من أمريكا اللاتينية إلى الفاتيكان: من هو البابا فرنسيس؟ وكيف غيّر مسار الكنيسة الكاثوليكية بإصلاحات جريئة؟

21 أبريل 2025آخر تحديث :
من أمريكا اللاتينية إلى الفاتيكان: من هو البابا فرنسيس؟ وكيف غيّر مسار الكنيسة الكاثوليكية بإصلاحات جريئة؟

أعلن الفاتيكان وفاة البابا فرنسيس يوم الاثنين الموافق 21 أبريل نيسان 2025، عن عمر يناهز 88 عاماً، في مقر إقامته في دار القديسة مارتا بالفاتيكان.

فمن هو البابا فرنسيس؟

شهدت حبرية البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، عدداً من القضايا غير المسبوقة خلال سعيه المتواصل من أجل إجراء إصلاحات داخل الكنيسة الكاثوليكية، والحفاظ في ذات الوقت على مكانته بين المؤمنين المحافظين.

كان البابا فرنسيس أول بابا يأتي من الأمريكتين أو من النصف الجنوبي للكرة الأرضية، في سابقة لم تتكرر منذ أن أُسدل الستار على عهد البابا غريغوريوس الثالث، ذو الأصول السورية، عام 741 ميلادياً.

كما كان أول بابا ينتمي إلى الرهبنة اليسوعية على كرسي القديس بطرس، رغم نظرة روما إلى أبناء هذه الرهبنة بعين الحذر والتوجس عبر العصور.

  • البابا فرنسيس
  • البابا فرنسيس مرتديا ملابس بيضاء، ويلوح بيده اليمنى

وفي سابقة لم تشهدها الكنيسة منذ نحو ستة قرون، تنحى البابا بنديكتوس السادس عشر، سلف البابا فرنسيس، عن حبريته طوعاً، بيد أن “حدائق الفاتيكان” ظلت ملتقى البابوين على مدار نحو 10 سنوات.

كان الكاردينال بيرغوليو، البابا فرنسيس فيما بعد، القادم من الأرجنتين، قد بلغ العقد السابع من عمره، حينما اعتلى الكرسي الرسولي في عام 2013، وسط توقعات العديد من الكاثوليك وقتها بأن الحبر الأعظم الجديد سيكون رجلاً أصغر سناً.

قدّم بيرغوليو نفسه على أنه مرشح توافقي، مستقطباً المحافظين بتمسكه بالآراء التقليدية في القضايا الجنسية من جهة، والإصلاحيين برؤيته المنفتحة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية من جهة أخرى.

كما عُلِّقَت عليه الآمال كي تُضفي خلفيته غير التقليدية روحاً جديدة على الفاتيكان، تبعث فيه الحيوية وتجدد رسالته المقدسة.

بيد أن رياح الإصلاح التي حملها البابا فرنسيس واجهت تيارات اتسمت بالمقاومة داخل أروقة الفاتيكان البيروقراطية، فيما احتفظ سلفه، الذي توفي في عام 2022، بشعبيته بين المحافظين.

البابا فرانسيس ملوّحاً لحشد من الجمهور

أظهر البابا فرنسيس، منذ أن تبوأ كرسي البابوية، إصراراً على انتهاج أسلوب مغاير، استهله باستقبال كرادلة الكنيسة بطريقة غير رسمية، واقفاً بين الحاضرين، متخلياً عن الجلوس على الكرسي البابوي.

وفي الثالث عشر من مارس/آذار عام 2013، ظهر البابا فرنسيس من الشرفة المطلّة على ساحة القديس بطرس، متشحاً باللون الأبيض في تواضع وبساطة، واختار اسماً جديداً هو فرنسيس، تيمناً بالقديس فرنسيس الأسيزي، الواعظ الشهير ومحب الحيوانات في القرن الثالث عشر الميلادي.

آثر البابا فرنسيس التواضع على الفخامة ومظاهر البذخ، متخلياً عن استخدام عربات الليموزين البابوية، وحرصه على مشاركة الكرادلة في رحلاتهم بالحافلة.

رسم البابا فرنسيس درباً أخلاقياً لرعيته من مؤمني الكنيسة الكاثوليكية، التي تضم نحو 1.2 مليار مؤمن، قائلاً: “آه، كم أودّ أن تكون الكنيسة فقيرة ومن أجل الفقراء”.

البابا فرانسيس والبابا بندكت السادس عشر

وُلِد خورخي ماريو بيرغوليو في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس في 17 ديسمبر/كانون الأول عام 1936، وكان الابن البكر بين خمسة أبناء، فر والداه من وطنهما إيطاليا هرباً من ويلات الفاشية.

كان بيرغوليو شغوفاً برقص التانغو، كما كان مشجعاً لنادي كرة القدم المحلي، سان لورينزو.

وكادت نوبة التهاب رئوي حادة أن تودي بحياته، لولا نجاته بأعجوبة في أعقاب جراحة لاستئصال جزء من رئته، الأمر الذي جعله عرضة لمخاطر العدوى طيلة حياته.

وفي سنوات شيخوخته، عانى من آلام مزمنة في ركبته اليمنى، واعتبر هذه الآلام “إماتة للجسد”.

خورخي ماريو بيرغوليو
التعليق على الصورة،خورخي ماريو بيرغوليو وهو طالب في المدرسة في بوينس آيرس في أربعينيات القرن الماضي

عمل بيرغوليو في شبابه كحارس ملهى ليلي وعامل نظافة، قبل أن يُكمل دراسته لاحقاً في مجال الكيمياء.

كما عمل في أحد المصانع المحلية مع إستير باليسترينو، التي كانت ناشطة مناهضة للحكم العسكري في الأرجنتين، وتعرضت للتعذيب، وظل مصير جثتها مجهولاً.

انضم بيرغوليو إلى الرهبنة اليسوعية، ودرس الفلسفة، ثم اتجه إلى تدريس الأدب وعلم النفس، وبعد عشر سنوات من سيامته في الكهنوت، ارتقى سريعاً في سلّم الرهبنة حتى تبوأ منصب الرئيس الإقليمي للرهبنة اليسوعية في الأرجنتين عام 1973.