سلاح نتنياهو السري

3 فبراير 2015آخر تحديث :
سلاح نتنياهو السري

في ثلاثينيات القرن الماضي، ثار جدل في أوساط الحزب الشيوعي الالماني تمهيدا لانتخابات الرايخساغ: ايهما افضل – حكومة يترأسها الإشتراكيون الديمقراطيون والليبراليون، او ربما حكومة بزعامة النازيين. بالطبع فإن المنطق السياسي الواقعي دعى إلى دعم الإشتراكيين الديمقراطيين، ولكن كان هناك ايضاً اصوات داخل المعسكر اليساري المتطرف ممن اعتقدوا غير ذلك. فإذا انتصر اليسار المعتدل، وفقا لرؤيتهم، سوف يستمر التعثر الالماني في المشاكل الاقتصادية والسياسية، ولكن اذا انتصرالنازيون، فالبطالة سوف تزداد، وسوف يتعمق المأزق الاقتصادي، وسيضاعف العالم من ضغوطه على ألمانيا، عندها ستخرج الجماهير إلى الشوارع وتحدث الثورة. أما الذي حدث بعد انتصار النازيين في انتخابات 1932 فمعروف للجميع.
معظم النخب البيروقراطية، والعسكرية والكنسية والاكاديمية في المانيا نظرت إلى جمهورية فايمار كنتاج غير شرعي. مقابل ذلك، فالديمقراطية في اسرائيل راسخة، على الرغم من مشاكلها. ومن الواضح بأن الليكود ليس شبيها بأي شكل كان بالحزب النازي. لكن بفعل المنطق الملتوي وجد قسم من الشيوعيين الالمان آنذاك لأنفسهم حليفاً مثقفا كهذا الذي في مقال جدعون ليفي («إلا هرتسوغ» هآرتس 1 شباط). فمنذ زمن لم نشاهد نوايا حسنة بهذا المقدار لمقال في غاية الخطورة ومفصول عن الواقع.
انا احترم آراء ليفي، واحيانا اتفق معه. لكن المنطق المشمول في مقاله يتميز بتفكير مروع، يمكن سماعه هنا وهناك في اروقة معسكر اليسار، أفكار حبلى بالمخاطر وتنطوي على افتراضات ليس لها اساس.
يعتقد ليفي بإنه اذا انتخبت حكومة مركز – يسار، فإن مواقفها في موضوع المناطق ستكون اكثر اعتدالا، وهي لهذا السبب سوف تحظى بقبول العالم – وعندها فإن الوضع الحالي سيستمر، وهذا سيِّء، مقابل ذلك إذا انتخبت حكومة يمين، سيزداد الضغط على اسرائيل، وعندها سيحدث فيها تغيير سياسي يؤدي إلى حل سياسي على اساس الدولتين لشعبين. ليس لهذه المعتقدات اي اساس تستند عليه.
حقاً، فإن حكومة بزعامة اسحاق هرتسوغ وتسيبي ليفني لن تؤدي إلى حل سريع للنزاع، لكنها سوف تزيد من احتمالات الحوارمع الفلسطينيين، بدلا من المجابهة الحالية التي تدفع حكومة بنيامين نتنياهو إلى تعميقها، الافتراض بان الضغط الخارجي سوف يجلب اسرائيل إلى حل ليس مقبولا على حكومتها هو خطأ كبير. فلم يحدث أن الضغط الخارجي جلب حلا سياسيا متفقا عليه لنزاع قومي أي كان. ليس في قبرص، وليس في كوسوفو، أو بوسنيا أو كشمير.
هل يعتقد ليفي انه من الممكن اخلاء ربع مليون مستوطن وتقسيم القدس فقط بسبب الضغط الدولي وليس من خلال الموافقة الصعبة والمؤلمة من قبل المجتمع الاسرائيلي؟ لست ادري ما هي الحكومة التي يتمناها ليفي – ربما برئاسة زهافا غال أون وبمشاركة راكاح، والتي هي الان جزء من القائمة العربية الموحدة – ولكن اذا اعتقد ليفي بأن حكومة كهذه ممكنة، فهو ببساطة غير واقعي. اذا اعتقد كما كتب، بأن المفاوضات مع الفلسطينيين يكفي لإكمالها خمسة أسابيع، فهذا يقترب من الهزل. نعم، في ندوة اكاديمية بوسعي انهاء المفاضات في ثلاثة اسابيع، لكن هذا ببساطة ليس جدياً.
كذلك: يعتقد ليفي بأنه إذا انتخب نتنياهو، فإن النتيجة الفورية هي الضغط على اسرائيل لإيجاد حل نريده نحن الاثنان: حل الدولتين لشعبين.فهذه قضية ضمير. حينها ربما سيحدث العكس، مقابل احتمالية الضغط الدولي، ربما سوف تجر إسرائيل للحروب والعمليات العنيفة. مما يؤدي إلى تدهور موقفها في العالم وتجلب الموت والخراب على الفلسطينيين وعليها على حدٍ سواء.
من ذا الذي سوف يثبت لليفي ولكل مواطني اسرائيل، بأن حكومة اسرائيلية تجد نفسها تحت ضغط دولي لن ترى سبيلا للخروج أفضل من تأجيج المواجهة مع إيران، ليس لدي الجرأة لقول ما هو أشد خطورة؟ لا توجد هناك ضرورة لشيطنة حكومة اليمين حتى نثبت، بأن تدهورالاوضاع إلى هذا الحد هو ممكنة الحدوث.
يعتقد ليفي، كما اعتقد الشيوعيون في المانيا آنذاك، بأنه كلما زاد السوء سيكون أفضل. هذا خطأ في فهم الواقع، والأكثر خطراً: هذا خطأ ضميري خطير. هذه مراهنة غير مسبوقة على مصير شعب اسرائيل ودولة اسرائيل. مع كل تقديري وصداقتي لليفي، اقترح عليه ان يعيد التفكير، فلعله تجاهل في حمى الجدل بان مصير دولة اسرائيل ليس موضوعا للبحث الاكاديمي في ندوة جامعية او للت والعجن. osu levitra comprar.