مكافحة كورونا في الشرق الأوسط بحاجة إلى دعم ومساعدة المجتمع الدولي

16 مارس 2020آخر تحديث :
مكافحة كورونا في الشرق الأوسط بحاجة إلى دعم ومساعدة المجتمع الدولي

في الـ 13 من آذار الجاري، تجاوز عدد حالات الإصابة بكورونا “كوفيد-19” في الشرق الأوسط 10 آلاف حالة، باستثناء سوريا وليبيا واليمن والسودان، الدول الأربع التي لم تبلغ عن حالات مؤكدة. ولم تكن الدول الأخرى في شمال إفريقيا بمنأى عن الفيروس الشديد.

تميز مسار تفشى فيروس كورونا الجديد في الشرق الأوسط بخصائص الانتشار السريع والواسع وارتفاع عدد الحالات. ومنذ 19 شباط، عندما أبلغت إيران عن أول حالة مؤكدة، بلغ العدد في المنطقة 10 آلاف في غضون 3 أسابيع فقط.

إن تفشى الفيروس في إيران خطير وسريع بشكل خاص، ووصل إلى 31 محافظة في جميع أنحاء البلاد. وقد بلغ عدد الحالات المؤكدة به 13938 يوم الأحد، وأصاب نائبا الرئيس ورئيس الوزراء وأعضاء بالحكومة.

ومع التفشى الشديد، قامت العديد من دول الشرق الأوسط بتشديد إجراءات الوقاية من الفيروس تدريجيا من أجل تطويق مصدر الفيروس ومنع المزيد من الإصابات. فقد أعلنت إيران عن إطلاق خطة تعبئة وطنية واستخدام الجيش للمساعدة في مكافحة الفيروس، وأعلنت المملكة العربية السعودية تعليق أنشطة الحج هذا العام وإغلاق الحركة البرية والجوية مع الدول المجاورة، وحظرت الإمارات ولبنان ودول أخرى التجمعات واسعة النطاق، وتم تعليق المدارس الوطنية، واتخذت الحكومة الكويتية إجراءات قاسية بما في ذلك تعليق الطيران التجاري وإغلاق المجمعات التجارية ومراكز الترفيه والتسلية والتسوق وتعليق المدارس في أنحاء البلاد.

وفي مواجهة الفيروس، تواجه دول الشرق الأوسط صعوبات وتحديات أكبر من الدول والمناطق الأخرى. فمن ناحية، تعاني بعض الدول من نظم طبية ضعيفة ونقص خطير في موارد الوقاية من الأوبئة بالإضافة إلى الوعي. ومن ناحية أخرى، باعتبارها “ساحة معركة رئيسية للألعاب الجيوسياسية الدولية”، لا تزال العديد من دول المنطقة تواجه حروبا طويلة الأمد، واضطرابا سياسيا، وتدهورا اقتصاديا، وصعوبات معيشية. وقد عززت العقوبات الاقتصادية من قبل بعض الدول الغربية على بعض دول المنطقة من صعوبة مكافحة الفيروس.

لنأخذ إيران كمثال، فبسبب العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضتها الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، يعاني البلد، الذي يتمتع بنظام طبي وصحي متقدم نوعا ما في المنطقة، من نقص في المواد الطبية والأدوية ونقص خطير في معدات الحماية. ووفقا للتقارير، أصيب أكثر من نصف الطاقم الطبي في مدينة قم الأشد تضررا بالفيروس. وأعرب رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني مؤخرا عن أسفه إزاء “العقوبات غير الإنسانية” الأمريكية، مشيرا إلى أن العقوبات المفروضة على المعدات الطبية والصيدلانية والطبية قد أثرت على جهود إيران من مكافحة الفيروس.

وفي دول مثل العراق ولبنان، تم حل الحكومة في العام الماضي بسبب الركود في التنمية الاقتصادية وضيق معيشة الشعب. وأعلن لبنان مؤخرا عدم قدرته على سداد ديونه الدولية، وأدى الوضع الاقتصادي المتدهور إلى إجهاد جهود الحكومة لمكافحة الفيروس.

ناهيك عن البلدان التي مزقتها الحروب مثل ليبيا وسوريا، والتي لا تزال تتعرض لنيران الحرب، وبلدان مثل اليمن والسودان التي عانت من ضربات مضاعفة بسبب الحرب والفقر. فالرقم “صفر” في جدول إحصاءات الحالات المؤكدة لا يعكس الوضع بشكل حقيقي، بل يسلط الضوء فقط على معضلة سيطرة الحكومة على الفيروس، وضعف الناس الذين يكافحون على خط الحياة والموت.

في مكافحة الفيروس في الشرق الأوسط، يجب على دول المنطقة أن تتخلى عن الأحكام المسبقة، و تتحد كوحدة واحدة، وأن تعمل معا. وبدأ التعاون بين فلسطين وإسرائيل في مواجهة تفشي الفيروس من خلال تبادل المعلومات. وفي هذا الوقت، يتعين على الدول الغربية أن تكسر القوالب النمطية، وترفع العقوبات والحصار المفروض على دول المنطقة.

والأهم من ذلك، يتعين على المجتمع الدولي أن يوفر الإمدادات الطبية والخبرة العلاجية للبلدان التي مزقتها الحرب والفقيرة مثل سوريا واليمن والسودان لمساعدة هذه البلدان على زيادة وعيها وقدرتها على مكافحة الفيروس وتجنب انتشاره في نطاق أوسع.

بعد تفشي الفيروس في الشرق الأوسط، أرسلت الحكومة الصينية فريقا طبيا ذا خبرة وافرة لمساعدة إيران والعراق في مكافحة الفيروس، وفي الوقت نفسه، قدمت مواد طبية ووقائية من الوباء لمصر ولبنان وسوريا ودول أخرى، وتبادلت الخبرات والتكنولوجيا الصينية، وعملت معا لمكافحة الفيروس. لقد أثبتت الصين نفسها كدولة كبيرة مسؤولة بإجراءات عملية، ومارست مفهوم بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية.

إن فيروس كورونا الجديد هو عدو مشترك للبشرية، ويشهد العالم تهديدا غير مسبوق بسببه. وفي هذه اللحظة الحرجة، يجب على المجتمع الدولي أن يتحد ويتعاون، ويساعد بعضه بعضا، لدعم ومساعدة دول الشرق الأوسط على مكافحة الفيروس.