حياة مشلولة في بيت لحم وحزن وحسرة ينتاب عمّال السياحة

29 سبتمبر 2020آخر تحديث :
حياة مشلولة في بيت لحم وحزن وحسرة ينتاب عمّال السياحة

تحول الفلسطيني جورج فرح، من بيت لحم إلى عاطل عن العمل إثر توقف الحركة السياحية في المدينة للشهر السادس على التوالي بسبب فيروس كورونا.

وعمل فرح (34 عامًا)، المتزوج والمعيل لأسرة مكونة من طفلين، على مدار 8 أعوام سائقًا سياحيًا في بيت لحم، التي أغلقت بالكامل منذ بدء ظهور المرض في آذار/ مارس الماضي ضمن الإجراءات الوقائية والاحترازية.

ولم يدخل المدينة منذ ذلك الوقت أي أفواج سياحية محلية أو خارجية، رغم استئناف العمل في معظم القطاعات في الأراضي الفلسطينية إلا أن مجال السياحة الذي يشكل أكثر من 80 في المائة من اقتصاد المدينة ما يزال مغلقًا.

وصادف يوم الأحد (27 أيلول/سبتمبر) من كل عام يوم السياحة العالمي، الذي تحتفل به منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.

ويقول فرح لوكالة أنباء “شينخوا” بينما تبدو عليه الحسرة لمعاناته من دون مصدر رزق، إن “بيت لحم كانت تعج بالسياح المحليين والعرب والأجانب بشكل يومي، لكنها الآن مصابة بشلل كامل جراء مرض كورونا”.

ويضيف الشاب الثلاثيني الذي يحيطه طفلاه، أن “عمله كسائق سياحي توقف عقب اكتشاف المرض في المدينة بالخامس من آذار/ مارس الماضي”، لافتًا إلى أن زملاءه في العمل تحولوا إلى سائقي أجرة داخل المدينة أو توجهوا إلى عمل جديد بعيدًا عن ذلك.

ويشير فرح، الذي لم يسبق له العمل في أي مهن حرفية، إلى أنه بحث عن عمل في قطاع البناء كونه الوحيد القائم في ظل الوضع الاقتصادي الصعب مع انتشار مرض فيروس كورونا.

ويوضح الشاب الحاصل على شهادة جامعية في مجال السياحة “ما عندي خلفية ومرجعية في البناء، ولكن أنظر كأنه الوحيد الذي يعوضني عن عملي السابق، الذي أعتاش منه قبل أزمة كورونا”.

ويعرب عن أمله في أن تركز الحكومة الفلسطينية جهودها في المرحلة المقبلة على قطاع السياحة في مدينة بيت لحم بشكل أقوى لاستعادة العمل من جديد كونها المعيل الأول لسكان المدينة.

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ينشط ما يزيد عن 33 ألف عامل فلسطيني في مجال السياحة في محافظات الضفة الغربية تتركز النسبة الأكبر منهم في بيت لحم.

ولم يكن الحال أفضل للشاب فارس سلسلع (23 عامًا)، الذي فقد عمله بإحدى الشركات السياحية التي تنشط في المدينة إثر إغلاق أبوابها بفعل أزمة مرض كورونا. ويقول سلسلع خريج كلية السياحة والفندقة إن إغلاق المدينة وتوقف حركة السياحة أثر بشكل كبير على العاملين بالمجال السياحي ماديًا ونفسيًا ومعنويًا.

وكان الشاب العشريني يعمل دليلًا سياحيًا منذ عامين لتعريف السياح الأجانب الزائرين للمدينة بتاريخها وأهم المعالم الأثرية فيها، بالإضافة إلى ما تتعرض له من ممارسات إسرائيلية.

ولجأ سلسلع منذ ثلاثة أشهر بعد أن فقد الأمل بعودة الحركة السياحية قريبًا إلى الالتحاق بالعمل مع والده داخل “منجرة” صغيرة من أجل تحسين وضعه الاقتصادي أملًا في تكوين أسرة مستقبلًا.

ويقول إن “عدم وجود سياحة داخلية وخارجية دفعني لاستغلال وقت الفراغ في شيء مفيد وتجربة عمل جديد للخروج من الحالة النفسية الصعبة التي نعيشها”.

وبحسب إحصائيات فلسطينية رسمية، زار أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون سائح الأراضي الفلسطينية العام الماضي غالبيتهم إلى بيت لحم، قبل أن يتم إغلاقها إثر أزمة مرض كورونا.

ويوجد في بيت لحم قرابة 70 فندقًا كانت تستقبل أكثر من عشرة آلاف سائح يوميًا، وتشغل حوالي 3 آلاف عامل، غالبيتهم تقريبًا فقدوا وظائفهم بسبب توقف السياحة المحلية والخارجية، بحسب جمعية أصحاب الفنادق في المدينة.

وفي مثل هذه الشهور من العام تصل نسبة إشغال الفنادق في بيت لحم إلى نحو 80 في المائة، بحسب ما أفاد رئيس الجمعية إلياس العرجا.

ويقول العرجا إن توقف حركة السياحة بسبب مرض كورونا يسبب خسائر للفنادق بأكثر من 100 مليون دولار حتى نهاية العام الجاري، معربًا عن أمله في أن لا تطول مدة الإغلاقات “لأن الوضع الاقتصادي لم يعد يحتمل أكثر من ذلك”.

ويشير العرجا، إلى أن الجمعية تعمل مع وزارة السياحة الفلسطينية على إعداد خطة لعودة قطاع السياحة قريبًا بشكل تدريجي على أن تبدأ محليًا بسكان الضفة الغربية ومن ثم الفلسطينيين داخل إسرائيل، ولاحقًا الدول العربية والعالم.

وبحسب وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية رولا معايعة، فإن حجم الخسائر في القطاع السياحي متوقع أن يصل إلى مليار ونصف المليار دولار حتى نهاية العام الجاري.

وقالت معايعة للصحفيين في رام الله قبل أيام، إن السياحة أكثر قطاع متضرر بسبب مرض كورونا في فلسطين، مشيرة إلى أن الأزمة الإنسانية أثرت بكامل القطاع سلبًا.

وأضافت أن بيت لحم أكثر المدن الفلسطينية تضررًا نتيجة اعتمادها على السياحة، سواء من ناحية الفنادق أو المشاغل أو الأدلاء السياحيين أو النقل السياحي، والتسوق والمطاعم ومزودي الخدمات السياحية غير المباشرة.

وأشارت معايعة، إلى أن الحكومة الفلسطينية حاولت دعم مختلف القطاعات، ومنها السياحة غير أن الإمكانيات في ذلك قليلة والخسائر كبيرة بحيث تفوق إمكاناتها، لافتة إلى أن عودة السياحة الدولية إلى فلسطين مرتبطة بالسياحة في العالم ووضع الطيران.

وتضم بيت لحم كنيسة (المهد) التاريخية التي بنيت على يد قسطنطين الأكبر عام 330 م فوق كهف أو مغارة ولد فيها السيد المسيح، ويعتقد أنها أقدم الكنائس الموجودة في العالم.