حديث القدس
تمر القضية الفلسطينية بأصعب مراحلها، إن لم نقل في ظروف أصعب من النكبة، وكذلك من النكسة، فالتآمر الاحتلالي – الاميركي على أشده، والدول الأوروبية تكتفي بإصدار بيانات الشجب والاستنكار لذر الرماد في العيون، في حين انها تدعم دولة الاحتلال، بل هي التي أنشأتها، لتكون شرطي المنطقة، تحول دون وحدة العالم العربي.
والدول العربية الرسمية وكذلك الإسلامية، ابتعدت عن القضية الفلسطينية تحت الضغط الأميركي الذي هدفه، إرغام القيادة الفلسطينية على الرضوخ لها، والقبول بصفقة القرن التصفوية، التي ليس فقط تنتقص من حقوق شعبنا الوطنية الثابتة، والتي هي الحد الأدنى من الحقوق، والنيل من هذه الحقوق، وإبقاء الاحتلال جاثما على أرضنا وعلى صدور أبناء شعبنا.
وبصريح العبارة، فإن الأمور على الصعيد السياسي، بالنسبة للقضية الفلسطينية تسير من سيء الى أسوأ، خاصة بعد انهيار الجدار العربي الرسمي، الذي كانت تستند اليه القيادة الفلسطينية، في مواجهة التحديات، أو على أقل تقدير بدء انهيار هذا الجدار، الذي جعل شعبنا وقيادته وحيدا في مواجهة مؤامرات التصفية، خاصة مؤامرة صفقة القرن التي طرحتها الإدارة الأميركية، ووضعت بنودها دولة الاحتلال، ممثلة بالحكومة الأكثر يمينية وتطرفا وعنصرية، بقيادة بنيامين نتنياهو.
كما أن جائحة كورونا جاءت لتزيد من الفقر الذي يعيشه شعبنا تحت الاحتلال، وأدت الى تراجع الاقتصاد الفلسطيني، الى جانب الحصار الذي تفرضه دولة الاحتلال على قطاع غزة، والذي أوصل البطالة الى أعلى نسبة في العالم، حيث وصل الى حوالي ٦٥٪ من الأيدي العاملة، خاصة في صفوف خريجي الجامعات.
كما أن وقف المساعدات من قبل الدول العربية، بسبب الضغط الأميركي وكذلك من الدول المانحة أدى هو الآخر الى تدهور خطير في الأوضاع الاقتصادية، وزادت من نسبة الفقر ووصوله الى الفقر المدقع.
وأمام هذا الواقع المر، بل الأشد مرارة على شعبنا وقضيته، فإن الواجب الوطني يحتم على الجميع العمل على إنهاء الانقسام المدمر، بأسرع وقت ممكن، من خلال تكثيف اللقاءات والحوارات، فأي تأخير في إنهاء هذا الانقسام السياسي والجغرافي، سيصب في خدمة الأطراف المناهضة، وبالتالي سيساهم في مواصلة العمل من قبل هذه الأطراف، لتصفية ما تبقى من حقوق شعبنا الوطنية الثابتة.
صحيح ان شعبنا، الذي قدم التضحيات الجسام، لديه القدرة على تقديم المزيد من هذه التضحيات على مذبح قضيته، إلا أن عدم انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية في أسرع وقت لمواجهة تحديات المرحلة، ستزيد من تضحيات شعبنا على طريق تحقيق أهدافه في الحرية والاستقلال، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
كما يحتم الواقع المرير على وضع برنامج عمل موحد واستراتيجية نضالية متفق عليها من الجميع، وتجسيدها على أرض الواقع.
وعلى الصعيد الاقتصادي وما يعانيه شعبنا في ضوء الأوضاع الراهنة فإن الدعوات للتضامن والتعاضد، باتت في هذه المرحلة مطلوبة، كما أن على القطاع الخاص، زيادة دعمه لميزانية السلطة الفلسطينية وللأسر الفقيرة، التي باتت بأمس الحاجة للدعم.
فالتاريخ لا يرحم، والزمن أصبح كحد السيف، ان لم تقطعه فإنه سيقطعك، وكذلك من ذهب يجب استغلاله بأسرع ما يمكن.