينة غزة.
وأعلنت كتائب “القسام” استهداف 3 دبابات إسرائيلية بعبوتي شواظ وقذيفة “الياسين 105” في حي تل الهوى جنوب غرب مدينة غزة.
وأشارت إلى أن مقاتليها “تمكنوا من تفجير عبوة ناسفة مضادة للأفراد في قوة هندسية راجلة، وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح بالقرب من مسجد أبو بكر الصديق في حي البرازيل شرق مدينة رفح جنوب القطاع”.
كما وأعلنت “القسام تمكن مقاتليها من قنص جندي في منطقة الصناعة بحي تل الهوى.
من جانبها قالت قالت كتائب شهداء الأقصى، إنها قصفت بقذائف الهاون حشود قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم يبنا جنوبي مدينة رفح.
وقالت “سرايا القدس”، إنها فجرت 3 آليات عسكرية إسرائيلية بعبوات أرضية مزروعة مسبقا في حي تل الهوى بمدينة غزة، وقصفت قوات الاحتلال المتوغلة في حي تل الهوى غرب مدينة غزة بقذائف الهاون، وحققت إصابات مباشرة في صفوف الاحتلال.