viagra in farmacia. يبدو أن قنلبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس التي انتظرها الجميع خلال خطابه في الأمم المتحدة مساء الأربعاء، كانت عقيمة وبلا جدوى حسب الرؤية “الإسرائيلية” التي حاولت تأويل واستغلال ما ورد فيها إعلاميا وسياسيا، واعتبار أن جل ما تحدث به ليس إلا استخداما لوسيلة نجدته الأخيرة في ظل سريان سياسية الأمر الواقع “الإسرائيلية” إجباريا.
ولم يكاد ينتهي عباس من خطابه في الأمم المتحدة الذي تابعته بدقة وسائل الإعلام “الإسرائيلية” الرئيسة، حتى انهالت الانتقادات عليه متهمتة إياه بالكذب والتحريض، والتهجم على الدولة الوديعة “إسرائيل”.
هجوم إسرائيلي مدروس:
وتتلخص أبرز ردود الأطياف السياسية “الإسرائيلية” فيما قاله مكتب نتنياهو بأن عباس “كاذب ويشجع التحريض”، فوزير السياحة “ياريف ليفين” أشار إلى أن “عباس اختار مسار الإرهاب الطويل”، أما زعيم المعارضة “اسحق هرتسوغ” فاعتبر أن خطاب عباس “لا يخدم سوى المتطرفين”، ومن جانبه وصف رئيس حزب ” إسرائيل بيتنا ” أفيغدور ليبرمان خطاب عباس بالفارغ والتهديدي، في حين قال وزير شرطة الإحتلال غلعاد أردان: “نسمع أكاذيب أبو مازن، ولا نصدق أن هذا هو الرجل الذي يُعرف بمواقفه المعتدلة” بينما دعا زئيف إلكين الليكودي عباس إلى التنحي عن رئاسة السلطة كأفضل الخيارات الحالية.
ودلالة على أهمية ما تحدث به عباس حول القدس وأن “إسرائيل” تحاول نقل الصراع من سياسي إلى ديني، فقد قال مكتب نتنياهو: “إن “إسرائيل” تحافظ على الوضع القائم والهدوء في المسجد الأقصى”، أما وزيرة العدل “أيليت شاكيد” فترى بأن، “المسجد الأقصى أصبح مستودعا لأعمال الشغب والإرهاب الفلسطيني”.
وفيما يتعلق بالردود العملية في يوم خطاب عباس والمتعلقة بالاستيطان فقد توجه وزير جيش الاحتلال موشيه يعالون إلى تلال الخليل الجنوبية وأوضح أنه لن يكون هناك تجميد للبناء في الضفة المحتلة، معلنا عن اعتزام “إسرائيل” وقف تجميد العمليات الاستيطانية في الضفة.
المتأمل في الردود “الإسرائيلية” على خطاب عباس يرى أنه لا وجود لأفق سياسي حالي بين الإسرائيليين والسلطة الفلسطينية، فحتى القيادة السياسية “الإسرائيلية” لا ترى في السلطة الفلسطينية شريكا حقيقيا لعملية سلام حقيقية، بل إن هناك نية إسرائيلية مبيتة للرد بعنف على خطاب عباس واعتباره مهينا “لإسرائيل”، والرد عليه بخطاب أقوى لنتنياهو سيحاول فيه تجريم الفلسطينيين ويستغل ما تحدث به عباس.
ويعبر كل ذلك عن التعصب الفكري والسياسي الإسرائيلي الذي ينكر كل الحقوق الفلسطينية ويشعر بلذة الهيمنة والتحكم بهم، بل إن الإستراتيجية “الإسرائيلية” تحاول الاستفادة من خطاب عباس في تصعيد الأجواء وتوترها لتسمح لنفسها في ظل هذه الفوضى بأن تتقدم وتسيطر على كامل القدس وفرصة توسعها الإستيطاني.
سلاح الإعلام
واستخدم الإعلام الإسرائيلي تقنيات التسطيح والتعميق في تغطية الخطاب والحجب والإبراز حيث أنه قدم معلومات بطريقة سطحية للجمهور لتوجيهه حسب أهدافه وفقا للصورة التي يود أن يعكسها عن الرئيس عباس والموقف الفلسطيني، فتم تصويره على أنه المتهجم على “إسرائيل”.
ويظهر ذلك جليا من خلال خروج المواقع العبرية بداية بعناوين رئيسة تتحدث عن المسجد الأقصى ومحاولات “إسرائيل” تقسيمه زمانيا حسب كلمة عباس، لكن سرعان ما تغيرت العناوين حيث أصبحت كلها بلا إستثناء ” الفلسطينيون لن يلتزموا بالاتفاقبات”، أو “عباس: غير مجبرون بالالتزام بالاتفاقيات مع اسرائيل”، وأن “عباس يطالب بحماية دولية لإقامة دولة فلسطين”، أو “عباس وصف إسرائيل بأنها دولة “أبارتهايد”.
و تجاهل الإعلام الإسرائيلي ما ذكره عباس من جرائم واعتداءات إسرائيلية حول قضية الأقصى وحرق عائلة دوابشة والإستيطان، وركز على قضية رفع العلم الفلسطيني في أروقة الأمم المتحدة. وفي ساعات مساء الأربعاء عاود الإعلام ترتيب أجندته ليركز على أن نتيناهو سيعدل من خطابه الذي كان معد مسبقا في الأمم المتحدة من أجل الرد على أقاويل عباس.
وطغى الطابع الإعلامي التحريضي على تغطية الإعلام الإسرائيلي في محاولة واضحة لدعم مواقف نتنياهو وحكومته، كما اعتمد الإعلام على نشر تسريبات مسبقة حول قنبلة عباس وما الذي سيتضمنه خطابه في الأمم المتحدة، لتقليل تأثيره وجديته ،الأمر الذي جعل خطابه عاديا ولم يأت بجديد.
واعتبرت القناة العاشرة بأن الحدث إعلامي بحت والهدف منه هو فقط احتلال العناوين الرئيسة للصحف المحلية والعالمية. ويبقى التساؤل المفتوح إن كان عباس فعلا قادرا على تنفيذ ما قاله في خطابه في الأمم المتحدة؟
الرؤية والسيناريوهات المتوقعة:
وتظهر الرؤية الإسرائيلية لكل ماتضمنه خطاب عباس في تحليل “تسفي يحزكالي” محلل القناة العاشرة الإسرائيلية حيث أوضح أن ما قام به عباس ينطوي تحت “خطوته الأخيرة قبل الإستقالة”، مضيفا أن عباس يستطيع القول ما يريده كعدم الإلتزام بالإتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، واستخدام الخطابات الرنانة، إلا أنه والفلسطينيون يعلمون من الذي يتحكم بالواقع في الضفة والقدس، في ظل التنسيق الأمني والسماح للسلطة بدخول مناطق سي بحرية، فهذه هي طريقه الوحيد لتحريك المجتمع الدولي لدعم دولة فلسطينية.
فالرؤية الإسرائيلية الحالية ترى أنه لا وجود لحل قريب بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فأهدافها أكبر من الوصول لعملية سلام في المرحلة الحالية، قبل الإجهاز على إحتلال كامل القدس، وإنهاك الإنسان الفلسطيني، وجز ما تبقى من أراضي الضفة بالعملية الإستيطانية، في ظل الصمت العربي والعالمي والذي في الغالب هو دعامة “لإسرائيل”، وفي ظل تولي اليمينين على السلطة في “إسرائيل”، حيث أن نتيناهو نفسه يتعارض مع الفكر اليساري الإسرائيلي الذي يؤمن بضرورة التسوية السلمية مع الفلسطينيين. وربما هذا يعبر عن السيناريو الأول بأنه لن يتغير شيء على أرض الواقع.
السيناريو الآخر وهو أن يتخذ عباس خطوات جريئة حقا مثل تقديم الإستقالة وحل السلطة، أو أن يحدث حدث كبير سواء فلسطيني بقيام انتفاضة ثالثة حقيقية، أو إقليمي يغير الواقع والخارطة السياسية الموجودة، وهذا ويحتاج إلى عدة سنوات في ظل حالة اليأس في الأراضي الفلسطينية، ما يعانية الشرق الأوسط والمنطقة العربية من تشرذم سياسي، وهنا لا يمكن توقع النتائج التي قد يجنيها كل.
أما السيناريو الأضعف وهو أن تستجيب “إسرائيل” لمطالب عباس في الأمم المتحدة وتسمح له بقيام دولة فلسطينية، وتلتزم بالإتفاقيات معها، وتعود إلى حدود عام 1967م. لكن لماذا على “إسرائيل” أن تستجيب وتتنازل لشيء كهذا؟ فالحقيقة تقول بأنه لا سلام بدون قوة، والسلطة الفلسطينية أصبحت قوتها فقط في خطابات الأمم المتحدة والعضوية في مؤسساتها، فلا يرى المراقبون بأن السلطة الفلسطينية لديها جديد لتقدمه، في ظل الغياب العربي والإسلامي، وواقعيا “إسرائيل” تستمر في هجمتها ضد الفلسطينيين والقدس، بل وتصرح بكل ثقة بعد خطاب عباس مباشرة بأنه يتوجب عليه دعوة نتنياهو للتفاوض المباشر ودون شروط مسبقة.